يواجه الحوار الوطني في السودان الذي أطلقه الرئيس عمر حسن البشير عام 2014 خطر الفشل في ظل التفاف قوى المعارضة وتقاربها وحالة التصدع التي لازمت مشاورات أحزاب آلية الحوار، باالاضافة الى التذمر من التعديلات الحاصلة في الدستور لتعزيز صلاحيات قوى الأمن.
ومع حالة النفور الكبيرة من المشاركة في الحوار الوطني من قبل أحزاب المعارضة الموقعة على وثيقة “نداء السودان” بدأ البشير يفقد كل الخيارات في حلحلة الأزمة السياسية، خاصة مع تلويح رئيس حركة “الاصلاح الان” غازي صلاح بمغادرة الحوار جراء السياسة الاقصائية للحزب الحاكم.
واطلق البشير “الحوار الوطني”، في 27 يناير/كانون الثاي 2014، لكن مبادرته واجهت تعثرا بعد انسحاب حزب الأمة ورفض الحركات المسلحة وقوى اليسار التجاوب معها من الأساس.
وتوصل رئيس حركة “الإصلاح الآن” غازي صلاح الدين وزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، الاثنين، لاتفاق بالقاهرة من 5 بنود، كما رهن الحزب الحاكم لقاء آلية الحوار والبشير بتجاوز أحزاب المعارضة لخلافاتها.
ويأتي لقاء المهدي وغازي بالقاهرة بعد ملاسنات بين المؤتمر الوطني الحاكم وحركة “الإصلاح الآن”، اتهم فيها الحزب الحاكم الحركة بمحاولة افشال الحوار وخيرها بين المواصلة فيه أو المغادرة.
وحسب بيان مشترك للمهدي وغازي فإن مباحثات الطرفين خلصت إلى خمسة بنود، أولها نص على أنه “لا حوار حقيقى إلا بتوفير مستحقاته التي أجمعت عليها القوى السياسية والتي تماطل الحكومة في الوفاء بها”.
ويرى مراقبون أن نظام يباشر يداهن قوى المارضة من خلال توجيه نداءات ضرورة المشاركة في مشاورات الحوار ثم يقوم بخطوات احادية الجانب تعزز مظاهر الديكتاتورية في البلاد، الى جانب عدم الايفاء بالوعود الذي يطلقها لتشريط الجميع في صياغة القرار.
ورأى كل من المهدي وغازي التعديلات الدستورية والطريقة التي أجيزت بها أخيرا تؤكد عدم جدية الحكومة في الحوار الوطني بأعتبار أن التعديلات الدستورية هي أحدى أهم بنود الحوار، وتعهدا بالعمل معا من أجل توحيد مواقف القوى السياسية حول القضايا والمواقف الوطنية.
وأقرر المجلس الوطني السوداني (البرلمان) الاحد تعديلات على الدستور عززت صلاحيات جهاز الامن الوطني والمخابرات الذي يشرف على القتال مع مسلحين مناوئين للنظام في مناطق عدة من السودان، كما اتاحت من الان فصاعدا للرئيس عمر البشير تعيين الولاة بدلا من انتخابهم.
ورفض الزعيمان المعارضان ما أسمياه بـ”استراتيجية الحكومة القائمة على فرض الانتخابات كأمر واقع وفق شروط المؤتمر الوطني”، وأشارا إلى أن الانتخابات من أهم بنود الحوار الوطني وقيامها بدون أستيفاء الشروط الضامنة لنزاهتها هو مجرد محاولة لأكتساب مشروعية غير مستحقة.
وترفض قوى المعارضة قيام الانتخابات في موعدها وتطالب بإرجاء العملية لحين تشكيل حكومة قومية لفترة انتقالية تشرف على تعديل القوانين والدستور ومن ثم إجراء انتخابات معترف بها.
ويرى خبراء ان النظام السوداني لا يبدي أي نية رسمية لتشريك قوى المعارضة في المشهد السياسي وأن كل محاولات المغزلة الحالية تأتي كخطوات لضمان الانتهاء من اجراء انتخابات والانقضاض مجددا على السلطة واحتكار الحكم.
وسبق أن قال نائب رئيس حركة “الإصلاح الآن” عضو آلية الحوار حسن رزق إن قوى المعارضة تبدي اهتماما أكبر بالحوار مقارنه بالحكومة وحزبها، وأشار الى ان تعطل مشروع الحوار يعود لانشغال المؤتمر الوطني بالتحضير للانتخابات وقبلها انصرافه الى ترتيبات مؤتمره العام.
وأجلت المفوضية الانتخابات مدة 11 يوما حتى نيسان/ابريل 2015. كما اجلت الترشيح للانتخابات من 31 كانون الاول/ديسمبر حتى 11 كانون الثاني/يناير 2015.
حوار فاشل