بطاقة الناخب هي وثيقة رسمية تصدرها السلطات أو مفوضية الانتخابات في الدولة للمواطنين الذين بلغوا سن 18 عامًا، ويستعملها الناخب أثناء العملية الانتخابية للتصويت في الدائرة المُقيم فيها، وتتضمن معلومات عن حاملها أهمها: الاسم، وتاريخ الميلاد، وتاريخ صدورها ونفاذها، ورقم واسم المركز الانتخابي خلال عملية التصويت، وبعض البطاقات تتضمن صورة حاملها وتوقيعه وبصمة إبهامه.
لعل من أحدث البطاقات الانتخابية ما يُعرف بــ”البطاقة البايومترية” التي استخدمتها العراق عام 2021، وما يُميزها عن سابقاتها وجود البصمات الثلاثية والبيانات النصية والحيوية وصورة للوجه، وتشير الأبحاث إلى أن حوالي 25% من بلدان العالم اليوم تستخدم هذا النوع لتحديد هوية الناخبين (راجع: الجزيرة، 2021)، أما في ليبيا فقد قامت المفوضية في عملية الانتخابات التي كان من المفترض عقدها في 24 ديسمبر2021، باستخدام البطاقات الإلكترونية التي لا تحتوي على صور ولا بصمات، طبعت منها أكثر من 2.8 مليون بطاقة وزعتها على 1906 مركز انتخابي.
المزايا
لعل من أهم مزايا بطاقات هوية الناخبين:
- اعتبارها آلية لتحديد الهوية والإقرار بأن الناخب مُسجل حسب الإجراءات المحددة.
- تُسهل عملية التصويت وخصوصا في الدوائرالتي قد لا يكون فيها الناخب معروفًا.
- اعتبارها محاولة لمنع التصويت المتعدد.
- إعطاء الناخب شعورًا بالفخر وخصوصا في حالة مشاركته في العملية الانتخابية لأول مرة (راجع: ادج وورت ولانسل، 1995).
العيوب
إلى جانب مزايا استخدام بطاقات هوية الناخبين، هناك العديد من العيوب والمخاطر لعل من أهمها:
- التكلفة، بمعنى أن إنتاج البطاقات مكلفًا، وخصوصا إذا صمم لاستخدامها لمرة واحدة فقط، كما هو الحال في الانتخابات الليبية في السنوات الأخيرة.
- يمكن استخدامها لإعاقة مشاركة الفقراء والمعاقين والفئات المهمشة الأخرى.
- يمكن اعتبارها محاولة لوضع الحواجز أمام الراغبين في المشاركة.
- عدم وجود نظام بديل في حالة تعرض البطاقة للضياع أو السرقة.
- غياب الهياكل الإدارية الكفؤ والمدربة لإنتاج البطاقات والمحافظة على سرية المعلومات التي تحتويها.
- غياب نظام موثوق به لدى السلطة الانتخابية لتسليم البطاقات.
- التوزيع السيئ للبطاقات يؤدي إلى استبعاد العديد من المواطنين من المشاركة.
- تحديد المشاركة للذين استلموا بطاقاتهم فقط يعني أن من لا يستلم بطاقته لن يستطيع الإدلاء بصوته حتى وإن كان مسجلا في المنظومة، وهذا إجراء لا داعي ولا معنى له، فعلى سبيل المثال، من بين الـ2.8 مليون بطاقة التي قامت المفوضية في ليبيا بطباعتها وتوزيعها على 1906 مركز انتخابي، تم تسليم 2.5 مليون بطاقة فقط، هذا يعني أن هناك 300 ألف مواطن لم يستلموا بطاقاتهم، وبالتالي سيتم حرمانهم من المشاركة في التصويت حتى لو قرروا ذلك وبغض النظر عن الأسباب التي جعلتهم لم يستلموا بطاقاتهم!
- في المرحلة التي تحاول فيها أغلب الدول الديمقراطية التخلص من الحواجز الكثيرة التي تقوض العملية الانتخابية، يمكن اعتبار بطاقة الناخب محاولة لإضافة عائق آخر أمام مشاركة المواطنين في هذه العملية.
- هذه البطاقة يمكن أن تُسهل عملية بيع وشراء الأصوات، والتي غرضها الأساسي حجب البطاقات المُشتراة من المشاركة في العملية الانتخابية وتقليل نسبة المشاركة، حيث يقوم بعض المترشحين إما بشراء البطاقات الانتخابية التي يعتقد أنها لن تصوت له حتى لا تذهب لخصمه، أو شرائها وأخذها من أصحابها ثم إعادتها لهم يوم الاقتراع للتأكد من أنهم سيصوتون له.
متطلبات النجاح
- يجب وضع هيكل إداري قادر وكفء لإنتاج البطاقات واستخدامها.
- يجب أن يكون هناك نظام سهل وسريع لاستبدال البطاقات الضائعة.
- يجب أن يكون هناك نظام موثوق به لتسليم هذه البطاقات حتى لا يستبعد أحد.
- يجب أن يكون هناك إجراءات عقابية قاسية لمن يحاول الضغط على الناخب.
- يجب منع إدخال أي أدوات إلكترونية لمراكز الاقتراع لضمان عدم تصوير عملية التصويت.
- يجب اعتبار تصوير بطاقة الانتخاب جريمة يعاقب عليها القانون.
- يجب حرمان أي مرشح يثبت تورطه في عملية شراء البطاقات من المشاركة في أي انتخابات قادمة.
- يجب القيام بإجراءات لضمان عدم استخدام البطاقة إلا من قبل أصحابها.
- يجب توعية المواطنين بأهمية البطاقات الانتخابية وكيفية استخدامها.
الخلاصة
في اعتقادي المتواضع، لكي تتم العملية الانتخابية في أجواء تتسم بالمشاركة والانفتاح والنزاهة والشفافية، يجب أن تتاح الفرصة لجميع المواطنين في المشاركة في العملية الانتخابية، كما هو سائد في أغلب الدول الديمقراطية المتقدمة.
وإذا كان لا بد من استخدام هذه البطاقات، فيجب ألا تقتصر المشاركة على الذين استلموا بطاقاتهم فقط، لأن ذلك يعني أن من لا يستلم بطاقته لن يستطيع الإدلاء بصوته حتى وإن كان مسجلا في المنظومة، وهذا إجراء لا داعي ولا معنى له، فعلى سبيل المثال، من بين الـ2.8 مليون بطاقة التي قامت المفوضية في ليبيا بطباعتها وتوزيعها تم تسليم 2.5 مليون بطاقة فقط، هذا يعني أن هناك 300 ألف مواطن لم يستلموا بطاقاتهم، وبالتالي سيتم حرمانهم من المشاركة في التصويت حتى لو قرروا ذلك ودون مراعات للأسباب التي جعلتهم لم يستلموا بطاقاتهم!
وعليه حتى لا يتم استخدام هذه البطاقات لتثبيط (لإعاقة) مشاركة الفقراء والمعاقين والفئات المهمشة الأخرى، وحتى لا تستخدمها النخب السياسية للسيطرة على المشهد السياسي، لا بد على المسؤولين في الدولة من ‘يجاد نظام بديل لمشاركة كل المواطنين وخصوصاً الذين لم يستلموا بطاقاتهم أو الذين تعرضت بطاقاتهم للضياع أو السرقة، ولعل من أبسط الأنظمة البديلة لحل هذا الإشكال هو تشجيع كل المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، وتذكيرهم بأن كل ما هو مطلوب منهم: (أ) وثيقة إثبات شخصية بها صورة، (ب) الرقم الوطني، و(جـ) شهادة تثبت الإقامة في الدائرة التي يرغب التصويت فيها.
ادعو الله أن تكون العمليات الانتخابية القادمة مفتوحة وسهلة وناجحة،
وأن تتاح الفرصة لكل مواطن مؤهل أن يختار من يعتقد أنه
الأجدر والأنسب لقيادة المرحة القادمة في الدائرة الانتخابية التي يقيم بها.
أخيرا لا تنسوا، يا أحباب إن هذا مجرد رأي اعتقد أنه صواب، فمن أتى برأي أحسن منه قبلناه،
ومن أتى برأي يختلف عنه احترمناه.
والله المســتعـان.
=======
المراجع
الجزيرة, 10 ابريل 2021, “أيام على الانتخابات العراقية.. ما أهمية البطاقة البايومترية في منع تزوير أصوات الناخبين؟” https://www.aljazeera.net/news/politics/2021/10/4
حمزة مصطفي, 18 مارس 2014, “بطاقة الناخب الإلكترونية .. بين المزادين المالي والسياسي.” الشرق الاوسط: https://aawsat.com/home/article/57996
Linda Edgeworth and Scott Lansell, Pre-Election Technical Assessment: Republic of Bangladesh (Washington: IFES, 1995), 40. https://aceproject.org/main/english/vr/vra06d.htm
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً