رأت مجلة “الإيكونيميست” البريطانية في تحليل خاص أوردته على موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء، أن الدول الغربية تواجه سيناريوهات قاسية في سوريا، وذلك بعد أن ضيعت فرصة تاريخية لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد أنه على الرغم من تحديد الغرب لثلاثة أهداف رئيسية في التعامل مع الملف السوري، وهي الوصول إلى تسوية تضمن وضع حد للعنف، ووقف النفوذ الإيراني في المنطقة، إضافة إلى الالتزام بإسقاط الأسد وإخراجه من المعادلة السياسية، إلا أنهم لن يستطيعوا تحقيق سوى هدف أو اثنين في أحسن الأحوال.
كما نصحت “الإيكونيميست” الدول الغربية بـالتفكير في طريقة للتقليل من ويلات “الحرب الأهلية” التي تشهدها سوريا، لأنه هذا السيناريو الواقعي والعلني الذي ستشهده البلاد على الرغم من الجهود الدبلوماسية المبذولة لاحتوائه.
وتابعت الصحيفة: “على الغرب أن يعترف أن سوريا سقطت في مستنقع قتل لا نهاية له”، مؤكدة أن الفرصة على وقف الاقتتال فات أوانه، خاصة بعد مقتل أكثر من 115 ألف شخص.
كما دعت “الإيكونيميست” المجتمع الدولي للاستفادة من دروس الحروب الأهلية عبر التاريخ، خاصة أن الوضع في سوريا يتجه لاقتتال طاحن خلال الأعوام المقبلة قائلة: “كحال العديد من زعماء الحروب الأهلية، فإن الأسد يفضل إطالة أمد القتال بدلاً من المخاطرة في التوصل إلى تسوية، المعارضة المسلحة أيضاً سوف تخوض القتال وهي على علم تام أن الاستسلام يعني الموت”.
الحكم بالفشل
وتشير المجلة، إلى أنه على الرغم من أن 40% من الحروب الأهلية في العالم انتهت من خلال المفاوضات، إلا أن على المجتمع الدولي والأطراف المعنية عدم الوقوع في خطأ الإصرار على شروط من شأنها أن تحكم على أي تسوية سلمية بالفشل.
وتتابع: “صحح أن الغرب والمعارضة السورية وداعمها من الدول العربية يرفضون مشاركة إيران حالياً في “جنيف 2″، لكنهم يجب أن يدركوا أن تنحية إيران ستزيد المسألة تعقيداً، خاصة أنها مستمرة في إذكاء نظام الأسد بالمال والسلاح، مما سيؤجج الحرب الأهلية، ويضطر الرافضين لمشاركتها في مفاوضات اليوم للقبول بها طرفاً في حل المسألة في المستقبل”.
كما أشار التحليل أن في حال القبول بمشاركة إيران في أي مفاوضات لحل الأزمة السورية، فعلى الأطراف الدولية القبول بمشاركة الأسد أيضاً والاستغناء عن فكرة تنحيه، لأن الغرب ببساطة كان لديه الفرصة لإسقاطه ولم يفعلوا شيئاً لتحقيق ذلك.
الدواء المرّ
وتدعو المجلة الدول الغربية إلى عدم “تضيع الوقت” في التشبث بشرط رحيل الأسد وعدم مشاركته في المفاوضات، لأن هذا الشرط “سيقطع شهية إيران للتفاوض وبالتالي روسيا وهذا يعني فشل الجهود الدبلوماسية.
وخلص التحليل إلى القول بأن سوء إدارة الأزمة السورية منذ البداية هي التي دفعت الغرب في النهاية لتجرع “حبوب الدواء المرّ”، فالأسد ارتكب جرائم حرب مروعة بدعم متواصل من إيران، لكن إصرار الغرب بأن يحصل على كل شيء في الوقت الراهن وفي ظل المعطيات الإقليمية الراهنة لن يكون معناه سوى تشييع المزيد من الضحايا السوريين.
اترك تعليقاً