المغالبة التي تُمارسها القلة على حساب الأغلبية هي من أهم أسباب انحدار الأوضاع في ليبيا دائما إلى الأسوأ.
بهذه الكلمات عبر عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر في حديث له مع شبكة “عين ليبيا” عن تأجيل اجتماعات مجلس النواب في غدامس إلى موعد لاحق.
وقال الشاطر إن ما حدث يعتبر اغتيالا ووأدا للعملية الديمقراطية التي يتطلع إليها الشعب الليبي لبناء دولته المدنية ليتمتع الجميع بحرية الرأي وحق المواطنة والمعتقد دون الإضرار بالمصلحة العليا للوطن وسلامة وحدته.
وأشار إلى أن ما حصل في اجتماع غدامس اليومين الماضيين وفق ما توفر من معلومات هو إصرار قلة من أعضاء المنطقة الشرقية على ضمان تنصيب أشخاص بعينهم لتولي رئاسة مجلس النواب وبعض المناصب السيادية في الدولة، ما يعني سلب إرادة بقية الأعضاء في اختيار الأصلح وفق ما تظهره نتائج التصويت على المترشحين وإجبارهم على التصويت لشخص لا يقتنعون به.
و أضاف أن هذه مغالبة من القلة تندرج تحت توصيف بأنهم يمارسون عنصرية جهوية ولا ينظرون إلى ليبيا كدولة موحدة يتمتع فيها المواطنون بحق المواطنة ما يقود إلى استحالة قيام الدولة المنشودة، وبالتالي إفساح مجالات واسعة للدول الطامعة في ليبيا إلى المزيد من التدخل في شؤونها للهيمنة عليها.
كما أشار إلى أن مجلس النواب لم ينعقد انعقادا صحيحا منذ أكثر من أربع سنوات وهذا التعطيل المتعمد أدى إلى النتائج الكارثية التي تُعاني منها الدولة الليبية والمواطن الليبي، وحيث لم تنتبه هذه القلة إلى خطورة ما فعلته وتفعله بمجلس النواب فإنها تُحرك عجلة تقسيم الدولة إلى ولايات إن لم يكن إلى دول وحينها قد يندمون لأن ولاية برقة ستنقسم حينها على نفسها إلى دويلات مستقلة ذاتيا عن بعضها البعض ويتحول الصراع إلى ما بين دويلات الإقليم الذي كان واحدا.
وتابع الشاطر: “كنا نتحدث عن الجهوية والقبلية كظواهر اجتماعية غير مرغوب فيها فإذا بالقلة تُعمق الجراح وتجرنا إلى ما يشبه عنصرية جهوية طاغية الحدة والخطاب في زمن يحارب فيه العالم كافة أنواع الممارسات العنصرية ولو لفظيا”.
ونوه إلى أن الذين أفسدوا اجتماع غدامس سواء باقتناعهم الشخصي أو بممارسة ضغوط عليهم يسيؤون للدولة ولأنفسهم و ينتصرون للباطل ولن يُحققوا إلا خراب الوطن، وسينتهي الاستقرار وسيكتوون بحكم الدكتاتورية والعسكر والأجنبي وحينها لن ينفع الندم.
ولفت إلى أن ما حدث في غدامس من إفشال الاجتماع يعني تسليم ليبيا إلى البعثة الأممية لتمارس الوصاية والانتداب عليها وتعطيها البراح الواسع لتقوض فرص انطلاق الدولة الليبية الديمقراطية العصرية بارادة الليبيين فقط.
وأردف يقول: “استغرب بل إنني مصدوم مما حدث لأنه يعني خذلانا للوطن الذي يفتديه المواطن بروحه من أجل تكريس سيادة الوطن وبناء الدولة المدنية وفق معايير الديمقراطية السليمة وحق المواطنة والتداول السلمي على السلطة، فإذا بهم يتنكرون لكل هذه المبادئ السامية ليصروا على التنصيب بعنطزة جهوية متخلفة عن العصر أشخاصا يحبذونهم متناسين أنهم في القرن الواحد والعشرين وليسوا في عصور التخلف”.
واختتم الشاطر حديثه بالقول، إن ليبيا لن تستقر إلا بدستور يُنظم شؤون الدولة بسلطات ثلاث إلى التداول السلمي على السلطة إلى إدارة أموال الدولة إلى تجاوز المركزية إلى توفير حياة كريمة للمواطن، ولن يتحقق هذا مادام هناك من ينظر لمنفعة شخصية أو جهوية فقط ويُعرقل أي خطوة للأفضل، وبالتالي فليبيا ليست ملكا لأفراد إما أن يكونوا في السلطة أو يعملون على خرابها.
اترك تعليقاً