المخدرات في ليبيا في متناول الفقراء، فجرعة من عقاقير الهلوسة أو مسكن الألم “ترامادول” تكلف حوالي دينار ليبي، بينما تصل كلفة قطعة صغيرة من الحشيش 10 دينار ليبي.
والسبب بسيط، وفقاً لما قاله دبلوماسي غربي في طرابلس “خفض الأسعار هو وسيلة لخلق الطلب وفتح السوق”.
ويضيف الدبلوماسي، الذي يعمل في مجال الدفاع والأمن وطلب عدم الكشف عن هويته، “سوف ترتفع الأسعار عندما يصبح هناك عددا كافيا من المدمنين”.
وفي الواقع لا توجد حالياً أية بيانات عن عدد المدمنين في ليبيا، لكن المعروف هو أن تجارة المخدرات في ازدهار. ولاحظ الدكتور عبدالله الفنار، نائب مدير مستشفى للأمراض النفسية في قرقارش -إحدى ضواحي الأثرياء شرق طرابلس- وجود تغيير في عدد مدمني المخدرات هناك.
ويقول، “لقد إرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الإدمان على المواد غير المشروعة..كان لدينا قسم متخصص في معالجة الإدمان على المخدرات منذ 10 سنوات، ونفكر الآن في إعادة فتحه”.
ويضيف الفنار إنه يتلقى مرضى من السجن تحولهم الشرطة، أو أشخاص تحولهم أسرهم، عندما يعانون من تأثيرات التوقف عن تناول المخدرات.
ووفقاً للفنار، ضرب وباء المخدرات الشباب والمتمردين من الجنود الذين يعانون من اضطرابات ما بعد صدمة الحرب. أما الفئات الضعيفة الأخرى مثل ذوي التعليم المتدني وقدامى المحاربين في الجيش – فيتم جذبهم بسهولة إلى المخدرات والمشروبات الكحولية، وكلاهما غير مصرح بهما قانونا في ليبيا.
وفي أوائل مارس، توفي عشرات الأشخاص نتيجة للتسمم من “الميثانول” الموجود في المشروبات الكحولية المغشوشة محليا.
وجدير بالذكر أن الإتجار في المخدرات والمشروبات الكحولية ليس أمرا جديدا على ليبيا. ففي عهد القذافي (1969-2011)، أشار عدد من تقارير الأمم المتحدة إلي وجود تجارة غير مشروعة بين أفريقيا وأوروبا عبر ليبيا. ونمت تجارة المخدرات جراء عدم وجود ضوابط كافية على الحدود في ظل الحكومة الليبية الجديدة.
ويؤكد العقيد عادل البرعصي، الناطق باسم وزارة الدفاع ، “نحن نعرف أن لدينا مشكلة كحول وتهريب مخدرات، لا سيما على حدودنا الجنوبية”.
ويضيف،”نحن نعمل على استراتيجية للمراقبة ولتدريب وتجهيز الجيش. وإن شاء الله، سيكون الجيش الليبي قادراً على حماية حدودنا”.
أما سيلين بارديه، الخبيرة في جرائم الحرب والجريمة العابرة للحدود الوطنية، فتقول أن طرق تهريب المخدرات منتشرة على مستوى عالمي، وتستهدف دول غير مستقرة تتسم بضعف الأمن.
وكما توضح، “هذا هو الوضع الآن في ليبيا. فهناك قدرا كبيرا من الاتجار، ومن المرجح أن الأمور سوف تزداد سوءا”.
وتعتقد بارديه -التي تعمل كمستشارة مع المفوضية الأوروبية- أن مختبرات صنع المخدرات قد تكون موجودة في ليبيا، حتى وإن لم يكن قد تم العثور على أي منها حتى الآن. ومع ذلك، فتشير إلى “ان الشرطة بدأت في معالجة المشكلة بدعم من المساعدات الدولية”.
وهذا، وتفخر وحدة الشرطة الخاصة -التي شكلت في عام 2012 في إطار فرقة الجريمة وتعمل في الحي الشرقي من طرابلس، بأنها حققت بالفعل نتائجا جيدة في حربها ضد الإتجار في المخدرات والمشروبات الكحولية.
وعرض عبدالحكيم بلهاسي، الناطق باسم الوحدة، المضبوطات: سبعة كيلوغرامات من الهيروين والكوكايين، وكميات غير معروفة من الحشيش، 1.400 من أقراص “ترامادول”، وكميات غير معروفة من الويسكي والفودكا، و 1400 لتر من الكحول المغشوش. ويتم تخزين المضبوطات في حظيرة، لتدميرها.
وفي آخر مصادرة للمخدرات، والتي أعلن عنها العقيد أيوب قاسم، المتحدث باسم البحرية الليبية في 23 فبراير/ شباط، تم ضبط 30 طناً من العقاقير واعتقل ثلاثة أشخاص على متن قارب اعترضته قوات خفر السواحل الليبية في اليوم السابق. ولم يتم تحديد نوع المخدرات التي تم العثور عليها.
ويقول بلهاسي وهو يوجه نداءاً للمساعدة الدولية، “هناك حرب تشن من خلال تجارة المخدرات. انهم يريدون تدمير النسيج الأخلاقي لشبابنا. يمكن أن يكون القذافيين في الدول المجاورة هم الذين يقودون هذه التجارة فقط. فهم فقط الذين يملكون هذا النوع من المال”.
فيضحك أحد متعاطي المخدرات الشباب الذي طلب عدم الكشف عن هويته من هذا التصريح، قائلا “تناول الشراب والسجائر لم يسبق أن أضر أحدا قط! وأصحاب اللحى ‘الإسلاميين’ هم الذين يطاردونا حتى يتمكنوا من فرض الشريعة الإسلامية “.
أما خالد كارا، وهو عضو في منظمة لمكافحة المخدرات، والرئيس السابق لبلدية سوق الجمعة، وهو حي في طرابلس، فهو ينفي ذلك بقوله، “أنا أطيل لحيتي، وأبدو مثل الاسلاميين ولكنني معتدل”.
لكن كارا قلق، “يتسم مهربو المخدرات بالعنف الشديد. وسوف يفعلون أي شيء لحماية أعمالهم. انهم مسلحون بشكل أفضل من الوحدة الخاصة. فلديهم قاذفات صواريخ، في حين أن الشرطة لديها مسدسات فقط “.
ويقول رجال الوحدة الخاصة إنهم يرغبون في أن يكون لديهم تسليح أفضل، وأنهم يواجهون أيضاً أنواعاً أخرى من الضغوط. فيقول أحد الضباط الذي يسمى نفسه كمال لأسباب أمنية: “اختطف ابني البالغ 18 شهرا من العمر لبضع ساعات، ولكن عندما وجدته، كانت هناك رسالة لي: إذا لم تستقيل، ففي المرة القادمة ستكون زوجتك”.
وردا على سؤال عما إذا كان يشعر بالخوف، يجيب كمال ببساطة، الذي يعجب به رفاقه لأفعاله الشجاعة خلال الثورة، “أنا ما زلت هنا، وأنا أعمل”. ويضيف أحد زملائه “لقد قمنا بالثورة من أجل بلدنا، ونحن نحارب تجار المخدرات من أجل بلدنا أيضا”.
لكن الواقع هو معظم أعضاء الوحدة الخاصة يخرجون للعمل وهم يرتدون الأقنعة. (آي بي إس)
المخدرأت شيء خطير وملف شائك يستحق نقاش واقفا جاده وفريق