أثارت إحاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أمس الثلاثاء، عن إطلاق خارطة طريق لعمل فريق المحكمة في ليبيا، الكثير من التساؤلات وردود الفعل، عن طبيعة عمل فريق المحكمة والهدف من التحقيقات وعمليات جمع الأدلة التي يقوم بها منذ سنوات في ليبيا.
وشكلت كلمة مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طاهر السني في ذات الجلسة، نوعا من الرد على ما يمكن اعتباره ثغرات تضمنتها إحاطة خان، وخاصة لجهة تجاهل دور القضاء الليبي، وتجاهل ملف المقابر الجماعية في ترهونة.
وقال السني: “لاحظنا إسقاط ملف جرائم ترهونة بشكل كامل من القضايا محل التحقيق، ونأسف لعدم الكشف عن المتورطين وإصدار أوامر قبض بحقهم”، لافتا إلى أن الوضع في ليبيا لا يمكن النظر إليه بمعزل عن حجم التدخلات الأجنبية.
واستغرب السني لماذا لم يتم في التقرير 26 ذكر صريح لملف المقابر الجماعية في “ترهونة” وهي أكبر الجرائم و الأدلة متوفرة، معربا عن الاسف أنه لم يتم الكشف عن المتورطين للراي العام الليبي، ولم يتم اصدار مذكرات توقيف للمتهمين وبعضهم خارج ليبيا، رغم الزيارات المتكررة للفريق إلى ليبيا والأدلة الدامغة وتعاون النائب العام الليبي.
ودعا مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، مدعي عام الجنائية الدولية لتوضيح لماذا تم الإسقاط الكامل لذكر ملف “ترهونة” كملف قيد التحقيق وعدم ذكر المقابر الجماعية في ترهونة في هذا التقرير، في حين كانت جرائم ترهونة تذكر منذ التقرير 19 إلى التقرير 25، متسائلا “هل أقفلت هذه القضية من قبلكم نرجو التوضيح؟”.
وبخصوص مدة ولاية عمل فريق الجنائية الدولية في ليبيا، تساءل السني: “هل يجب الانتظار حتى نهاية العام القادم للحصول على نتائج واستصدار قوائم توقيف، وهل نفهم من تقرير المحكمة أنها ستعمل لسنوات أخرى دون معرفة مدة نهاية ولايتها ودون الرجوع إلى موافقة ليبيا على ذلك”.
وأكد مندوب ليبيا أن تحقيق العدالة داخل الاراضي الليبية “اختصاص سيادي ليبي وولاية حصرية والقضاء الليبي ملتزم بمحاكمة عادلة وفق القانون، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم أبدا” مشيرا إلى أن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية “مكمل للقضاء الوطني وليس بديلا عنه”.
وتساءل السني بوضوح: “لماذا لم يشر تقرير المدعي العام لإمكانية قيام الدولة الليبية بالمحاكمات التي تحدث عنها المدعي العام، وهل من المنطقي أن تعمل المحكمة بشكل لا نهائي في ليبيا دون معرفة متى سينتهي هذا الملف”.
وفي ختام كلمته قال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة: إذا كانت القضية الليبية معقدة لهذه الدرجة والفاعل مبني للمجهول، فإنه من الافضل توجيه جهود الجنائية الدولية ومواردها لما هو أوضح، وبالتحديد إلى قطاع غزة والإبادة الجماعية وجرائم الحرب المستمرة لمدة 7 أشهر”.
وأضاف: “العالم ينتظر منكم ملاحقة المرتكبين لهذه المجزرة والقبض على مجرمي الحرب في إسرائيل الذين يعلنون نيتهم غبادة الشعب الفلسطيني، ما يدعو للكشف عن مرتكبي جريمة المساعدات في غزة، فهل تحتاج المحكمة المزيد من المجازر لتقوم بعملها؟.. الآن هو الاختبار الحقيق لهذه المؤسسة ومصداقيتها على المحك”.
وعقب جلسة مجلس الأمن أصدرت 10 دول من الأعضاء في المجلس بيانا مشتركا عبرت فيه عن دعمها للمدعي العام وخطة عمله في ليبيا.
ورحبَ البيان الذي يضمُ 10 دول، هي فرنسا وبريطانيا واليابان وسويسرا ومالطا وكوريا الجنوبية والإكوادور وغيانا وسيراليون وسلوفينيا، بخارطة الطريق التي أعلن عنها المدعى العام لمحكمة الجنايات الدولية لإكمال مرحلة التحقيقات في ليبيا.
وأشاد البيان بجهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب في ليبيا، بحسب ما نشرهُ الموقع الإلكتروني للبعثة الفرنسية الدائمة في الأمم المتحدة.
وكان خان قدم خارطة عمل من مرحلتين في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، الأولى هي التحقيق، وقال: “نعتزم إنهاءها بحلول 2025، وهذه المرحلة لن تكون سهلة وتتطلب تعاونا مع السلطات في ليبيا”.
وأضح مدعمي عام المحكمة أن المرحلة الثانية هي المرحلة القضائية مرحلة التكميل، وأضاف: “سنعمل على إصدار مذكرات توقيف للمتورطين في الجرائم في ليبيا وسنقاضي واحدا على الأقل بحلول نهاية العام المقبل”.
اترك تعليقاً