أمر الرب إبراهيم (عليه السلام) بذبح ابنه الوحيد إسماعيل، الذي رزق به في أواخر أيامه فما كان منه إلا تلبية طلب الرب، ولم يعص الابن أباه ففداه الله بذبح عظيم ومنذ مجيء الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلم) استنت الأضحية بل أصبحت لدى البعض شبه فرض يقوم به رغم ضيق ذات اليد وعدم القدرة على الإنفاق.
بفعل علم الاستنساخ الذي استنزف وقت ومقدرات الدول الغربية، استطعنا أن ننسخ أشياء كثيرة ومنها على سبيل المثال عيد الأضحى فأصبح بإمكاننا الاحتفال بالعيد في أي وقت نشاء، أما عن الضحية فنحن جيل اليوم لن نختلف عن سيدنا إبراهيم حيث كل منا تأتيه الرؤيا وبإمكانه أن يضحّي بأكثر من أضحية بشرية، فالبشر في ازدياد وإحدى وسائل إحداث التوازنات البشرية هي الحروب وإن من يلهمنا الرؤى صاروا كثّر ولكل منا رب أو اكثر وطاعتهم واجبة أي أنه لنا أكثر من رب، في حين أن لإبراهيم رب واحد، ففي العراق قدّم المتأمركون في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم صدام حسين كأضحية بشرية في يوم النحر، ولم يحترموا مشاعر المسلمين ونالوا استحقارهم في كل الأرجاء، وتبرّأ منهم أربابهم الجدد. فأي إسلام يدين هؤلاء؟.
أقول ذلك وعيد الأضحى على الأبواب وفي ظل الربيع العربي الذي يغمرنا بالسعادة والنشوة والانتصار على إخواننا في الوطن، فإنه من المفترض أن نسمو ونتعالى عن الجراح والاكتفاء بما أصاب بلداننا من أعمال قتل وتشريد إلا أننا نشاهد وبشكل شبه يومي أناس يدّعون الإسلام يقومون بذبح أكثر من “حيوان” بشري في المرة الواحدة مع الالتزام بـ”التكبير” ليتأكد الضحية أنه مضحّى به لأجل تنفيذ أوامر هذا الرب أو ذاك (وبالتالي يسلم النفس وهو راض عن ذلك)، التي تجلّت على هيئة رؤى، وتلك الرؤى تأتي لأناس بينهم وبين الأرباب الجدد علاقة وطيدة، وأن من يذبح عدد أكبر تكون له البركة.
تقوم بعض الحكومات العربية في كل عام بإرسال الأضاحي إلى دول إسلامية فقيرة ليزداد مواطنوها تمسكا بالدين الإسلامي الحنيف، أما والحالة هذه وصارت الأضاحي بشرية وبأعداد غفيرة تفوق الاستهلاك المحلّي، اقترح على حكامنا الجدد أن يجدوا مكانا لتصريف هذه الأضاحي الزائدة عن الحاجة وإن بمقابل لشراء وسائل ذبح حديثة مع علمي المسبق أن هؤلاء يطبقون الشريعة في عملية الذبح من حيث الوسائل وإن كانت بدائية، كالسكاكين والمديّ والسيوف.
ولأن عملية التسويق لأي منتج أصبحت جد ضرورية وملحّة، فالأفضل أن يقوم هؤلاء بالدعاية والترويج لتلك الأضاحي من حيث قيمتها الغذائية الراقية عبر وسائل الإعلام المختلفة وخاصة تلك (المملوكة لنا) التي تنشر صور الضحايا بمختلف مراحل الذبح ليتأكد الزبائن أن عملية الذبح إسلامية بامتياز ووفق طلب المفتون العامون بديار الإسلام العامرة وإمكانية الاستيضاح منهم بالخصوص.
وبفعل من يتحكمون اليوم في مصائرنا، فقد يكون أي منا ضحية “أضحية” في أي وقت وفي أي مكان ليتقربوا بواسطتنا إلى أربابهم، ليزدادوا علوّا وشأنا ونزداد فخرا بانصياعنا “تلبيتنا” لأوامر حكامنا اللاهوتيون، للعام الثاني عشر، يستمر المسلسل وقد فاقت حلقاته أي مسلسل تركي!، وكل العام ونحن المهطعين الرؤوس بألف خير.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً