يبدوا أن التاريخ بدأ يعيد نفسه فعلاً فى ليبيا .. فوضع أعضاء مؤتمرنا وحكومتنا ووزرائها الأفذاذ حماة الوطن يذكّرنى بالمُستعمرة الليبية بعد الحرب العالمية الثانية 1943م عندما أصبحت تحت الإنتداب البريطانى أو بالمعنى الصحيح (تحت التاج البريطانى) وحتى أن نالت إستقلالها فى 1951م ومع ذلك كانت بريطانيا حاضرة دائماً ولها رأى فى السياسة الليبية بإشارة هنا أو غمزة هناك .
لا ننكر فى ليبيا أنه خلال مرحلة الإنتداب البريطاني شهدت البلاد حالة من الإنتعاش بظهور عدد من الأحزاب السياسية و الجمعيات الوطنية التي أصدرت بعض الصحف ، إضافة إلى هامش من حرية الرأى وإقامة الندوات العلمية والأدبية والمساعدة الفنيه فى تدريب الشباب الليبى ووضع البرامج التعليمية فى تطوير مستوى التعليم والصحة والخدمات بصفة عامة .. وهو ما نشكرهم عليه حيث كانت الدولة الليبية لا تملك شيئاً من الموارد ولم يكن النفط قد ظهر فى تلك الفترة ، بل كان الفقر والجهل والمرض والتخلف هو سيد الموقف ويهيمن على الدولة الليبية الوليدة التى كانت فى أمس الحاجة لمن يمد لها يد العون حتى ولو كانت غير راغبة فيه ولكن ما باليد حيلة من أجل إقامة الدولة .
ولكن عندما تكون موارد الدولة بمئات المليارات وليست فى حاجة لمن يُقدم لها شيئاً بل هى التى تجود بإعانة من حولها وتملك من الخبرات الآلاف من حملة الشهادات العليا ، فلماذا نسمح لساسة الدول الآخرى بأن يتدخلوا فى شؤونا؟ أم أن ساستنا كذبوا علينا بأنهم خبراء وعلماء وقد عاشوا فى أوروبا وأمريكا وهم على درجة عالية من التعليم العالى (وطلعوا فاشوش) ، حيث قال أحدهم يوماً أنهم قادرون على إدارة دول وليس دولة واحدة ، فهل ذلك مجرد كلام ودفنقى ؟ أم أنهم من الضعف فى إدارة ليبيا بأن ينحنوا أمام بريطانيا وفرنسا وإيطاليا يطلبون مساعدتهم فى إدارة شؤون الوطن حتى ولو كان إطفاء حريق بغاباتنا أم أن ذلك غصباً عنه وليس بإرادتهم .
أيها السادة .. أهلنا البسطاء الطيبين لديهم مثل شعبى يقول (شيخ ومقعود إحذاه) هذا المثل يُقال عن الشيخ الذى يتولى الحديث نيابة عن قبيلته أو عشيرته فى الدفاع عنهم فى القضايا العُرفية المُتعارف عليها بين القبائل والعشائر الليبية وعن مصالحهم وله كافة الصلاحيات العرفية للتوقيع نيابة عنهم وبتكليف منهم دون (صناديق إقتراع) أو إنتخابات هكذا العرف فى ليبيا والمطلوب منه أن يرتدى أجمل ما لديه من ملابس تُلفت الأنظار ليظهر بالمظهر المناسب(فى الميعاد) حتى ولو كان يجهل الكثير من الأمور فى أى مجال من المجالات ، أى كما يلبس أعضاء مؤتمرنا وأعضاء حكومتنا من بدل إيطالية وفرنسيه وبريطانية وكرفاتات ويضعون أفخم وأغلى العطور الباريسية نساء ورجال .. ولكن أحياناُ هذا الشيخ يفشل فى إدارة عشيرته أو قبيلته مما يستدعى طلب النجدة من قبل أحد أفراد العشيرة الذى يُعرف عنه الحكمة ورجاحة العقل غير أنه لم يحظى بتأييد من العشيرة أو القبيلة أو أنه يحترم نفسه ولا يرغب فى منافسة أحد بينما الآخر ربما يكون لديه من المقومات من خداع وغش أو تستر بالدين مثلاً وهنا تتضح صورته بمجرد إصطدامه بأول مشكلة أو موقف صعب ، فيتدخل رجال القبيلة ويفرضون عليه أن يكون ذلك الشيخ المُتميز العاقل والأكثر حنكة بجواره فى (الميعاد العرفى) لكى يُسانده وقت الحاجة أو عندما يتلعثم فى الكلام وهنا يُقال (شيخ ومقعود إحذاه)!! والحمد لله أن يكون من يساند الشيخ من أهله وليس غريب عنه كما يحدث اليوم فى السياسة الليبية على مستوى المؤتمر والحكومة حيث يجلس البريطانيون والفرنسيون وغيرهم وراء الكواليس كخبراء فى مكاتب وزاراتهم أو قاعات إجتماعاتهم ليلقنوهم كيف يتكلمون أو كيف يتخذون القرار فبئس هم من أناس فقدوا ثقة الشعب الليبى ولم يعد يحترمهم أحد ..
أقول … بمجرد أن حدث الإنفجار فى بنغازى أمام مستشفى الجلاء حتى سارع وزير الخارجية البريطانى بتاريخ 14/5/2013م بإصدار بيان جاء فيه .
(أدين بأشد العبارات الهجوم الجبان الذى وقع فى بنغازى بالامس ،و الذى أدى لمقتل وجرح مواطنين ابرياء . أعبر عن تضامننا، وتعازينا لعائلات الضحايا فى هذا الوقت العصيب . منذ سنتين وقف أهل بنغازى بشجاعة ضد القذافى من اجل تحقيق مستقبل افضل لهم ولابنائهم، أن هذا الارهاب لامكان له فى ليبيا التى ارادوا بنائها، وستستمر المملكة المتحدة فى دعم الشعب الليبى , والمؤتمر الوطنى ، والحكومة فى هذه الظروف الصعبة ، وسنواصل مساعدتهم فى سعيهم لبناء بلد آمن ، ومستقر ، وديمقراطى) إنتهى البيان .
مع العلم أنه لم يظهر أحد من أعضاء المؤتمر أو الحكومة إلا بعد وقت طويل من الإنفجار لكى يُصرّح بكلمات متلعثمة مُرتعشة .
هنا لا يسعنى إلا أن أحذّر شعبنا العظيم بأن شيوخ السياسة فى بريطاننيا وفرنسا وأمريكا وغيرها تحولوا بقدرة قادر إلى مسؤولين ليبيين بدرجة إمتياز حيث يتحدثون عن الوضع الليبى وكان ليبيا ليست دولة مستقلة ذات سيادة وكأنها مُستعمرة أو بنت يتيمه فقدت والديها وتحتاج إلى الرعاية حتى السن القانونية ثم يتركون لها الحرية فى العمل وإختيار زوجها دون أى إعتبار لشعب طالما عان الأمرين فى نضاله وكفاحه ضد النظام السابق الذى يعرفونه جيداً وطالما ساندوه وحموه من العدالة الدولية وحتى منهم من إنحنى على يده وقبلها !!.
إن ما نلاحظه من تدخل من بعض الدول فى سياستنا الداخليه لهو وضع مشين للغاية وفيه نوع من التعالى على شرفاء الوطن الذين لم ولن يقبلوا هذا الوضع الغريب .. فإلى متى يصل بساستنا الجدد بأن يقبلوا على أنفسهم تعالى بريطانيا وفرنسا وغيرها وتدخل حكومات وساسة هذه الدول فى الشأن الليبى ونحن إنتخبناهم بإرادتنا عن طريق صناديق الإقتراع الديمقراطية بالرغم من التزوير والكذب الذى صاحب تلك الإنتخابات وما مارسه علينا بعض المُرشحين من إخفاء حقيقتهم وإنتماءاتهم الحزبية التى أودت بالوطن إلى هذا الوضع المُهين والذى جعل كل من هب ودب يتدخل فى وضعنا الداخلى.
كم تأسفت خلال اليومين الماضيين من الخبر الذى تناقلته وسائل الإعلام بشأن تعيين خبراء من بريطانيا فى وزارات الداخلية والدفاع والعدل ليكونوا خبراء فى هذه الوزارات السيادية … هل فقدت حكومتنا ما تبقى من ما عندها من كرامة ولم يعد لديها ذرة من الخوف على وضع الدولة الليبية الجديدة حيث قامت بتسليم مفاتيح هذه الوزارات الهامة فى كيان الدولة ، للبريطانيين بأن يطلعوا على ملفات ووثائق وأسرار هذه الوزارات .. خبراء يعنى يُمكنهم الإطلاع على كل ما فى هذه الوزارات السيادية.
وهنا أود أن أستفسر !! أين التكنوقراط أصحاب الشهادات العليا الذين (دوختونا عنهم وعن كفاءاتهم التى لا مثيل لها فى العالم ) ووصفتوهم بأنهم علماء ولا يشق لهم غيار فى علمهم ، هل هم الذين جاؤءا مع سيادة الكيب وضيعوا فى عدة أشهر 66 مليار (حريق وضيق عليهم وعلى أسرهم) ، فمن أنتم لتسلموا الوطن بهذا الشكل؟؟ ، فلو كنا نعلم أنكم بهذا المستوى لكنا رفضنا صناديقكم المشبوهة وسياساتكم التى بدأنا نشتم منها رائحة الخيانة والعمالة والتبعية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً