بعد الدعوة الكريمة من جمعية شباب تاقريت بولاية بجاية للمشاركة في صالون الكتاب والتكرم بمنحي فرصة تقديم محاضرة بتاريخ 5 سبتمبر 2022م بعنوان: “اللغة الأمازيغية من الشفاهة.. تطوير بعد تأخير” والتي ارتكزت على اللغة الأمازيغية وجعلت من أربعة محاور للمحاضرة تدور حولها: نشأة اللغة، وتاريخ الكتابة، توظيفها، وأدوات التطوير. وقد خرج الكاتب من خلال المناقشات حول المحاضرة ببعض الانطباعات، ومناقشات سبقتها، والتي يرغب مشاركة القراء جميعاً وخاصة الأمازيغ موضوع المقالة. نعم توجد حساسية، تصل إلى درجة الإفراط من الطرفين، من اللغتين: العربية والأمازيغية، إضافة إلى اللبس بشأن الدين الإسلامي، والخلط بين العربية والإسلام الحنيف.
هل للسياسية شأن في الخلاف؟
أساس الخلاف سياسات استعمارية عملت على ترسيخ الخلاف بين الأمازيغ والعرب بتجذير الفتن قبل، وخلال، وبعد الاستعمار. الكاتب ليس من دعاة استدعاء تاريخ الخلاف لكن سيسعى لاستدعاء المحور الأول من محاضرته نشأة اللغة الذي يؤكد فيه على القناعة التامة بأن أصل اللغات واحد، كما هو أصل خلق الإنسان واحد.
نشأة اللغة واللغة الأمازيغية!
ذهبت بعض النظريات إلى أن الإيماء والحركات هي بداية اللغة ومن بعد تطورت إلى ما نحن عليه، ونوم توشسكي يؤكد على أن “العقل خلاق” ويولد اللغة، ومنه ظهرت نظريات تقليد الأصوات من حوله، سواء من العصافير والحيوانات أو الأصوات الصادرة عن فعل الإنسان: كالجر والقطع، والحدف، والدفع. وفي سياق نظريات التوليد ظهرت نظرية Ding-Dong, pooh-pooh، ونظرية تاتا، وماما، ونظريات أخرى: المواضيع والاصطلاحات، والتنفيس عن التنفيس، ويظل لأبن الجن باع وما يعبر عنه بالمواضعة والاصطلاح في نشأة اللغة والذي يتوافق مع ما يعبر عنه هرد: “إن الأمة تفصح عن روحها في الكلمات التي تستعملها”. وأخيرا سلك منشأ اللغة مسلكاً أخر علمياً فالكاتب هاري، يذكر قبل سنة Harry ، عن كبير المؤلفين ماركوس بيرلمان، نقلا عن عالم لغوي في جامعة برمنغهام في إنجلترا ، بمجلة Live science: بعد إخضاع عينة من الناس من خلفيات متعددة لسماع أصوات محددة فكانت النتيجة بأن “الناس في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن خلفيتهم اللغوية أو الثقافية، بارعين بشكل ملحوظ في القدرة على تخمين معاني هذه الأصوات المختلفة”، إضافة إلى ذلك وبتاريخ 31 يوليو 2022 ينشر شادي عبدالحفيظ بمجلة علوم الولايات المتحدة الأمريكية بأنه أكتشف بأن “الشبكات العصبية اللغوية للمشاركين في هذه الدراسة كانت موجودة في مناطق الدماغ نفسها تقريبا، ولديها نفس السمات الانتقائية والترددات حينما يتم تفعيلها. وظهر كذلك أن مقدار الاختلاف بين المتحدثين بلغات مختلفة هو نفسه بين المتحدثين باللغة نفسها”، وهذا ينقلنا إلى ما عبر عنه المؤلف سنة 2005 برواية يتيمة بعنوان: “نتش اتيديت ماك أجوجفخت.. أنا والحقيقة كما حلمت بها” حيث رأى الكاتب بأن أصل اللغات واحد وبعد نزول سيدنا آدم إلى الأرض تحللت بالمنشور الأرضي إلى عدة لغات، كما درسنا الضوء بالفيزياء، وعندما ينقلب إلى منشور سمائي ستتوحد من جديد ليحاسبنا الله سبحانه جمعياً بلغة واحدة. فيجب أن يتساوى احترامنا، بل وحبنا، لأي لغة من اللغات العالم مع حبنا للغتنا الأم. ومن هنا ستختفي مصطلحات: لغة الاستعمار، ولغة النار، ولغة التقدم، ولغة الدين الصحيح.. وستنخفض حدة كراهيتنا لباقي اللغات.
“نترك اللغة العربية لنتقدم”:
في نقاش مع كاتب مهتم باللغة الأمازيغية استدل نقلاً عن الروائي نجيب محفوظ والحائز على جائزة نوبل بأنه قال وبما معناه “إذا اردنا التقدم فعلينا ترك اللغة العربية” وبدون البحث في صحة ما نسب لمحفوظ من عدمه فهذا أمر خطير جداً ينبي بدرجة التخلف والانحطاط التي وصل إليها بعض الكتاب الأمازيغ المتشبعين بالكراهية للغة العربية. لقد نجح أعداء الإسلام في التسلل لصفوف الأمازيغ والطعن في الدين الإسلامي من خلال زرع الكراهية بين الأمازيغ والعرب ومحاولة ربط اللغة العربية بالتخلف، وهو واقع اليوم، للوصول برط الإسلام بالتخلف. ومن هنا يتحقق هدف أعداء الإسلام ببرود علاقة الأمازيغ بالإسلام وارتخاء حبل وصلهم مع العربية والإسلام. لقد نجح أعداء الإسلام في الهمس بأذن العرب لكراهية الأمازيغ واتهامهم بأهم أعداء الإسلام وعملاء للغرب، لتمسكهم بلغتهم، ويسعون لشق الصف بطلب ترسيم لغتهم كخطوة أولى نحو الانفصال.
“ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”
الإسلام أكبر من الجميع، ومن محاولات أعداء الإسلام المستمرة، ومن الجهل المركب الذي يلف عقول بعض العرب والأمازيغ يشجع أعداء الإسلام على التمادي في غيهم وفي دس الدسائس والطعن في ديننا الحنيف. منطقة شمال أفريقيا تملك موقع جيوسياسي خطير، وحلقة وصل بين مصادر الطاقة وأوروبا الصناعية، وتملك من الموارد المادية والبشرية ما يجعل أوروبا تخشى نهضتها وتقدمها، والوسيلة الفاعلة أمامها اللعب بورقة الأمازيغ واللغة الأمازيغية بعدما تم استخدام سلاحين ضد المنطقة: سلاح نشر الفكر العروبي بإنشاء الجامعة العربية والتطرف الوهابي الذي يرسخ التكفير، وسلاح الانحلال واحتقار اللغة الأم والتباهي بلغة الأجنبي.
نجح أعداء الإسلام في صناعة التطرف الديني عند بعض العرب، وحتى الأمازيغ الشواذ، لكراهية اللغة الأمازيغية وتكفير الإباضية كما تم زرع الانحلال وكراهية العربية عند بعض الأمازيغ. الوعي يحتاج لمناقشة هادئة وهادفة لنعرف مخططات أعداء الإسلام ونجنب مغربنا الكبير التفكك والتصدع والانحلال. تدر ليبيا تادرفت.. عاشت ليبيا حرة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً