بدأت الانتكاسة الفلسطينية منذ الإعلان عن التخلي عن البندقية ورفع غصن الزيتون وحمامة السلام وشطب الكيان على أنه دولة احتلال من الميثاق الوطني الفلسطيني الذي يعتبر بمثابة الدستور للدولة المنشودة التي لم تتحقق حتى الآن، المؤكد أن تصرفات الزعماء العرب والتضييق على المقاومة الفلسطينية ساهمت في تشتيت المقاتلين ونضوب المساعدات العربية لهم، لكن ذلك لا يبرر للسلطة الفلسطينية آنذاك، بأن توقع على اتفاقيات كامب دافيد المذلة وإنهاء حالة الصراع المسلح بحجة أنه لم تعد هناك نقاط يمكن للفلسطينيين العبور منها إلى الداخل المحتل، كلنا نعلم أن حرب 1973 لم تكن لتحرير فلسطين بل كانت حرب تحريك الركود السياسي وإذعان الحكام العرب لأمريكا بالاعتراف بالأمر الواقع نتيجة فائض القوة التي منحتها للكيان المغتصب لفلسطين والنتيجة استرجاع سيناء بشروط مذلة بعد مرور عقود من الزمن وعدم السماح لمصر بأن يكون لها تواجد عسكري بشبة الجزيرة أي اعتبارها منطقة عازلة لا تُشكل أي تهديد للكيان العنصري.
المفاوضات استمرت 14 شهر من الجهود الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة بدأت بعد أن تولى الرئيس جيمي كارتر الحكم وتم التوقيع عليها في 17 سبتمبر 1978 بين عرفات والسادات برعاية كارتر.
وثائق سريّةً تؤكِّد تنازل الفلسطينيين بـ(كامب ديفيد) عن حقّ العودة ومُوافقتهم أنّ الممّر الآمن بين الضفّة وغزّة بمسؤولية الاحتلال وتنازلًا فلسطينيًا عن حق عودة اللاجئين، واشتراط أنْ يكون الدخول لإسرائيل على أساسٍ إنسانيٍّ فقط، وطالب الصهاينة بتحديد عدد اللاجئين المسموح لهم بالدخول على أساس إنساني، وتحديده مسبقًا.
الفتحاويون والمطبلين لهم من الأقلام المأجورة، يرون في جنوح حماس للسلم لتخفيف الوطاء عن السكان المدنيين غير مقبول، لأنها كانت في يوم ما تعترض على الهدنة مع الصهاينة! ترى ماذا حققت الهدنة التي دعت إليها والتزمت بها فتح ومن هم على شاكلتها؟ هل خلال الهدنة استطاعت أن تبني قوتها الذاتية من حيث تشكيل خلايا مسلحة تقض مضجع المحتل؟ أم إنها وبانتهاجها طريق الاستسلام والخنوع ورفع غصن الزيتون أن توقف المحتل عن بناء المزيد من المستوطنات وتخفيف قضم الأراضي؟ هل تحقق سلام الشجعان الذي رفعتموه شعارا بائسا ذليلا؟، المقاتلون في غزة بمختلف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الفكرية والعقائدية هم من أجبروا الكيان على مغادرتها، الغزاويون ورغم الحصار الجائر، إلا أنهم استطاعوا أن يطوروا الأسلحة وخلق نوع من توازن الرعب، فهذه الأسلحة وأن تكن بسيطة استطاعت أن تُحلق في أجواء الوطن المحتل وتصل إلى حيث يختبئ الصهاينة وأثبتت أنها ليست عبثية كما أدعى رأس السلطة الفلسطينية وزمرته الفاسدة الخانعة، الساهرة على أمن وراحة المحتل، المبلغين عن النشطاء الذين لم يرضوا حياة الذل والهوان، الفتحاويون من اتفاقيات الذل والعار (كامب دافيد) إلى التفريط في كل شبر منها عبر أسلو التي لم يحضرها أي طرف دولي واعتبرت اتفاقا بين كيانين غير ذوي صفة دولية (جسمان غير شرعيان).
أقول دعوا حماس وبقية الفصائل وشأنها، فهي كفيلة بتنشئة جيل جديد مقاوم يحمي الأرض ويصون العرض، وقد بدأت طلائعه في الضفة الغربية، تقارع المستوطنين وتوقع بهم الهزائم، إن لم تكونوا قادرين (في أحسن الأحوال) على فعل شيء لصالح الوطن، فلا تكونوا سندا للمحتل وتبثوا الذعر في أذهان المقاتلين أو تثبطوا من هممهم وعزائمهم، يكفي أنكم والزمر التابعة لكم تقتاتون على المساعدات الدولية إنها ثمن سكوتكم أو لنقل ثمن بيعكم للوطن، أبناؤكم وعائلاتكم موجودون بالخارج ينعمون بالخيرات، بينما أنتم متواجدون بالداخل لحراسة الكيان والتبليغ عن الشرفاء الذين يهبون أنفسهم فداء للوطن.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً