لا شك أن فكرة إنشاء جامعة الدول العربية لم تولد فى أروقة إحدى الدول العربية بل كانت فكرة جاءت على لسان السيد (أنتونى إيدن) وزير خارجية بريطانيا فى منتصف 1941م حيث وردت هذه الفكرة فى خطاب له مُنوهاً بطلبه من المفكرين العرب التفكير جلياً فى درجة من درجات الوحدة أكبر بين الشعوب العربية تتبلور فى وحدة أكبر من التواصل فيما بينها وأضاف (إيدن) فى خطابه بقوله (أن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا فى مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغى أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً). وفي 24 فبراير 1943م صرح إيدن في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين “العطف” إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية. (إحنين السيد إيدن على العرب).!
هنا لا يسعنى إلا أن أقول بأن فكرة (جامعة الدول العربية) لم تكن عربية أصلاً وإنما بتوجيه غربى (بريطانى) بالرغم من وجود دول عربية مُستقلة فى تلك الفترة 1941م ولكنها تسير فى ركب الغرب ولا تملك من أمرها شيئاً فى يدها ، أما ما أشار إليه (إيدن) وزير خارجية بريطانيا فى ذلك الخطاب هو محاولة لدغدغة العواطف العربية الساذجة فهو لم يتطرق لما تعرض له العرب والكيان العربى على أيدى البريطانيين وخصوصاً وعد بلفور أو كما يُطلق عليه دولياً فى السياسة العالمية (وعد بلفور أو تصريح بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتردي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين( ، ذلك الوعد الذى أسس لزرع الكيان الصهيونى فى وسط الأمة العربية وتسبب لها المآسى والآلالم إلى يومنا هذا وكان سبباً فى تعطيل التقدم العلمى والإقتصادى ناهيك عن الحروب التى دخلت وخاضتها البعض من الشعوب العربية والتى إستهلكت المليارات من أموال العرب وثرواتهم التى كان الأجدر أن تُصرف على النمو الإقتصادى والتقدم العلمى ، ولهذا نحن أبناء الأمة العربية الذين نتطلع إلى تغيير مسار دولنا نحو رفع راية الحرية الحقيقية وليست الحرية والديمقراطية المُعلبة التى نستوردها من قبل الغرب عن طريق عملائهم وأتباعهم من أبناء الدول العربية الذين تواجدوا فى الغرب يوماً ما وتحصلوا على حنسيات تلك الدول ، لذلك لا بد أن نعى أن أى فكرة أو توجيه محدد يأتى من قبل الغرب لا نثق فيه الثقة التامة ولنعلم أن ذلك يأتى فى مصلحتهم أولا ً ثم مصلحة الكيان الصهيونى حتى ولو كان قبل إنشائه.
وهنا أود أن استفسر و أتعجب وأقول ماذا قدمت هذه المؤسسة التى تُسمى (جامعة الدول العربية) للعرب تحديداً ؟؟ !! وهى جامعتهم التى من المفترض أن تلم شملهم وتُراعى مصالحهم وتُقرّب وجهات نظرهم غير أنها فى الكوارث والمصائب والإعتداء على الدول العربية فهى تغيب عن الأنظار وتُصبح خارج نطاق التغطية ؟ ولو عدنا بالذاكرة منذ إنشاء هذه المؤسسة فى سنة 1945م فلم يكن همها إلا المطالبة للدول العربية بتحويل ما عليها من أموال لكى تستخدم فى المرتبات الخيالية والميزات الخاصة والدخول فى الصفقات التجارية بين دولهم والشركات العالمية وكانها بقرة حلوب يجيدون حلبها العجائز كل يوم !! شعارهم المثل الشعبى المصرى (لا بد أن ينالنا من الحب جانب) أو كما يقول المثل الشعبى السورى (لا بد أن نلحس صوابعنا من العسل ) أو المثل الشعبى الليبى (الذوابه تلحس إيدها) ..!!
هذه الجامعة العجوز التى دخلت فى مرحلة الشيخوخة التى يٌديرها (عجائز العرب) الذين أكل عليهم الدهر وشرب من الذين تستغنى عنهم دولهم العربية لتتخلص منهم ومن مشاكلهم فى تلك الجامعة لأن هذه الجامعة لا تعرف نظام التقاعد ولكن قانونهم فى هذه الجامعة هو (إلى الأبد حتى يُعلن عن وفاته فى أحد الفنادق الخمسة نجوم ) ثم تُخطر دولته لعمل مراسم الجنازة ولكى تبعث بعجوز آخر ، فخبرتهم لا تتعدى سوى تسييرهم بالريموت كونترول فهم لا خبرة سياسية ولا إقتصادية ولا إجتماعية ، فأسرهم وأبنائهم وملذاتهم وما ينالوه من مكافآت وهبات ومصالح خاصة أهم من دولهم والدول العربية ، ويا ليتهم قدموا شيئاً فى حياتهم من أجل الأهداف التى وضعتها لهم بريطانيا ووجهتهم إلى تنفيذها فى 1941م وإتفقوا عليها الأعضاء المؤسسون والأعضاء الذين جاءوا بعدهم والذين صاروا على نفس المسار ، ولكنهم أصبحوا منذ إنشاء الجامعة وهم عثرة فى طريق الأمة العربية ألم يكفيهم ما إستفادوه من هذه المؤسسة العاجزة وإعطاء الفرصة للدماء الشابة الوطنية التى تؤمن بالأمة العربية ورفع رايتها إلى السماء والتصدى لكل من تراوده نفسه للإعتداء على أى دولة عربية أو المساس بالكرامة العربية . فنحن لسنا فى حاجة إلى عجائز الزهايمر ، فكفانا ما نُعانيه فى دولنا من أمراض نفسية وعصبية وفقدان ذاكرة ، ونحن فى ليبيا لن ننسى موقف الجامعة العربية المتخاذل من ثورة الشعب الليبى فى فبراير وكنا ننتظر وقوفها من أجل حماية المدنيين قبل 19/3/2011م وللأسف لم تتحرك بموقفها المتردد إلا بعد إتخاذ المنظمة الدولية موقفها وإصدار قرار بحماية المدنيين .
أقول … نحن فى ليبيا لسنا فى حاجة لأن نكون عضواً فى هذه المؤسسة العجوز ويُمثلنا فيها أحد العجائز من الإنتهازيين الذن كانوا بالمجلس الإنتقالى وأقسموا على عدم تولى أى منصب تنفيذى أو تشريعى نهائياً وأن تواجدهم فى المجلس تواجد وطنى لا غير ولكن يبدوا أن عيونهم كانت على المناصب وليس على ما يعانيه الوطن ويخيّل لهم أنهم من حرر ليبيا !!! ولا شك أن المرتب الخيالى بالعملة الصعبة الذى يتجاوز (30000) ثلاثون ألف دينار شهرياُ كفيل بتغيير أى قسم أو مبادئ وطنيه ، أليس هذا المبلغ كفيل بعلاج (10) من جرحى فبراير كل شهر بدلاً من عضويتا فى هذه الجامعة المنتهية الصلاحية المريضة بالزهايمر ، وبالرغم من ذلك لو أرادوا تسديد صدقة مال لتلك الجامعة العجوز من ليبيا فنحن على أتم الإستعداد!!!
كفانا بالله عليكم ما صرفنا عليها وعليهم من أموال منذ العهد الملكى ، إلا إذا أرادت الدولة الليبية أن تكسّر هذه القاعدة التى تستند عليها هذه المؤسسة ويُشترط أن يكون الأعضاء من الدماء الجديدة المؤهلة والقادرة على صون الكرامة العربية والدفاع عن دولهم من خلال هذه الجامعة والتى من خلالها نتطلع إلى مستقبل واعد وزاهى وهذا لن يتأتى إلا بحكومة ليبية وطنية ، فالزمن غير الزمن ولا الإنتماء الوطنى كما كان ، نحن نتطلع إلى إجراءاتكم بالمؤتمر الوطنى والحكومة ووزارة الخارجية بأن تكون هناك ثورة فى الدولة الليبية من أجل تغيير أسلوب التكليفات والتعيينات فى السفارات الليبية والمؤسسات العربية والدولية التى أصبحت مخترقة فى هذه المرحلة الراهنة وتعمل من أجل نقل المعلومات إلى الدوائر الإستخباراتية الخارجية .والله على ما أقوله شهيد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً