لقد اشرت في مقال السابق الى تعريف مفهوم الرق باعتباره ظاهرة كانت معروفة في مختلف الحضارات الانسانية، وقد بينت أن نظام الرق كان معروفا في الحضارة اليونانية والرومانية قبل ظهور الإسلام، وهذا يدحض افتراءات المستشرقين الغربيين بأن الاسلام هو الذي شرعن الرق. لكن الحقيقة أن الإسلام قد ألغى الرق بشكل تدريجي، وقد أوضحت فيما سبق نشره الأسباب الحقيقة في عدم إلغاء الإسلام الرق دفعة واحدة. فقد عمل الإسلام على تضييق مصادر الرق فعمل على تحرير الأرقاء، وإلغاء هذه الظاهرة المشينة بالإنسانية قبل ظهور المواثيق والإعلانات الإقليمية والدولية المنظمة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية بأربعة عشر قرناً. فالأوروبيون هُم المسؤولون عن ظهور ظاهرة الرقيق منذ القدم واستمرارها حتى الآن وبأشكال أخرى رغم ادعائهم بأنهم حماة الحرية والسلام في العالم. وقد يكون هذا حقيقة عندما يتعلق الأمر بالإنسان الأوروبي أي أنهم يستخدمون ازدواجية المعايير ليس في السياسة فقط ولكن حتى في حقوق الإنسان.
الحكومات الأوروبية والأمريكية لا زالت مستمرة في بناء تقدمها وتطورها المادي على الشعوب بالشكل غير تقليدي، ومن المستبعد كليا أن ننتظر من مستعبدي الأحرار أن يحرروا العبيد. ويمكن أن نضرب مثالاً حيّا على ذلك المتمثل فيما تقوم به حكومة فرنسا هذه الأيام بتباكيها على مزاعم تجارة الرقيق في ليبيا وتنسى أنها تسيطر وتستنزف خيرات الأفارقة كما تتناسى أن ليبيا تمر بمرحلة انتقالية في تاريخها المعاصر. وتهدف فرنسا من وراء هذه المزاعم تحقيق بعض المكاسب السياسية والتي أصبحت مكشوفة للجميع.
لقد بدأت الدول الأوروبية في ممارسة الرق كتجارة تُمارس بين الدول الأفريقية والأوروبية. فالبرتغاليون هم الذين بدأوا تجارة الرقيق من أفريقيا إلى أوروبا عام 1444 م حتى قيل إن عدد الرقيق الذين وصلوا إلى مدينة لشبونة وحدها يزيد عن عشر عدد سكانها في ذلك الوقت.
ونتيجة لظروف التي ألمت بالبرتغال تحولت تجارة الرقيق إلى إسبانيا ثم دخلت مرحلة جديدة بدخول الهولنديين والفرنسين والإنجليز والدانماركيين.
لقد وصل الأمر إلى أن وزير المستعمرات البريطانية وقف متحدياً ضد المنادين إلى إلغاء تجارة الرقيق بقوله “إننا لا نسمح بأي حال عرقلة هذا النشاط الذي ثبت أنه عظيم الفائدة لشعبنا”.
وأهم الأبحاث في هذا المجال ما كتبه فيليب كيرتون عام 1969 في كتابة “تجارة الرق” بيّن فيه تطور هذه التجارة خلال الفترة 1701-1800م. لقد أكد عدد من الباحثين على أن عدد الرقيق الذين نقلوا إلى أمريكا أكثر من 40 مليونا.
أما الولايات المتحدة التي تزعم أنها حامية الحرية والمدافعة عنها في مختلف بقاع العالم، نجدها تعامل الزنوج الأمريكان معاملة قاسية ولا إنسانية.
يقول “هاري هايورد” في كتابه تحرير الزنوج (لقد انتهى الرق بوصفه امتلاكا للعبيد ولكن باق بوصفه نظاما طبقيا يجعل الملونين في مركز أدنى من البيض بتشريعات ظالمة يندى منها جبين الانسانية). فالزنوج والملونين بصفة عامة يتعرضون لأبشع أنواع الاسترقاق، والعبودية والقهر والظلم، خاصة في الولايات المتحدة.
ويقول “مالكوم اكس “زعيم الزنوج (يعاني الزنوج في أمريكا أسوأ ما يعانيه أي إنسان في اي بقعة في العالم. فهم ضحايا الوحشية للشرطة الأمريكية وبصفة يومية، فمن هرولت الشرطة إلى أنياب الكلاب لا لذنب سوى أنهن يطالبون بحقوقهم الإنسانية). يحصل هذا كما تقدم بصفة يومية وفِي انتهاك صارخ للإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948 م. والذي يجرى في الولايات المتحدة ينبئ بانفجار حرب أهلية جديدة مثل الحرب التي انفجرت عام 1865م بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية والتي دامت أربع سنوات من أجل إلغاء الرق. وقد عبر عن ذلك الرئيس ابراهام لنكولن يقوله إن (هذه الحرب تعني عند الولايات الشمالية بأن كل إنسان أن يصنع بشخصه ما يريد، أما ولايات الجنوب الحرب عندهم تعني حرية بعض الرجال أن يصنعوا ما يشاؤون بالرجال الآخرين). ويعتقد البعض أن شعار تحرير الزنوج إبان حرب الانفصال مجرد شعار استخدمه الرأسماليون بهدف تحقيق مكاسب خاصة لهم.
من الانصاف أن نذكر الدور الهام الذي قام به عدد من المفكرين الأوروبيين والأمريكيين الذين نادوا بضرورة احترام حقوق الانسان وأن نظام الرق يخالف أبسط مبادئ الإنسانية.
للحديث ب قية2/3
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
تجارة الرقيق حجة لتنفيذ مشروع الوطن البديل
شكرا على الاضافات لمثالتك السابقة
ولكنك مازالت تحاول الالتفات بعيدا عن صلب الموضوع خاصة ان الموضوع كان شبه رد على الزحمة الاخيرة وتثرير ال س ان ان وما حدث له من تداعيات اوربية افريقية على راسها فرنسا اكبر دولة استعمارية ل افريقيا وتاريخ فرنسا في تجارة الرقيق والاستعباد تاريخ سيء جدا باعتراف ماكرون ومع الحقبة التركية العثمانية تحولت ليبيا الى ممر وطريق لتجارة الرقيق ومارست تركيا العثمانية تجارة الرقيق مع نابليون في فترة القرنين 17 و 18 وهذا الماضي السيء هو ما يجب تسليط الضوء عليه وتقديمه للراي العام ومحاكمة هذه الحقبة المتخلفة من تاريخ تجارة الرقيق والاستعباد والاعتذار عنها.