الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية

الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية

د. فتحي بن شتوان

رئيس اللجنة التسييرية لحزب المشروع الحضاري النهضوي الليبي، مرشح الرئاسي

لقد وضع الليبراليون الحرية في قلب الدولة، والفردية في قلب المجتمع، أما الاشتراكيون فقد وضعوا النظام والعدل في قلب الدولة والجماعية في قلب المجتمع، فهناك محاولة من كل جانب على فرض مبادئه وآرائه ولكن في واقع الأمر لأغنى عن كل هذه المبادئ مجتمعة ولا بد من وجود توازن بينها أي التوازن بين الحرية من ناحية والنظام والعدل من ناحية أخرى، وبين الفردية والجماعية يعتبر شيء ضروري وأساسي ليستقيم الأمر، فهناك مجالات من الحرية الفردية على الدولة ألا تتجاوزها وفي نفس الوقت لا يجب تجاوز النظام والعدل بحجة الحرية الفردية، وهناك أيضا حقوق للأفراد على الدولة ألا تمسها بحجة الروح الجماعية أو الرفاهية الجماعية، إن الوصول إلى مرحلة التوازن بين هذه المبادئ وغيرها هي الشفرة السرية للنظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الجديد الذي يقدمه المشروع النهضوي والذي يحدث التوازن بين الحرية والنظام والعدالة الاجتماعية، بين النمو والتنمية، بين التنمية وحماية البيئة، بين النمو والتوزيع، بين الفردية والجماعية، بين المصلحة العامة ومصلحة الأفراد وبين الأجيال الحالية وأجيال المستقبل.

الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بدأت تصطدم بالقرن الواحد والعشرين وتفقد قوة دفعها حيث تحل المعرفة والرأسمال البشري والعلمي والتقني والاجتماعي محل الرأسمال المالي والطبيعي.

والرأسمالية اثقلها الفساد والاستغلال وسوء التوزيع والتكاليف الباهضة والمستويات العالية من المديونية وعدم الاستدامة والاستهلاك المبالغ فيه وتركت خلفها أعداد كبيرة من الفقراء والمحرومين، وفي الوقت الذي تعمل فيه ثورة المعلومات والاتصالات على توزيع السلطة فإن الرأسمالية تعمل على تركيز الثروة.

وأعراض الأزمات التي خلفتها الرأسمالية كثيرة ولكن أبرزها ثلاث اتجاهات وهي: أولاً الهبوط المستمر في معدل النمو الاقتصادي والثاني متعلق بالأول وهو الارتفاع المستمر في الميديونية الكلية في الدول الرأسمالية الرائدة، والثالث عدم المساواة الاقتصادية للدخل والثروة والتي استمرت في التفاقم لعدة عقود بجانب ارتفاع الدين وتراجع النمو.

والأزمات المالية التي حدثت وخاصة 2007-2008 أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن نموذج الاقتصاد العالمي المؤسس على مستويات عالية من المديونية والاستهلاك الزائد وإهمال كثير من الناس واستبعادهم وتركهم هو نموذج يحتضر وأقل ما يقال عليه أنه نموذج غير مستدام.

وقد بدأت بعض الدول وخاصة الدول الإسكندنافية تدرك ذلك وتعمل على نماذج اقتصادية مختلفة مثل نموذج تعدد القطاعات، وفي مناسبة أخرى بإذنه تعالى سيقترح المشروع النهضوي نموذجا اقتصاديا جديد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. فتحي بن شتوان

رئيس اللجنة التسييرية لحزب المشروع الحضاري النهضوي الليبي، مرشح الرئاسي

اترك تعليقاً