يقول الإمام الشافعي رحمه الله: “ما حك جلدك مثل ظفرك *** فتولى أنت جميع أمرك”، أقول هذا مذكّرا مسؤولي البلد الذين يلهثون هنا وهناك يرجون من الآخرين أن يتولوا أمرهم ويحلون لهم مشاكل الوطن ومشاكلهم فيما بينهم وما أكثرها!.
بيت شعر الإمام الشافعي يضرب لنا مثلا عظيما في حالتين لحك الجلد الأولى وهو أن يأمر الإنسان إنسان آخر صاحب أو أحد من أفراد العائلة بأن يحك له جلده في المكان المراد حكه وهنا قد لا يصيب الصاحب أو الأخ المكان فيبدأ الطالب للحك بتوجيه المطلوب للحك إلى المكان المناسب كأن يقول له “لا لا فوق، لا تحت قليلا وهكذا” إلى أن يصيب المكان، أما الحالة الثانية فهي أن يقوم الإنسان بحك جلده بنفسه وهذا لا يحتاج منه لتوجيه أو وقت فهو يعرف المكان المراد حكه بدقة متناهية فيذهب إليه مباشرة فيحكه، فالفرق واضح وشاسع بين المثالين بين أن تقوم أنت نفسك بالعمل أو تطلب من أحد غيرك القيام بالعمل نيابة عنك ويعظم ذلك بقدر المسئولية.
هذا المثال ينطبق على ساستنا ومن يقود بلادنا فالحل بأيديهم وهو داخلي في مجمله قبل أن يكون خارجي ولكن ساستنا يطلبونه من غيرهم وهذا صعب المنال فتراهم في سفر ورحلات مكوكية إلى هنا وهناك بحثا عن الحل مرة في الإمارات ومرة في إيطاليا ثم فرنسا وأخرى في ألمانيا ورابعة تطير بنا إلى مالطا وروسيا والمغرب ولازال الحبل على الجرّار كما يقال فيصل الأمر بين قادتنا أن يسافروا طلبا للحل فيلتقوا في البلد المسافر لها ويجتمع مسؤولي تلك البلد مع كل واحد على حدةٍ لأن قادتنا !!! والله المستعان لا يريدون اللقاء وجها لوجه ولكنهم في المقابل يريدون حلا!!! يا للمأساة، ويا للعقول، ويا للقادة، عجيب أمر هؤلآء يريدون حلا وينفقون ويسافرون من أجله ويرفضوا الجلوس مع بعضهم، فأي عاهات أُصبنا بها!!! وعن أي حل يتحدث ويبحث هؤلاء!!!.
إن كنتم تبحثون عن حل فالحل بأيديكم فالحل ليبي ليبي بامتياز إن كان في العقول بقية وإلا فاللهث وراء الآخر في الأولى هو سبيل من لا يملك قدرات سياسية وعقلية وحكمة لإدارة البلاد ومن لا يملك تلك المقومات وغيرها لن ينجح في شيء أبدا وإنما سيدور ويدور الناس معه في دائرة مغلقة لن يخرجوا منها، وفي الثانية أن هؤلاء يعرفون الحل ويرونه ولكنهم لا يريدونه بل يسعون لإطالة الأزمة لمصالح ومنافع شخصية.
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله في الشطر الثاني من البيت: “وإذا قصدت لحاجة *** فاقصد لمعترف بقدرك”، فإن كان لابد من الاتجاه للآخر للمساعدة والمشورة وهذا لا بأس فالمصالح والمنافع مشتركة بين البلدان كما هي بين الناس ولكن إن كان كذلك لنتّجه لدولة ولرئيس حكيم لديه قيم وذو رأي سديد ولا نتّجه لمن سُمعته السيئة سبقته فيشور عليك بمشورة تقودك للمهالك كما لا نتّجه لمن لم ينجح في إدارة بلاده أو معروف بتدخلاته المشبوهة الكثيرة المثيرة للجدل في سياسات الدول الأخرى أو بعداوته للدين الذي من المفترض أن يكون رأس الأمر عند المسلمين فكيف نتجه لهؤلاء لطلب المساعدة وأي حكمة نرجوها ممن يفتقد الحكمة وما هو الرأي الذي نرجوه من عدو لديننا الحنيف أم أننا أفرغنا الدين من محتواه فأصبح عندنا غطاءً وقناعا نلبسه ونخلعه متى نريد وفقا للمصلحة؟.
ألم يقرأ مسئولينا قول الله تعالى: “فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” الحجر: 92، 93، ألا يعلم هؤلاء أنهم سيسألون عما يقومون به من أعمال أضاعت البلاد والعباد، ألا يعلم هؤلاء خاصة المكابر المعاند منهم للحق الداعي لتفتيت البلد بأقواله وأفعاله الذي يدعم سفك الدماء أنه سيسأل وسيحاسب على كل فعل اقترفه في حق الناس والوطن، ألا يعلم هؤلاء أن لله حقوق ومن حقوق الله حفظ أمن وأموال وأعراض وحقوق الناس وحفظ البلاد، فمتى يعقل هؤلاء؟!.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً