مع قناعة الكاتب بأنهم كُثر من يعرفون عربدة وفجور الداعشي حفتر وقد أكد بعض الضباط الذين أسروا معه في معركة وادي الدوم في 22 من مارس 1987، بأنه سكير ومدمن خمر وعربيد ولكن ما يميزه هو أنه حرباء يتلون بحسب ما تملي عليه الظروف وهذه المهرات مكنته من أن يكون خريج مدرسة استخبارتية تسلبه الإرادة وتستغله للعمليات القذرة التي يتجرد فيه الإنسان من آدميته لتحول إلى أداة للفجور والقتل والتدمير ولو كان من تحت عباءة دينية!.
مع نهاية شهر يوليو الماضي والمسلمين في العالم يستقبلون عيد الأضحى يطل علينا الداعشي حفتر مستغلاً هذا الحدث الديني من ساحة كتيبة طارق بن زيادة المدخلية التكفيرية متستراً بجبة الدين ليستخف ويستهزأ بحكومة الوفاق، المالكية الأباضية، المعترف بها دولياً ويدعو الشعب الليبي لإسقاطها! بل يتمادى في غيه ويتجاهل الاتفاقية الأمنية والبحرية بين ليبيا وتركيا، الحنفية النقشبندية، وينعت بفجور واضح وفاضح السيد رجب طيب أردوغان بأنه “معتوه” والقوات التركية الداعمة لقوات الوفاق بالقوات الغازية!.
التضاد مع الاسلام المعتدل:
يرى الكاتب بأن الصراع الفكري ولو كان دينياً فرصة لتنقيحه من الشوائب التي تتسبب فيها أنانية الإنسان وحقده على الأخر، إلا أن هناك من لا يملك الحجة فيلجأ إلى الحرب ويكون وقود هذه الحرب تأجيج العاطفة الدينية أو المذهبية! وتدرك بعض الدوائر الاستخباراتية الغربية بأن إشعال الحرب الدينية ضد الاسلام قد لا تكون مضمونة وستكون مكلفة حيث نداء حي على الجهاد بات يرعبهم، ولكن في المقابل الحرب المذهبية قد أتت أُكلها مع بدايات القرن الماضي بعد انهيار الدولة العثمانية “الاسلامية” مستغلين الفروق المذهبية. فبعد أن نجح الغرب في فتح أقسام علمية للدراسات الاسلامية والاستشراق بجامعاتهم ومراكزهم الأكاديمية بل جعلت الكثير من المنح لاستكمال الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه لأبناء وبنات المسلمين بهدف توظيف كمعاول هدم للقيم اإنسانية التي جاء بها اإسلام ويصور الإسلام مقروناً بالسف والذبح!.
التاريخ يقول بأن إشعال الحرب ضد الإسلام سينتهي بانتصار الإسلام في الجولة الأخيرة. نعم الحرب المذهبية هي التي يخسر فيها الإسلام ولعمري أن مطابخ الفكر السياسي والاستخباراتي أدركوا ذلك فهم ليسوا مؤيدين للصدام مع الاسلام ولكن يعملون وبقوة للتحطيب للحرب المذهبية! فمن الحرب العربية الوهابية ضد العثمانية على مذهب أبوحنيفه ، إلى الحرب السنية العراقية ضد الشيعية الفارسية وانتهاءً بالحرب الجهادية الأفغانية ضد الملاحدة السوفيت. والأخيرة ولو أنها لم تكن مذهبية ولكنها صورت على أنها الإيمان والتوحيد الإفغاني ضد الكفرة الملاحدة السوفيت! ورب سائل لماذا هذه القوة للإسلام؟.
وقد تلخص الإجابة في النقاط التالية:
• التوحيد وإرجاع ما في الكون لواحد أحد فرد صمد مفهوم بسيط يقبله الإنسان البسيط “البدائي” والفيلسوف والعالم المطلع عن أسرار الكون وحقائق الطبيعة ونواميسها! بينما مع سماحة القيم المسيحية لكن تظل معضلة قبول ثلاثة تساوي واحد غير مقبولة! ونجد اليهودية منكفئة على نفسها! بل أسيء توظيفها بالصهيونية بشكل أبشع من المدخلية وداعش ضد الإسلام.
• الإسلام منفتح على الجميع بالرغم من محاولة تعريبه ولكن دائما تنتصر إنسانيته ليتغلغل الاسلام تقريبا في جميع أركان ومفاصل دول العالم. وتسقط جميع محاولات نعته بالإرهاب ونجاح أعدائه نسبياً في خلق صورة نمطية غير جذابة عن المسلم/ة!
• مع ما يمارس من إجحاف وظلم في بلاد “المسلمين” إلا أن الاسلام بنصوصه قطعية الورود والدلالة ينتصر بانحيازه للحرية في المعتقد وما لا يضر الأخر أو لا ينتج عنه مفسدة وتظل العدالة الاجتماعية أساس لقيم كثيرة يدعو لها الإسلام.
• وتظل القوة الخفية للإسلام التي لا يمكن وصفها ولكن يستطيع المسلمين بإخلاصهم لله أن يولدوها لتكون قوة للخير والعدل والسلام.
ضرب الإسلام بالمذهبية التكفيرية!
قبل ميلاد بؤرة التوتر في منطقة الشرق الأوسط “إسرائيل” وضمن محيطها ابتدعت الوهابية النجدية التكفيرية التي كانت خير عون للحلفاء المسيحيين الكاثوليك والبروتستنت لضرب الإسلام المعتدل العقلاني في تلك الفترة والذي يمثله المذهب الحنفي والتهذيب الروحي بالطريقة النقشبندية! بالتأكيد تضاد المسيحية مع الإسلام أنجب الصهيونية “اليهودية” وكان خدمة لتأسيس دولة إسرائيل. نعم لعب المذهب التكفيري المسمى تجاوزاً “بالسلفي” لظهور دولة دينية بعد القضاء على الدولة العثمانية بمساهمة الوهابية التكفيرية. الحرب لم تعلن ضد الإسلام وإلا لكانت الخسارة للحلفاء ولما كانت إسرائيل ولكن النجاح الذي حققه الحلفاء والصهيونية “اليهودية” كان بسبب إشعال الحرب المذهبية بين المذهب الوهابي التكفيري المتحجر الجامد على النصوص المتجرد والخالي من أي نفحات روحية صوفية ضد مذهب أبوحنيفه المنطقي العقلاني وبصفاء روحه النقشبندية المتألقة المعانقة للسماء.
لن تنتصر المذهبية اليوم!
تاريخياً ظهرت المذاهب الدينية مع الصراع السياسي على السلطة.. واليوم يستخدم الداعشي حفتر أو أسياده “داعمي الاستبداد” نفس الأدوات المذهبية “الوهابية التكفيرية” المستخدمة مع بداية القرن الماضي من الألفية السابقة لن تجدي نفعاً. فالحرب العالمية الثانية وظفت ، وبشكل نسبي حسب المصلحة السياسية الاقتصادية العلمانية، فيها الكاثوليكية والبروتستنتية مع الوهابية التكفيرية خدمة للصهيونية “اليهودية” ضد الأرثوذكسية والحنفية الصوفية وانتصرت الوهابية التكفيرية وهزم المذهب الحنفي!.
اليوم بدأت تلوح انتصارات المذهب الحنفي والمالكي والإباضي على معول الاستبداد الوهابية المدخلية التكفيرية، ولو أدعت السلفية، وتنتصر البروتستنتية وبعض المجموعات الكاثوليكية على مجموعات من الكاثوليكية والأرثوذكسية. قد يتضح لنا بأن هناك خلط في الأوراق المذهبية نتيجة للمصالح المتضاربة وبأن المنتصر الوحيد بدون خسائر الصهيونية بحكم الدهاء والفعل السياسي! إلا أن ما نستطيع الجزم به اليوم بأنه ستهزم الأرثوذكسية والوهابية وبعض الفصائل الكاثوليكية وستنتصر الحنفية والمالكية والإباضية مع البروتستنتية وبعض الفصائل الكاثوليكية!.
ما يميز العالم اليوم بأن المصالح الاقتصادية أكبر بكثير من الشطحات المذهبية وهي التي تفسد المخططات ضد ليبيا وتركيا فالمذاهب الإسلامية المعتدلة كالمذهب الحنفي والمالكي والإباضي هي المنتصرة لو أُحسن التفاوض بشأن المصالح الاقتصادية لإفشال مشاريع الاستبداد التي تدعمها الصهيونية “اليهودية” المنحازة للمذهب اللاعقلاني التكفيري المدخلي الوهابي وراعيته بامتياز فرنسا وخدمه الإمارات والسعودية ومصر، ومستغلته روسيا وتناور به أمريكا!
أذن فالداعشي حفتر يخدم مشروع الاستبداد ويتستر ظاهرياً بحمل لواء السلف وحقيقةً هو أداة للتيار “المدخلي” ومعول هدم للحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان :”ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ” سورة الإسراء آية 77.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً