الخارجية الليبية وسفاراتها بالخارج عالم مجهول مغلق، تصرف عليها الدولة أموال طائلة ولكنها لا يرتقي سابقا أو حاليا إلى مستوي العمل الدبلوماسي الذي يتمثل في إرساء روابط تعاون بين الشعوب وتدليل الصعاب وفتح أفاق التنمية والإستثمار بين الدول والمساعدة على تأمين أحتياجات الدولة، ناهيك عن تمثيل الدولة في البلد المضيف والتعبير عن مواقفها والدفاع عن إختيارات شعبها كلما لزم ذلك.
للأسف على مدى عقود طويلة كانت “المكاتب الشعبية” شعبوية إلى حد كبير، فإختيارهم لم يكن يوما لصيقا بالكفاءة والمهنية بل بالولاء والجهوية أو القبلية والشللية، وبذلك أصبحت الكثير من السفارات شلل لمنطقة أو مدينة معينة، بل سفارتين في دولة واحدة كما حدث في مصر وروما و تراشق بين موظفيها، فمثلا سنوات العهد السابق كانت بكين ولشبونة وأثينا وعمان سفرائها من الشرق الليبي، أما باريس ولندن وبون وروما والدار البيضاء للغرب الليبي ونيامي وأنجامينا وكوتونو وأكرا للجنوب الليبي ناهيك عن بعض الدول الخاصة مثل مصر لأحمد قذاف الدم لسنوات عديدة.
ورغم وجود المعهد الدبلوماسي لقرابة أربعون سنة فإن معظم المبعوثين إلى السفارات لم يطرقوا أبوابه يوما، وأن الكثيرين منهم لا يجيدوا سوى العربية وبمستوى ضعيف وليس لهم مهارات تقنية تُجاري العصر بل أن منهم من ليس له بريد إليكتروني (كما قال كريستوفر وينر عن سياسيوا ليبيا)، بهكذا مستوى من الموظفين والمسئولين تصبح السفارة عشا للدبابير، ليس لمنتسبيها سوى المحافظة على بقائهم لمدة أطول من أجل تحويل مرتباتهم العالية في السوق السوداء وتأمين حياة لهم من رغد العيش بلا فائدة تذكر.
في السابق ربما عدد المسئولين والموظفين في قرابة المئة سفارة محدودا، ولكن إنتشار المحسوبية وإزدهار عدد الحداق وعدم الإلتزام بالقوانين واللوائح النافذة لإختيار العاملين بالسلك الدبلوماسي جعل من السفارات فنادق كبيرة مرفهة؛ فمنهم الملحق العسكري والثقافي و المسئول المالي ومساعديه والإداري ومرافقيه وأخر لشئون الطلبة ومجموعة للقنصلية وأخرين للبريد والتسفير وجماعة إحتياط وهكذا دواليك في دول ليس لليبيا علاقات ثقافية ولا إقتصادية ولا عسكرية ولا أحد يذكرهم سوى عند توزيع الميزانيات بين سفارات القارات، ومن هذه أكثر الدول الأفريقية ودول شرق أسيا وأمريكا الجنوبية.
أحد الموظفين في أمريكا الشمالية في بداية الألفينات يقول أننا في السفارة ليس لنا إلا الذهاب للنوادي أو مشاهدة التلفزيون أو الذهاب إلى بكين لأجل التسوق ولأشهر، حيت أننا لا تري ليبي واحد في تلك الدولة.
ليبيا في سنة 2016 لها قرابة 100 سفارة من بنما وسوتومي إلى الصومال واستراليا، فما الذي سيحدث لو أغلقت ستون سفارة وإدماج عشرون أخرون في خمسة سفارات، إلا توفير الكثير من العملة الصعية التي جل الليبيون في حاجة لها لشراء معدات المستشفيات أو الأدوية أو معدات التشغيل. ديوان المحاسبة في تقاريره للسنوات 2015 إلى 2018 يكشف الملايين من الدولارات التي تهبت من السفارات، منها ما هو بإسم العلاج أو منح الطلبة أو تحويلات ليست من الميزانية، وتحويلات لا علاقة لها بالسفارات.
المشكلة أن وجود هكذا كم من أنصاف الموظفين من ذوي المرتبات العالية لا فاعلية لهم حتى عندما تحتاج الدولة إلى من يوصل صوتها إلى العالم، فقصف العاصمة بأسلحة ثقيلة والعدوان عليها من مهوس بالسلطة أبكم وعقد ألسنة هؤلاء الموظفين ووزارتهم لينحازو إلى مرتباتهم وليس للدولة خوفا من أن ينجح الإنقلاب فيرمي بهم إلى سابق أعمالهم التي هربوا منها، ولذا لم يدلى أحد منهم أن الدولة الليبية في خطر وأهل العاصمة يقتل أبناتئهم ويوع صغارهم وتهجر عائلاتهم، وأن الرجوع لحكم الدكتاتورية على الأبواب. ولا يخفي على البعض تأمر بعض السفراء على النظام الحالي في ليبيا من أجل قلبه إن إستطاع إلى ذلك سبيلا.
وزير الخارجية له تصريحات مشينة سابقة؛ مفادها أن خليفة حفتر هو القائد العام للجيش والذي أثار حفيظة الكثير من الليبين بأن يكون القائد العام للجيش هو من يكتسح العاصمة بالقواذف وحمم النيران؟ وزير الخارجية إلتزم الصمت وراهن على ركوب القطار المتحرك الرابح، وهو أسلوب بعيد عن المبادئ، فلم نرى له إتصال بالفاعلين الدوليين ولا بدول الجوار المنغمسين في الشأن الليبي بل نرى تمييع عند الإتصال بوزير خارجية الجزائر الغارق في أتون المعارضة أو الإتحاد الأفريقي الذي رفع عنه القلم. ونرى أن وزير الداخلية أكثر جراءة ووضوحا من جميع السفارات وموظفيها.
نأمل من المجلس الرئاسي إختيار شخصية وطنية فاعلة من أجل تمثيل وتصحيح صورة ليبيا أمام المحافل الدولية والدود عن أرضها والدفاع عن مكتسباتهاعلي المستوى الدولي ولا شك تطهير السفارات مما يعتليها من علل وهانات لا تليق بصورة ليبيا المشرف ضرورة تتقتضيها الشفافية والحكم الرشيد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
أخي عيسى بغنى المحترم ، بارك الله فيك وجزاك الله خير وصحة وسلام على هذا المقال ، أين هم من يسمع عصابات لصوصية وفساد فى كل مكان سوى فى ليبيا أو خارجها ، وسوف يقوموا بالفساد حتى ولو فى جهنم ، قال الله سبحانه وتعالى ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) .
كلام جميل ولكن انت من تسال ( نأمل من المجلس الرئاسي إختيار شخصية وطنية فاعلة من أجل تمثيل وتصحيح صورة ليبيا أمام المحافل الدولية) كيف تسال من لا وطنية لهم مغروسين دخلوا بفرقاطة بان يختاروا شخصية وطنية من هو الوطني الذي سوف يقبل ان يشتغل معهم ….. العيب ليس في السؤال العيب في من تسال
أستاذ جامعي مهتم بالشأن الليبي….
ليبيا في سنة 2016 لها قرابة 100 سفارة…
ليش قرابة ..ليش الاستاذ الجامعي لم يبحث عن المعلومة الصحيحة وينشرها كما هي ..كم سفارة وكم موظف من هم ومن اين احصائيات دقيقة من الواقع وهذا كان مشروع بن خيال الذي ابعد من الخارجية خوفا من اصلاحاته..ليبيا اليوم تحتاج لسفارة واحدة لكل قارة ويمكن ان تبحبحها شوية وتجعل سفارتين في كل من آسيا و اوروبا…هذا قد يتحقق عندما تتحرر البلاد و يوضع الانسان المناسب في المكان المناس وبالمعاير الصحيحة بعيدا عن القبلية والجهوية. حفظ الله ليبيا ونصر جيشها حامي حماها .
مع تحياتي للجميع هناك تفاصيل كثيرة ﻻ اريد سردها منها عدد السفارات وكيف تقليص 17 سفارة ثم فتح من جديد. ولكن الموضوع التنويه لقضية وليس تقرير وظيفي عن الخارجية . تفاصيل وخبرة ﻻ داعي لنشرها
سيد عبدالحق. الدولة لها رئيس وحكومة ممثلة في الهيئة الأممية.
يعني الهيئة الاممية تقرر من الرئيس والحكومة ؟ وعن اي دولة تتحدث اخي الدكتور عيسي يغني المحترم … مع فائق الاحترام
استاذ عبدالحق استقلال ليبيا صناعة من الامم المتحدة . والعالم ﻻ يعترف الا بمن هو معترف به من الهيئة الدولية . والدليل داعش و طالبان وحتى اليمن الشمالي خاج الخريطة.
من شدة الصدمة التي يعيشها الكاتب بسبب انتصارات الجيش ، ها نحن نقرأ له هذه المقالة العفنة كعفن وجهه “وأصله” ، هذا الكاتب العرقي العنصري يصف قائد الجيش العربي الليبي بأقبح الصفات ولا يستحي ! . من أين عرفت وكيف استنتجت أن قدائف الصواريخ على المدنيين جاءت من الجيش وليس من المليشيات ؟ هل لك أي دليل ملموس يا وقح ؟ أم إنه فقط الحقد والكره الذي في قلبك ؟ شئت أم أبيت الجيش منتصر . وأن لم ينتصر الجيش ، فداعش هو الذي سينتصر ، والنتيجة التي سترى بأم عينك هي فتوى داعش ضد الأباضية !!! يعني كرهت أم حبيت ، الجيش العربي الليبي من جهة وداعش من الجهة الاخرى ، بقى امامكم معبر غدامس للهروب إلى تيزي وزو . سأنتضرمقالك التالي عندما يدخل الجيش إلى طرابلس !