عجبا للبعض , يغضبون لشيء يجب أن يسعدوا له , ويسعدوا لشيء يجب أن يغضبوا له , ويكرهون أشياء جميله , ويحبون أشياء قبيحة ,
لنبدأ القصة من البداية ,
لا أعلم هل يعرف البعض معنى كلمة ” مرجعية ” أم لا ؟ فعندما نقول مرجعية وأصل الكلمة هي ” رجع ” , والرجوع هو لعودة ورد الشيء إلى أصله, أو رد الشيء إلى العارف به, ولهذا نسمي بعض الكتب العلمية ” مراجع” .
ونجد نفس المعنى في قوله تعالى(… فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) فحين التنازع في أمر فيرد إلى القرآن والسنة الصحيحة , إن كنا نؤمن بالله سبحانه وتعالى ونؤمن بأننا سوف نبعث ونحاسب.
إذن المرجعية هنا تعني العودة في حال التنازع.
ولكن الغريب أن الكثير يتضايق من هذا , بل ويحاربه ليلا نهارا , وهو يقول أنا مسلم , وأؤمن بالله وبالرسول وباليوم الآخر .
يقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية علمانية , ويقول لا ضير في هذا .
ويقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية ليبرالية , ولا يرى ضير فيها .
ويقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية شيوعية , ولا يرى ضيرا فيها .
ويقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية اشتراكية , ولا يرى ضيرا فيها
ويقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية رأسمالية , ولا يرى ضيرا فيها
ويقبل قيام أحزاب سياسية على أساس مرجعية قومية , ولا يرى في ذلك ضيرا .
يقبل بأي نوع من المرجعية , ولكنه يغضب وتنتفخ أوداجه عندما يسمع عن أحزاب ذات مرجعية إسلامية , فيقف ليحاربها , ويعتبرها أحيانا متاجرة بالدين , وأحيانا يعتبرها عودة إلى الوراء , وأحيانا يعتبرها تخلف عن ركب الحضارة , ولا أفهم لماذا؟
المرجعية الإسلامية تعني أن يرجع الحزب السياسي أمور السياسة إلى أمر الله سبحانه وتعالى , وأوامر الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في السياسة قليلة جدا , وهي قواعد عامة , مثل العدل , الإحسان , الشورى , والرأفة بالرعية , وغيرها من أحكام هي غاية في الروعة , وغاية في الرقي والحضارة , ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن أن الأمام الذي يؤم قوما وهم له كارهون لا تقبل صلاته , ففي حديث أبو أمامه مرفوعا ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا رجل أم قوما وهم له كارهون …. ) , هذه هي أسس المرجعية الإسلامية , فهل نكرهها ؟ وهل نحاربها؟
البعض يقول أن من يقول بالمرجعية الإسلامية من أحزاب سياسية هم منافقون , ويتخذون الإسلام وسيلة للحصول على الحكم , وأقول , أما الحكم بنفاقهم , فهو حكم بالنوايا وسرائر الأنفس , وهو غيب لا يعلمه إلا الله ومن قال بهذا فهو كاذب .
أما القول أنهم يتخذون الإسلام وسيلة للحكم , فأقول , ونعم الوسيلة , إن جاءوا ليحكموا بالعدل والإحسان والشورى , بل ونستطيع محاسبتهم في الانتخابات القادمة ونطردهم من الحياة السياسية إذا لم يحققوا ما وعدوا الناس به من مرجعية للقواعد الأصيلة للإسلام , فهي فترة زمنية وتنتهي , فإن لم يقيموا ما في عهدهم للناس , فلن تقوم لهم قائمة مرة أخرى.
البعض يقول , لهؤلاء إطماع سياسية , وأقول , هل من يقول بغير المرجعية الإسلامية ليس لديه أطماع سياسية ؟ إذن لماذا نقيم انتخابات ونفاضل بين المرشحين, لو كان الطموح السياسي مكروه ويجب الابتعاد عنه ؟
فهذا طموح سياسي وليست أطماع سياسية , ولا نعيب أحدا شيء ونقبل نفس الشيء من شخص آخر.
والله إني أتمنى أن يخرج لنا عشرات الأحزاب السياسية على مرجعية أسلامية , احدها يركز على الجانب الاقتصادي والآخر على العسكري والأخر على الاجتماعي أو العلمي وغير ذلك من أولويات , ولكن أن نقبل بأي حزب على أي مرجعية ونرفض المرجعية الإسلامية , فذلك ولله مخزي قبل أن يكون مضحكا.
فالإسلام ضمن للإنسان حريته , وضمن له كرامته , وضمن توازن الحقوق بين أفراد المجتمع فلا أحد يلتزم بواجبات اكثر من الآخر , أو بحقوق أقل من الآخر , وهذا التوازن هو الذي حفظ حقوق المسيحيين واليهود في العالم الإسلامي , بينما أبيد المسلمون في أسبانيا وفي الفلبين وغيرها من الدول التي لا تدين بالإسلام , وكلنا يعرف محاكم التفتيش . وليس في الإسلام محاكم تفتيش , وكلنا يعرف صكوك الغفران وليس في الإسلام صكوك غفران ,
وعلى طريق الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً