نشرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وال”، مقالاً اليوم الأحد، بمناسبة مرور 3 سنوات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي بعنوان “القدس تتحدى الاحتلال وتُحافظ على هويتها”.
وأفادت الوكالة بأنه رغم مرور 3 سنوات على إعلان رئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته دونالد ترامب، بأن القدس عاصمة لإسرائيل، واتخاذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي للعديد من الإجراءات التهويدية، إلا أن المدينة المقدسة حافظت على هويتها الفلسطينية الإسلامية المسيحية.
وفي السادس من ديسمبر عام 2017، اعترفت إدارة ترامب رسميًّا بالقدس عاصمة لإسرائيل، والبدء بعملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ما لاقى تنديدا عربيا ودوليا واسعا كون ملف القدس من قضايا الحل النهائي، حيث لا يعترف المجتمع الدولي بسيادة إسرائيل على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ومسيحية مقدسة.
ولم تكتف الإدارة الأميركية بهذا الإعلان وأعلنت الكثير من القرارات لصالح دولة الاحتلال خلال فترة حكم ترامب، ولعل أبرزها مشاركة السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان الذي يعد من أبرز داعمي الاستيطان، في حفريات تحت الأرض في حي سلوان في القدس الشرقية، لافتتاح نفق في البلدة القديمة أسفل بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.
ونقل المقال عن مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية خليل التفكجي قوله، إن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل انعكس على الزيادة الملحوظة في عمليات الهدم للمنازل وباعتراف الجهات الدولية، ما أدى إلى تشريد السكان، وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أن الفترة الواقعة بين شهريْ مارس حتى أغسطس 2020 شهدت هدما أو استيلاءً على 389 مبنًى يملكه فلسطينيون، بمعدل 65 مبنى شهريا وهو ما يمثل أعلى متوسط لمعدل عمليات الهدم في أربعة أعوام.
وأضاف أن إسرائيل استغلت هذا القرار، خاصة في ملف الاستيطان سواء بتوسيع المستوطنات القائمة كما في “رامات شلومو”، و”جبل أبو غنيم” أو بناء مستوطنات جديدة، مشيرا إلى أن حكومة الاحتلال وضمن تطوير الاستيطان لمدينة القدس للعام 2020، وإحداث تغيير ديموغرافي لصالحه؛ استولت على نحو ألفي دونم من أراضي قرية الولجة، لإقامة مستوطنة جديدة تحت اسم “جبعات باعل” غرب مستوطنة “جيلو”، وستقام حسب المخطط 13 ألف وحدة سكنية لإسكان 55 ألف مستوطن، وستخلق تواصلاً استيطانياً بين القدس و”غوش عتصيون” التي تقع نصف أراضيها في حدود بلدية القدس؛ والباقي خارج منطقة البلدية.
وبيّن التفكجي أن إسرائيل أنشأت عددا من مشاريع البنية التحتية سواء داخل أو خارج حدود بلدية المدينة، مثل شارع الطوق والذي يربط بين المستعمرات في القدس مع خارجها والذي لا يزال تحت التنفيذ، وعددا من السكك الحديدية في القدس الغربية والشرقية، مؤكدا أن إعلان الولايات المتحدة ساهم في جعل 87% من القدس تابعة للسيطرة الإسرائيلية.
وحذر من خطورة ما يتعرض له التعليم من خطر ممنهج من شأنه إخراج جيل معدوم الهوية في القدس، بعد أن تمكنت بلدية الاحتلال خلال الفترة الماضية من تحويل 65% من الطلبة إلى الدراسة تحت نظام التعليم الإسرائيلي التابع لبلدية الاحتلال وفتح مدارس جديدة وفرض المنهاج الإسرائيلي.
ونوّه التفكجي إلى أن إسرائيل تحاول تجنيس المواطنين في القدس، وتستهدف الشباب من عمر 19 إلى 21 عاما وتضع عددا من الشروط للحصول على “الجنسية”، تتمثل في “الولاء لإسرائيل”، والسكن في المدينة، ودفع الضرائب.
وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية ذكرت أن داخلية الاحتلال قررت منح 20 ألف شاب مقدسي “الجنسية الإسرائيلية”، بشرط ألا يكون أُدين بـ”ارتكاب جريمة جنائية خطِرة”، وتتوقع الصحيفة حصول 7 آلاف شاب مقدسي إضافي على الجنسية بموجب الإجراء كل عام، مشيرة إلى أن أكثر من 90% من سكان القدس الفلسطينيين البالغ عددهم 330 ألفًا لا يحملون “الجنسية”.
بدوره، قال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى: إن القوة القائمة بالاحتلال اعتمدت على إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس لتهويد المدينة المقدسة وطمس وإنهاء الهوية والوجود المسيحي والإسلامي للمدينة المقدسة.
وأضاف، إن هذه الخطوة اعتبرت القدس ضمنيا عاصمة دينية للشعب اليهودي، ومركزا للحكومة الإسرائيلية، وتهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي والإسلامي، مشيرا إلى أن إسرائيل قامت بسلسلة من الإجراءات من أجل ذلك، من بينها فرض ضرائب باهظة في فبراير 2018 على الكنائس مما دفع كنيسة القيامة إلى إغلاق أبوابها، كما قامت بإغلاق أبواب المسجد الأقصى المبارك إلى 7 أيام في فبراير 2019، وفي يوليو 2018 أقرت قانون القومية.
وأشار عيسى إلى أن الهجمة الاستيطانية زادت شراسة وعمليات هدم منازل المقدسيين، ومنع تسجيل أكثر من 22 ألف طفل في هوية ذويهم من أبناء المدينة، وافتتاح الإنفاق تحت البلدة القدسية والمسجد الأقصى.
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، إن إدارة ترامب ومنذ إعلانها في 6 ديسمبر 2017 القدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارتها إليها في 14 مايو 2018 وإغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني وقطع أموال المساعدات أعلنت حربا مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني وقيادته التي رفضت جميع القرارات والصفقات التي تمس بحقوق شعبنا وثوابته الوطنية وكان الرفض من المستوى الرسمي والفصائلي والشعبي.
ولفت إلى إعلان الإدارة الأميركية عن “صفقة القرن” وما تضمنته من محاولات للمساس بحق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير وإخراج القدس من ملفات الحل النهائي وشرعنة الاستيطان التي رفضها شعبنا، وأكد تمسكه بثوابته الوطنية.
وأكد أبو يوسف أن “شعبنا قادر على إفشال جميع المشاريع التصفوية لقضيتنا وأن القدس ستبقى عاصمة أبدية للشعب الفلسطيني وهذه حقيقة لن يغيرها إعلان ترامب”.
وكانت القيادة الفلسطينية أعلنت عن قطع العلاقة مع الولايات المتحدة واعتبرت أن هذا الإعلان يُخالف دور الولايات المتحدة كوسيط محايد ويستبعدها من محادثات السلام، واندلعت مظاهرات عارمة في جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة رفضا للإعلان وترافق ذلك أيضا مع تنديد دولي كان آخره البيان الصادر اليوم عن جامعة الدول العربية في الذكرى الثالثة للإعلان الذي اعتبرته الجامعة “لن ينشئ حقا أو يرتب التزاما أياً كان شكله ومضمونه وتقادمه”.
وجاء في بيان الجامعة: “القرار يندرج في إطار السياسات والمواقف العدائية للإدارة الأمريكية الراحلة برئاسة ترامب ضد حقوق الشعب الفلسطيني والانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، إلى جانب تحدي إرادة المجتمع الدولي الذي أكد رفضه وإدانته لإعلان ترامب وتمسكه بقراراته التي تؤكد أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وضرورة تنفيذ حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.
اترك تعليقاً