أشاد المبعوث الأممي عبدالله باتيلي بالقوانين التي توافقت عليها لجنة6+6 في بوزنيقة المغربية، واصفا جهود اللجنة “بخطوة مهمة إلى الأمام”، لكنه اعتبرها غير كافية للتمكين من إجراء الانتخابات.
وحدد باتيلي الخلاف في أربع نقاط أساسية في قوانين لجنة بوزنيقة وهي:
– شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
– إلزام الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية حتى إذا تحصل مترشح في الجولة الأولى على أكثر من 50%.
– الأحكام القاضية بإلغاء الانتخابات البرلمانية إذا فشلت الانتخابات الرئاسية.
– الأحكام القاضية بتشكيل حكومة جديدة.
هذا أهم ما جاء المبعوث الأممي على ذكره في الجانب السياسي، في إحاطته أمس أمام مجلس الأمن.
وبالنظر إلى نتائج مفاوضات لجنة بوزنيقة، فهذه النقاط، خاصة الأولى والأخيرة، هي محور الخلاف بين الأطراف السياسية، ولا يجدي التوافق بشأنها بين لجنة 6+6 أو بين رئيسي المجلسين، ما دام هناك طيف واسع يرفضها، والمحصلة هي اعتراف ضمني من المبعوث الأممي بفشل مسار بوزنيقة، رغم أنه يترك الباب مواربا أمام الجهات الرئيسية الفاعلة، داعيا القوى الدولية إلى ممارسة المزيد من الضغط عليها، للتوصل إلى اتفاق سياسي بشأن هذه النقاط الخلافية، غير أن هذا الاتفاق الذي يتشوق له المبعوث الأممي متعذر، خاصة في بند السماح لمزدوجي الجنسية الترشح، بدون شرط التنازل عن الجنسية الأخرى، مع ميل باتيلي إلى فتح باب الترشح أمام الجميع، وحذف هذا الشرط، إذ ذكر في نهاية إحاطته، أن نجاح الانتخابات يستلزم اتفاقا سياسيا، يضمن قبول ومشاركة الأطراف المعنية الرئيسية، ولأن تفاصيل هذا الشرط تخص حفتر دون غيره، وهو من الأطراف الرئيسية في الأزمة، فموقف باتيلي إذا هو السماح له بالترشح، لكي تتم الانتخابات داخل إطار عملية سياسية شاملة.
الحديث عن الحاجة لاتفاق سياسي بين أبرز الفاعلين وكل مكونات الطيف السياسي، أكثر من مرة في الإحاطة، يكشف عجز باتيلي عن أخذ زمام المبادرة وتفعيل مبادرته، ولعل السبب الرئيس في هذا العجز هو تراجع الدعم الدولي، الذي فقد الكثير من حماسه السابق، ومن دون هذا الدعم لن يحرز باتيلي أي تقدم على طريق الحل، ولعل دعوته لمجلس الأمن، والمقصود الدول الكبرى فيه، إلى زيادة الضغط على الجهات الفاعلة في الأزمة، تؤكد قلة حيلته إزاء التحديات الكبيرة التي تواجه الانتخابات.
كل هذه المناورات من مجلسي النواب والدولة والأطراف المرتبطة بهما، هدفها ليس الانتخابات كما يعلَم الجميع، فلا نية ولا إرادة في ترك السلطة، وإنما تكمن النية في تشكيل حكومة جديدة، لنهب المزيد من السلطة والنفوذ، عبر تقاسم الوزارات والوكالات والهيئات والشركات والمؤسسات الحكومية، بذريعة ضرورة توحيد السلطة التنفيذية، والإشراف على الانتخابات، وهي من فكاهات الزمن الكوميدي الذي تعيشه البلاد هذه السنوات، وكأن التوافق حول كل ما تتطلبه العملية الانتخابية قد اكتمل، ولم يبق سوى تكليف حكومة للإشراف على تنفيذها مع مفوضية الانتخابات.
يرى باتيلي أن تشكيل حكومة جديدة موحدة، يحتاج إلى اتفاق سياسي بين أبرز الفاعلين، والمكونات الرئيسية المشكلة للطيف السياسي، وهي رسالة خاصة لعقيلة والمشري مفادها، أن تشكيل حكومة جديدة لن يكون حكرا على مجلسي النواب والدولة، بل سيشارك فيه كل الطيف السياسي الليبي، ومن ثم يخبو الأمل لدى عقيلة والمشري في الحصول على النصيب الأكبر من الوزارات، أو ضمان رئاسة الحكومة للشخصية التي يتوافقان عليها.
الإحاطة بالمجمل كانت مخيبة للآمال، ولم يبزغ منها أي بصيص في انفراجة قريبة، كإعلان البعثة الأممية عن الشروع في تنفيذ الانتخابات عبر مبادرة جديدة، لذلك ستبقى الأوضاع في حالتها الراهنة، زمنا ليس بالقصير.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً