منذ انقشاع الغمام وغياب عوامل الخوف واندثارها استأسد كثير من السياسيين أو ذوي الطموحات السياسية فتراهم يحاضرون علينا ويقدمون النصائح المزعومة وكأننا لا نفهم شيئا وكأننا قطيع يحتاج لمن يقوده وكثيرا ما ترى في كلامهم التضليل والغش وأحيانا التلون والتبدل من فكرة إلى أخرى ومن حال إلى حال حسب ما تتطلبه المصلحة ولا يخفى على عاقل تقديمهم لمصالحهم الشخصية فوق كل شيء من خلال تصريحاتهم ولقاءاتهم هنا وهناك التي لا تمت للسياسة ولا للعقل ولا لمصلحة الوطن بشيء. لقد ساهم هؤلآء بشكل كبير في تفاقم الوضع وإذكاء نار الفتنة بين الليبيين وكان عليهم إخمادها إن كان لديهم ذرة من الوطنية والعقل ولكن؟؟؟
لقد أعمت الأنانية قلوبهم فاعتقدوا أن ليبيا جعلت لهم ليحكموها وأن الليبيين قطيع قليل الفهم لا بد لهم أن يقودونهم، كما يعتقد صاحب الطاحونة أن القمح إنما زرع ليشغّل به طاحونته، وإلا لما زُرع؟؟؟ فمن أعمت الأنانية قلبه أغلقته فلا يرى أحدا غيره ويكثر من التحدث عن مواهبه التي غالبا ما يختلقها، قال أحدهم: دمار العالم ولا خدش في إصبعي وقال آخر: من بعدي الطوفان هذا هو حال من يدّعي السياسة في بلادنا. يقول أحد السياسيين: “الأنانية تولد الحسد والحسد يولد البغضاء، والبغضاء تولد الاختلاف والاختلاف يولد الفرقة، والفرقة تولد الضعف والضعف يولد الذل، والذل يولد زوال الدولة وزوال النعمة وهلاك الأمة”، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يعجبكم من الرجل طنطنته ولكن من أدّى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل”، تجد أحدهم يملأ الإذاعات طنطنة باليل والنهار لنفسه لا لوطنه، لقبيلته لا لبلده فآخر شيء يفكر فيه هؤلاء هو الوطن؟؟؟!!!
أيها المسلمون: ألم ينهانا ديننا من أن نتفاخر بالقبيلة التي لا تزيدنا إلا تفرقا وتشتتا وبعدا، أليست القبلية والجهوية من يرسخ الخلاف والشقاق وقطع الصلات والمودة بيننا، ألم يحدث ذلك؟ أيأمرنا ديننا بالتواصل والمحبة والمودة أم يأمرنا بغير ذلك أيها القبليون والجهويون المتعصبون؟! يا من تدّعون اتّباع محمد صلى الله عليه وسلم ألم يقلها صريحة:” ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية” فأين أنتم؟! فالقبيلة رابطة اجتماعية نعرف بها أنسابنا وأرحامنا لا أن نتفاخر بها ونتعصب إليها، فالفرق شاسع بين القبيلة محل التكافل والتراحم وحفظ الأنساب وبين القبيلة التي تهدم المجتمع وتمزقه بالتعصب والتعنت، أفلا تعقلون؟؟!!!
إن العصبية لجهة أو قبيلة تقود أصحابها للدفاع عن الباطل بوسائل غير مشروعة في كثير من الأحيان، إن التعصب يفقد صاحبه العقل والاتزان فتراه يهدي بما لا يسمع وشاهد فضائياتنا ووسائل الاتصال الاجتماعي لترى بأم العين ما نقول من متعلمين دكاترة وغيرهم كثير. نحن أمة بدأت تأخذ تعاملاتها الاجتماعية من العادات والتقاليد وليس من الشرع والدين ويكاد ذلك يعصف بكل موروثنا الحميد فأنت من قبيلة كذا وأنا من منطقة كذا فاتخذناها شرعةً ومنهاجا وعلى ضوء ذلك يتم التعامل، فأي تخلف هذا!!! متى نعلم أنه ليس هناك صلة معنىً بين التعصب الذي يدعوا إليه البعض وبين والقبيلة أو الجهة، فالعصبية تهدم ولا تبني، فكونوا كما قال الشاعر: لسنا وإن أحسابنا كرمت *** يوماً على الأحساب نتكل … نبني كما كانت أوائلنـا *** تبني ونفعل مثلما فعلـوا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً