شعب حُرم وجُهّل وسجن وعُذّب وهُجّر من وطنه وقُتل وطورد أبنائه لا لشيء إلا لأنهم يسعون لعيش كريم فوق أرضهم وفي وطنهم وبين أهليهم!!!، استمر ذلك لعقود عديدة صار فيها الرضيع كهلا حرص المخلصون من أبناء الوطن “وأنا شاهد على ذلك” على تقديم النصح ومقترحات للإصلاح فلم يلتفت إليها أحد!، ما أدري هل هو الاستكبار بأن رئيس الدولة أو قائد الثورة هو صاحب الفهم الوحيد في كل شيء وما عداه لا يفقهون شئيا أم ماذا؟ كيف لا وهو الذي ادّعى أنه قدّم الحلول لجميع مشاكل البشرية كافةً؟!، إشارات استفهام كبيرة على تلك الحقبة الظلماء الطويلة التي افتقدنا فيها النور في قلوبنا ومن أعمارنا، يذهب بي التفكير أحيانا لدراسة الأسباب أسباب ضياع شعب ووطن لمدة ليست بالقصيرة ثم أعود قائلا: ربما من ضياع الوقت أن نصرف الجهد للبحث عن أسباب السياسة الرعناء التي كان ينتهجها قائد البلاد فلا طائل في قضاء الوقت وبذل الجهد والمال لدراسة أسباب عدم تقدم الدولة الليبية في عهد القذافي بل عدم تطور أي قطاع من القطاعات بل تدهور كل مناحي الحياة على كافة المستويات الإجتماعية، الزراعية، الصناعية، الإقتصادية، الصحية، التعليمية، والسياسية!!، فالوقت يُصرف في دراسة التجارب الناجحة ليستفاد منها.
كانت سنين عجاف ظلماء شديدة السواد لا الوطن تقدّم ولا الناس حافظت على قيمها وأخلاقها فقدنا كل شيء، إن ما فقدناه في تلك الحقبة ليدمي قلب كل غيور على أهله ووطنه، ولكنه أصبح واقعا نعيشه فلا فائدة من البكاء على الأطلال وكما يُقال الخيرة في الواقع، الرجل قُتل بما قدّمت يداه وكما يقول المثل جنت على نفسها براقش، وبراقش هذه أهلكت أهل قريتها وهلكت، وعلى كل حال براقش هذه كلبةٌ .
مع كل ما حدث في أربعين التخلف والانحطاط وبالرغم من صعوبة التغيير التي حاول القيام بها الكثير من أبناء الوطن ولكن للأسف لم تنجح جهود التغيير وقُتل جميع من حاول القيام بذلك سياسيا أو عسكريا، نسأل الله أن يغفر لهم، ونجى من استطاع الفرار بجلده ولكن كان الأمل يحدونا والحلم يرافقنا في أن يصبح لنا دولة كالدول بكل تأكيد ليست الدول العربية!، دولة فيها المواطن يعيشُ تحت راية العدل، دولة يعرف المواطن أن حقه لا يضيع، دولة ترقى فيها جميع الخدمات من التعليم والرعاية الإجتماعية مرورا بالزراعة والصناعة إلى السياسة الحكيمة داخليا وخارجيا، دولة يتساوى فيها الريّس والمرؤوس أمام القانون، نحلم بتلك الدولة فدعونا نحلم، روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه كان إذا أمر الناس بشيء بدأ بأهله فيقول: “إنِّي نهيت النَّاس كذا وكذا، أَوَ إنَّ الناس لينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأيمُ الله، لا أجد أحداً منكم فعله إلا أضعفت له العقوبة ضعفين”، هذا ما نطمح أن يتحقق ولما لا ونحن أمة العدل والمساواة؟!.
قام الشعب على الدكتاتور يطمح في عيش كريم ففرح الجميع بالتغيير لأنه حلم كل كبير وصغير أن يرى وطنه في مصاف الدول المتقدمة المزدهرة ويعيشه الناس واقعا وهنا أقصد بعبارة “يعيشه الناس واقعا” يشمل ذلك وعلى رأس أولويات المواطن أن يعيش كريما لا يُنتقص من كرامته لأنها هبة من الله فهو الذي كرّمه وحده لا أحدا سواه فمن يقوم بسلب كرامة الناس فهو معاد لرب الناس ولتعاليمه سبحانه وتشمل كرامة المواطن تلبية ما يحتاجه في حياته بالقدر الذي يكفل له حياة كريمة مزدهرة ولما لا والله أنعم علينا بخيرات لا تحصى.
ولكن بعد الإطاحة بهرم الفساد ازدادت بل تضاعفت معاناة المواطن فلم يزد الأمر إلا سوءا ولكي لا ننسى قال الدكتاتور الذي لم يتوقع يوما أن يقوم ضده الليبيين لأنه أذاقهم وأشبعهم هوانا وذلا قال: “سأجعلها نارا حمراء بعدي” وهذا ما يحدث تماما لأنه يعي جيدا من خلال الفترة الطويلة من حكمه ما قام به من تغييرٍ في سولك وخُلق المواطن وتركيبته الاجتماعية التي ضربها في العمق فلم يبقي من القيم والأخلاق والأصالة والعراقة شيئا ولذلك قال ما قال لأنه ربّى الناس على سوء الخلق وحين تضيع الأخلاق ماذا تنتظر؟، فخلف من بعده وتولّى أمر الدولة لصوص مال كان هم أغلبهم هو كم من المال يضع في حسابه مع الحرص على تهريبه للخارج كما أطلق الآلاف من مجرمي السجون وزودهم بالعتاد والمال فتشكلت عصابات مسلحة لبست لباس الثورة وأصبح لها سلطان وسطوة لن تفرّط فيهما بسهولة.
وفي الوجه السياسي لم ينجح أحد من السياسيين بعد ثورة فبراير في تبني رؤية للبلاد يقوم بتنفيذها ليرى الناس والوطن النور، حرب أهلية تأخذ أوجه متعددة ومحاولات حثيثة للعودة للمربع الأول وهو عسكرة الدولة عوضا عن الحرية والكرامة والعدل فإلى أين نحن سائرون؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ….. فكيف يريد ان يبني مستقبله
نحن شعب قام بحذافير و باثقان ما نهي عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي اله وصحبه اجمعين في خطبة الوداع …..فكيف نريد ان يقف معنا الله
نحن شعب لا يعرف الحق من الباطل …. فكيف نريد ان ينتصر الحق قي بلادنا
نحن شعب نقوم بمناصرة من يتاجر بالدِّين فكيف نريد ان يقوم الدين فينا
نحن شعب لا نحترم كبيرنا ولا نعطف علي صغيرنا فكيف نريد ان يرحمنا الله