من النادر أن نتفق على المصطلحات التي نتناولها في نقاشاتنا ولو تحدثنا بنفس اللغة، لذلك تستهل الكثير من الدراسات البحثية بتعريفات موجزة للمصطلحات المستخدمة، كذلك نجد أن الكثير من الانظمة الأساسية أو اللوائح الداخلية تعرف مصطلحاتها من البداية بحيث لا يختلف في تأويلها.
مصطلح العنوان:
لا توجد سياسة خارج عمارة الأرض وخدمة الإنسان، فالسياسة التي تصنعها أيديولوجيا ترفض كرامة الإنسان بأي ذريعة ستكون عنصرية وستحرض على الكراهية وستصنع متوحشين يمارسون الموت بالجملة، وهذا ما حدث بمسجدين بنيوزيلندا، حين تشبع المتوحش برينتون تارانت بايدولوجيا العنصرية صنعتها تكنولوجيا مدمرة نتيجة سياسات عنصرية متعصبة ضد الأخر، صقلت مواهبه ألعاب القتل الالكترونية وساعدته وسائل التواصل الاجتماعي العصرية ليبث مباشرةً للعالم ممارسته للقتل وبالجملة.
شرعنة السياسة العنصرية:
من السهل التلاعب بالألفاظ والاستناد إلى حرية الفكر وتأسيس أحزاب سياسية، ولكن يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التحذير بتحريم وتجريم أي سياسة، من خلال أحزاب، تذعن لتفسيرات دينية لا تحترم آدمية الإنسان وحرية خياراته، التي لا تضر بالآخرين، وتكون مدعاة للكراهية وقتل النفس التي حرمه الله إلا بالحق :”ومن قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً”. فكل المتطرفين الملتحفين بعباءة الدين سواءُ اسلامية أو مسيحية أو يهودية أو غير ذلك على العالم، متمثلاً في محكمة الجنايات الدولية، أن يصدر بحقهم مذكرات قبض ليتم اعتقالهم ومحاكمتهم وعزلهم عن الناس عندما يتأكد للمحكمة تسمم أفكارهم ومرض أنفسهم بالتوحش ورغبة القتل وسفك دماء الأبرياء. وقد لا نستثنى من ذلك نائبة عنصرية استرالية مثل بولين هنسم تدعو من تحت قبة البرلمان الاسترالي إلى الكراهية والعنصرية المقيتة!
السياسة الاستخباراتية بلا أخلاق تصنع تكنولوجيا الموت:
طبيعة نيوزيلندا الخلابة وهدوء سكانها ترك عند الكاتب انطباع عند زياتها قبل عقد من الزمن بأنها أفضل مصحة في العالم لمعالجة المتوحشين لذلك كانت الصدمة بعد حادثة إطلاق النار بكرايسشيرش في 15 مارس 2019. الافراط في استخدام القوة ببعض المجتمعات اليوم تدعمه قوى خفية حقيقية (الاستخبارات) تعتمد على ثلاثة ركائز أساسية وتتمثل في ألأتي:
· التدخل في أسواق المال والسلاح.
· تمويل تكنولوجيا الموت.
· الميكافيلية كنهج أخلاقي.
عوضاً أن تعمل الاستخبارات كدرع حامي لسياسة البلاد من أي اعتداء عليها نجد أن الاستخبارات العالمية تصنع الكراهية وتشعل الحروب لتحريك اقتصادها بتشغيل مصانع التسليح ومعدات تطبيب ضحايا الحروب وكذلك مقاولات الأعمار لما تم تدميره وخلق فرص عمل لمواطنيها وبناء الاستقرار وحماية مصالح دولها. فالاستثمار في الصناعات الحربية يتطلب إشعال حروب هنا وهناك وربما الدفع بالشعوب المتعطشة للحرية و التحرر، من سياسات القمع التي يمارسها حكام العالم الثالث، إلى هاوية الحرب والمواجه المسلحة، كما يحصل اليوم تحت مظلة ما يسمى الربيع العربي، مما يتيح فرصة تحريك أسواق الصناعات الحربية، والطبية، والغذائية المعلبة، وصناعة المخيمات لبيع الذمم وربما حتى الأطراف البشرية!!! ومقاولات أعادة البناء والأعمار لما دمرته الحرب. نعم بالكراهية تولد الحروب ومن الحروب هناك دول تكسب المال وتحرك عجلة اقتصادها!!!! نعم مصانع السلاح أنتجت آلة القتل بالجمل اليوم ، يستغرب الكاتب شرعنة حملها، ليستلمها المتوحش برينتون تارانت قد تجد من يطلق عليه مريض نفسي ولكن غداً ستكون بيد روبوت آلي لن تجد من سيلقي عليه اللوم أو يعاقبه!!!!!
تمول الاستخبارات بحوث تصنع آلات حربية تعمل على استهداف حياة الانسان وسلبها في أقصر وقت ممكن ولأكبر عدد دون رحمة أو شفقة. بل وصل التفنن اليوم بأن تبيد الإنسان وتبقي على ما حوله من مباني وناطحات سحاب. وتدرجت بحوث نمذجة Simulation الحروب والقتل إلى طرحها في السواق كألعاب إلكترونية ترفيهية تحول اللاعب إلى متوحش (مثل برينتون تارانت ) يشتهي الموت لمخاليفه ويرفض ناموس التنوع الإنساني والاختلاف “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين” أو لمن هم على الطرف الأخر من مدرجات الحياة.
اختراق خصوصيات الناس واستباحة أي فعل دون الخضوع لمسطرة الأخلاق وغياب القيم الإنسانية يعني الانحطاط! ففي المجتمعات القوية اليوم بات مفهوم ممارسة الحب كقيمة إنسانية تعانق عنان السماء تسقط إلى وحل الأرض وإلى الغرائز البهيمية وتشرعن الزنا. بالطبع لا يختلف ذلك عن من كان ولازال يرى بأن الفحولية هي سلب إرادة الحرائر باستعبادهن واغتصابهن وسبيهن. عندما يشرعن اللواط والسحاق وتناقش برلمانات منتخبة حقهم في تبني أطفال أبرياء فلا نستغرب أن تنتج مثل هذه المجتمعات لقيط الفكر والوجدان ليتلذذ وهو يبث للعالم جرائمه الدنيئة !!!!!
الموت حق الله واستثناء للإنسان:
مع أن الأصل في الحياة الموت ومن الموت يصنع الخالق سبحانه الحياة :”الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا” وبالحياة تختبر الأعمال لنموت ونبعث للحساب والحياة الأبدية وفي رحلة الموت والحياة ثم الموت والحياة يلتبس علينا فستعجل الموت لأنفسنا أو للأخر وممارس فعل الموت كافرين بالخالق سبحانه وهو ينكر عنا ذلك : “كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يمييتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون” إذن ففعل الموت في الأصل حق إلهي فقط وتظل حالة الاستثناء هي التي يمنح فيها الإنسان هذا الحق عندما يتوافق مع قواعد فطرة الإنسان تكريساً لاستمرارية الحياة !!! اللهم أرحم ضحايا نيوزيلندا والعالم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اللهم أمين