أصبح مصير اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي ضبابياً، بعد إرجاء المراجعة الأولى لعدم تنفيذ البلاد المتعطشة للسيولة الدولارية الطلبات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وكان أهمها سعر الصرف المرن وتنفيذ برنامج لبيع شركات مملوكة للدولة.
زاد من صعوبة الأمر تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال فيها، إنّ سعر الصرف في بلاده أصبح «أمناً قومياً»، وأنّه لا يمكن لحكومته الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
تصريحات السيسي عقدت المشهد بصورة أكبر وأربكت سوق السندات الدولية المصرية، كما الحال بالنسبة للمضاربين على العملة باستخدام عقود الجنيه المصري غير القابلة للتسليم.
وكانت هي المرة الأولى التي يردّ فيها السيسي بشكل مباشر على الضغوط التي تتعرض لها بلاده من صندوق النقد الدولي من أجل مرونة أكبر لسعر الصرف دون أن يذكر اسم صندوق النقد الدولي في حديثه، لكن الإشارة كانت واضحة.
وقالت المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا في حوار مع «اقتصاد الشرق»، إنّ المؤسسة الدولية تخوض نقاشات جيدة جداً مع السلطات المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة.
وتابعت غورغييفا أنّ هناك خطوات كثيرة صائبة أقدمت مصر على تنفيذها لكنها بحاجة إلى تقييم البيئة العالمية المتغيرة وتحديد طريقة تسمح لها بتعزيز تنافسية اقتصادها.
وحددت غورغييفا 3 خطوات لمصر، تتمثل في انسحاب الدولة من الأنشطة، ودعم القطاع الخاص، وبذل المزيد من الجهود لتخصيص الدعم للفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية.
وترى غورغييفا أنّه مع وجود أسعار صرف متعددة، يحصل بعض الناس على امتيازات بينما يُحرم آخرون منها. أضافت: «كما نعلم أن دعم العمل دون وجود ما يكفي من الاحتياطيات من العملات الأجنبية يؤدي إلى استنزاف هذه الاحتياطيات.
وأكدت غورغييفا على ضرورة اتخاذ مصر الإجراءات الضرورية لحماية هذه الاحتياطيات من العملات الأجنبية، مشيرة إلى أنّ الصندوق سيظل جاهزاً لاستكمال النقاشات مع السلطات المصرية.
في ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج مدته 46 شهراً لمصر الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات.
المراجعة الأولىالتي سيصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، كان يُفترض أن تتم منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظراً لتأخر الحكومة بتنفيذ برنامج الطروحات، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة، ومن المفترض أن تتم تلك المراجعة في سبتمبر المقبل.
واستلمت مصر أول دفعة من صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي بقيمة 347 مليون دولار، ومن المقرر استلام الدفعات الباقية في مارس وسبتمبر من كل عام وتحديداً من 2023 إلى 2026، وهو ما لم يحدث بعد.
غموض الوضع الحالي ساهم في تعميق تراجع السندات الدولية المصرية التي هبطت 4% خلال جلستي الخميس والجمعة الماضيين، وأكملت التراجع هذا الأسبوع، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 20%.
اترك تعليقاً