أعلنت الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية، رفضها ترشح رئيس المجلس الأعلى للقضاء لأي منصب سياسي دون تقديم استقالته.
جاء ذلك في بيان للجمعية تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه، تعليقاً على بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الذي تضمن الإعلان عن أسماء المرشحين للمجلس الرئاسي والحكومة المقبلة، وكان من ضمن الذين ترشحوا المستشار محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس المحكمة العليا.
وذكر البيان: “إن الجمعية القضائية من بين أهدافها الدفاع عن استقلال القضاء ووحدته الأمر الذي يجعلها تُحذر من انتهاك مبدأ الفصل بين السلطات، وترفض رفضا قاطعا إدخال القضاء في محاصصة سياسية جهوية مقيتة، مقتدية في ذلك بالثوابت القضائية التي تسير عليها.
وأضاف البيان: “ومع التزام القضاء تاريخيا بهذه الثوابت تتفاجأ الجمعية القضائية بأن رئيس السلطة القضائية (المستشار محمد الحافي) يرشح نفسه للسلطة التنفيذية في انتهاك خطير وغير مسبوق لمبدأ الفصل بين السلطات، ويُشكل تهديدا واضحا لوحدة السلطة القضائية وحيادها لا سيما في هذه المرحلة الحرجة التي تحتاج إلى المحافظة على استقلال القضاء ووحدته وتماسكه والذود عنه”.
وأشار البيان إلى أن مطالبة الجمعية القضائية بتحييد القضاء، وإبعاده عن مستنقع السياسة يعني أنها لن تقف متفرجة لأي انتهاك يطال مبدأ استقلال القضاء وإن مارسه من على سدة المجلس الأعلى للقضاء بالتدخل في الشأن السياسي والترشح لعضوية السلطة التنفيذية.
وأكدت الجمعية القضائية أنها لا تنكر حق أي مسؤول قضائي في الترشح لأي منصب سياسي بما في ذلك المستشار رئيس المجلس الأعلى للقضاء شريطة أن يتقاعد أو يستقيل من منصبه القضائي أولا ولا يترشح أثناء مباشرة عمله لأنه لا يمثل نفسه بل يمثل سلطة قضائية مستقلة.
وتساءلت الجمعية: “إذ كيف يستساغ أن يكون رئيس السلطة القضائية رئيسا للسلطة التنفيذية في ذات الوقت؟ وكيف سيكون حال القضاء إذا لم يفز في الانتخابات ولم يمنح الثقة؟ أو إذا فقد ثقة نواب الشعب؟ وماذا سيكون الحال إذا فاز في الانتخابات وأدى ذلك إلى انقسام السلطة القضائية وتفككها؟ أو إذا فشلت السلطة التنفيذية في القيام بمهامها أو إذا استمر الانقسام السياسي وزادت المعاناة وعادت الصراعات والنزاعات من جديد؟”.
وتابعت: “إذا كانت الغاية من مبدأ الفصل بين السلطات هي حيدة القضاء ونزاهته وتفرغه للفصل في الخصومات، فكيف ستفصل الدائرة الدستورية التي يرأسها المترشح لمنصب سياسي في الطعون المقامة أمامها؟ وبماذا ستبرر تدخلها في الشأن السياسي؟ وكيف ستتحول السلطة القضائية من أداة لتطبيق القانون وتحقيق العدل إلى أداة لمخالفته وانتهاكه؟”.
ونوهت الجمعية القضائية إلى أن الدساتير ومن بعدها القوانين أكدت على عدم تدخل القضاء في الشأن السياسي حيث تنص المادة 32 من الإعلان الدستوري المؤقت على أن (السُّلطـة القضائيـة مُستقلة…).
وتنص المادة 64 من قانون نظام القضاء رقم 6 لسنة 2006 على أنه (يحظر على أعضاء الهيئات القضائية الاشتغال بالأعمال السياسية…..).
وتنص المادة 12 من قانون إعادة تنظيم المحكمة العليا رقم 6 لسنة 1982 على أنه (يحظر على المستشار بالمحكمة العليا مزاولة الأعمال التي لا تتفق وكرامة الوظيفة واستقلالها).
وأضافت الجمعية في بيانها: “وحيث إن ترشح رئيس السلطة القضائية كان لغرض العمل السياسي (عضوا في المجلس الرئاسي الذي يمارس صلاحيات رئاسة الدولة) وأن مزاولة العمل السياسي يتعارض مع الوظيفة القضائية واستقلالها، بل يهدر أهم ركائز يعول عليها القضاء وهي الاستقلالية والوحدة والحياد.. لذلك فإن الجمعية القضائية ترفض رفضا مطلقا وواضحا وصريحا ترشح السيد رئيس المجلس الأعلى للقضاء لمنصب سياسي وتطالبه فورا بسحب ترشحه أو إعلان استقالته من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا حفاظا على هيبة القضاء واستقلاليته ووحدته، فلا مجال للمجاملة في الدفاع عن القضاء ولا مراهنة على الثوابت القضائية، ولا خوف ولا وجل في قول الحق والانبراء خلفه والذود عنه”.
وأهابت الجمعية القضائية بالجمعية العمومية للمحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء بضرورة الانعقاد العاجل لاتخاذ موقف حاسم وحازم يحفظ وحدة القضاء وتماسكه واستقلاليته وحياده حتى وإن اضطروا إلى إقالة المستشار رئيس المجلس وإيقافه عن العمل في حال رفضه سحب ترشحه.
كما طالبت الجمعية القضائية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ولجنة الحوار الوطني بعدم المساس بالسلطة القضائية ورفض ترشح أي مسؤول قضائي مهما كان ما لم يستقِل من مهام مسؤوليته أولا لأن استمرار ذلك ينتهك استقلال القضاء.
وحذّرت الجمعية القضائية من هذه التصرفات غير مدروسة العواقب، وخطورة نتائجها على المستوى القضائي والوطني بعمومه، وحمَّلت المسؤولية القانونية والوطنية والتاريخية الكاملة لكل من أراد المساس بالسلطة القضائية أو محاولة إضعافها مهما كانت صفته ومركزه ومنصبه.
كما استهجنت الجمعية القضائية الصمت غير المستساغ من كافة أعضاء الهيئات القضائية والنشطاء والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني، وطالبتهم بالتضامن مع هذا البيان واتخاذ موقف إيجابي لنصرة المؤسسة القضائية والمحافظة عليها.
اترك تعليقاً