ما حدث في الأيام القريبة الماضية في مطار معيتيقه ومحيطها يثير جملة من التساؤلات الهامة: أولها: كيف يستمر وجود سجن يضم حوالي 2500 معتقل داخل مطار مدني الوحيد في العاصمة دون السعي الى إيجاد بديل إما للسجن أو للمطار؟ . وثانيها: لماذا لم يسلم السجن الى السلطات القضائية باعتبارها جهة الاختصاص؟ ثالثها: لماذا تباطأ المجلس الرئاسي في تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي ومن ضمنها وقف اطلاق النار؟ رابعها: لماذا تقاعص المجلس الرئاسي عن تفكيك الكتائب والمليشيات وابعادها عن العاصمة بما يتفق والقوانين واللوائح العسكرية؟
ينبهنا هذا الحادث الى أن الأمور التي صبرنا عليها كثيرا على أمل أن تعالج لم تعالج وانما تتفاقم يوما بعد يوم. والمجلس الرئاسي الذي تعشمنا أن يكون عاملا مساعدا في احداث الاستقرار في الداخل زاد الأمور سوءا ولم يلتفت للداخل الا بالقدر الذي تمليه عليه ردود الأفعال. ما يعني أنه لا يملك لا برنامج عمل ولا خطة استراتيجية ولا رؤيا لما ينبغي أن يفعل لمعالجة المختنقات التي تتفاقم. وبعد مضي سنتين ونيف على وجوده نكتشف أنه جسم تنفيذي يتصرف في القرارات والمال العام في غياب رقابة أو محاسبة أو مساءلة من جهة تشريعية. وهذا وضع غريب فحتى الشركات التجارية الخاصة لا بد وأن تنال اذن بمزاولة المهنة .. ولها جمعية عمومية تحاسبها!!!! فإلى متى يستمر وضع هذا المجلس بهذا الشكل المتغول الغريب؟!!
عندما وقع الاتفاق السياسي في 17/12/2015 تفاءل الجميع خيرا اذ أوجد ثلاث أجسام هي مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي وتصورنا أن موضوع الجدل والخلافات حول تنازع السلطات التشريعية والتنفيذية قد حسم لصالح بناء الدولة.. غير أن الدولة لم تبن بعد وانما تنهار.. وكنا نؤمل أن يلعب المجلس الرئاسي دورا في دوران عجلة توحيد مؤسسات الدولة لتحقيق الاستقرار والوصول الى انهاء المراحل الانتقالية والشروع في تأسيس المؤسسات الدستورية للدولة. وقد أمضى المجلس الرئاسي سنتين في حشد التأييد الدولي له وشرعيته وكرسيه .. في حين أمضى مجلس النواب سنتين من الانشقاق في صفوفه وكليهما تصرف بما يعرقل تنفيذ الاتفاق السياسي. المؤتمر الوطني العام السابق حسم أعضاؤه أمرهم وتجاوزوا – بارادة وطنية صرفة – المكتب الرئاسي للمؤتمر وخلافاتهم وطبقوا نصوص الاتفاق السياسسي وولد المجلس الأعلى للدولة من رحمه ولعله الضلع الوحيد في مثلث سلطات الاتفاق السياسي الذي التزم بالتنفيذ ولم تبدر منه أي محاولات شغب أو عرقلة أو تدخل في تعيين الوزراء أو وكلاء الوزارات أو تعيين السفراء.
ما جرى من صدام مسلح في مطار معيتيقة و محيطه .. هو نتيجة لتراكم اخفاقات تنفيذ الاتفاق السياسي باعتباره المخرج الممكن والمقبول لمعالجة تراكمات أخطاء ارتكبت من قبل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت والمؤتمر الوطني العام السابق ومجلس النواب الذي تجاوز مدده القانونية والزمنية. وبرغم ما شاب الاتفاق السياسي من عيوب فقد رضي به الجميع . البعض عن قناعة والبعض عن مضض. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. فقد عرقل مجلس النواب تضمين الاتفاق السياسي للاعلان الدستوري المؤقت وخلال السنتين الماضيتين لم يعرف العامة ما اذا كان مجلس النواب سيمضي في احترام توقيعه على الاتفاق أم أنه يرفضه. فالمادة 66 منه تنص (.. يتعين تفسير كافة المواد الواردة في الاتفاق وملاحقه كحزمة واحدة بما يكفل الوحدة فيما بينها). فهو يرفض بعض المواد ويريد تعديل بعض المواد واضافة مواد أخرى وكل هذه أعذار مختلقة عطلت التنفيذ وجرّت البلد الى ما هي عليه الآن من تأزم . وأعتقد أن المنحى بالدولة الليبية يتجه الى الاسفاف الذي سيؤدي الى كوارث وخيمة.
بعثة الأمم المتحدة لمساعدة ليبيا مشوشة الذهن والتفكير ومتناقضة في مواقفها . وأصبحت أحد أهم العوائق أمام تحقيق الاستقرار في ليبيا .. لأنها تستمع لدول الخارج أكثر مما تستمع للساسة الليبيين. ولأنها غير قادرة على أن تنتقد أو تشير بأصبع الاتهام صراحة للدول التي تتدخل في الشأن الليبي.. فان تغريداتها تكيل لنا الشتائم وتذكرنا باخفاقاتنا في حل مشاكلنا. وهي لا تعمل كوسيط أو ميسر محايد ونزيه بين طرفين متنازعين استطاعا في لحظة تاريخية أن يحسما الخلاف فيما بينهما في الصخيرات. فاذا بالبعثة تعيدنا الى المربع الأول بالاقتراح الأخير الذي قدمه رئيسها لمجلس النواب ومجلس الدولة أعطى بموجبه لمجلس النواب أكثر مما طلب ولم يستمع الى ملاحظات مجلس الدولة معطيا ظهره الى ما توصل اليه الجانبين في محادثات تونس من خيارات متعددة بالنسبة للتعديلات المقترحة في تكوين المجلس الرئاسي وفصل الحكومة عنه.
الخلاف أو النزاع بين طرفين رئيسيين هما مجلس النواب ومجلس الدولة ليس في شخوصهما وانما في توجهاتهما. وأنا لا يمكنني توصيف توجه أعضاء مجلس النواب ولكني بكل ثقة أقول أن أعضاء مجلس الدولة يمثلون تيارا سياسيا محوره الدفاع عن انتفاضة الشعب الليبي يومي 15 و17 فبراير 2011 التي تحولت الى ثورة وبرغم الاخفاقات المتواصلة بسبب العراقيل التي توضع أمام رغبة الشعب الليبي في التغيير ، الا أنهم يرون أن ما يحدث هو عاصفة رملية ساخنة ستنجلى لأن هذا الشعب ذاق الكبت والتخلف والتجهيل خلال 42 عاما من الحكم العسكري الشمولي ولا بد أن ينعم الشعب الليبي بوضع دائم ومستقر في كنف حكم مدني قوامه العدالة والقانون وحق المواطنة والتداول السلمي على السلطة بآليات ومؤسسات دستورية ينتخبها الشعب الليبي صاحب الحق والسيادة.
الوع الان هادئ في مطار معيتيقة ومحيطه ولكنه هش اذ لا يستطيغ احدا التنبؤ بما يمكن ان يحدث من مفاجآت. فالصراع يغلي مثل النار تحت الرماد. والمجلس الرئاسي لا يبدو أنه قادر على السيطرة على الأوضاع الأمنية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
ما يسمى الاتفاق السياسي هو جريمة قذرة ضد الديمقراطية وقواعدها وتآمرضد الشعب
كيف يمكن للخاسرين تقاسم السلطة و قد رفض الشعب وجودهم خلال انتخابات يونيو 2014 !!!
مقال رائع يشوبه بعض عدم الحقيقة ….( الاتفاق السياسي جريمة في حق ليبيا) و اغتيال للدمقراطية … اما الخطاء الثاني او عدم الحقيقة الثانية ( اعضاء مجلس الدولة يمثلون تيارا سياسيا محوره الدفاع عن انتفاضة الشعب الليبي يومي 15 و17 فبراير 2011 التي تحولت الى ثورة وبرغم الاخفاقات المتواصلة بسبب العراقيل التي توضع أمام رغبة الشعب الليبي في التغيير ، اولاً الانتفاضة تحولت لانقلاب و احتلال ثانياً اعضاء مجلس الدولة ليس تيار سياسي و إنما تيار حزبي اخواني جهوي و محبي للكراسي و السلطة بائعي الوطن ….يتبعون دول خارجية لا فرق بينهم و بين اعضاء البرلمان الفرق الوحيد ان البرلمان اخر من انتخب من الشعب الذي كان يجهل نوايهم…لك الله يا ليبيا
بالطبع جماعة لا لتمديد هم اول من يرد لم يعترف بحجم الكارثة التي وضعوا البلاد فيها … الله المستعان .