لست في مجال التكهن بمن سيكون الرئيس القادم لمصر , بل لمعرفة بعض خفايا الحملات الانتخابية , وكيف تدار , والانتخابات المصرية عي اقرب مثال لدينا . وسأتحدث عن الأدوات السرية في الانتخابات . التي يجب على المواطن العربي وهو يمر في سنة أولى ديمقراطية حقيقية أن يتعرف عليها.
قبل الانتخابات المصرية التي انتهت البارحة , كانت اكثر الصحف المصرية تحاول رفع أسهم أحمد شفيق وعمرو موسى , وتخفيض حظوظ مرسي وأبو الفتوح وحمدين صباحي.
اليوم وقد انتهت المعركة انتخابية – المرحلة الأولى – عادت الصحف لتتحدث عن الواقع الذي ابتعدت عنه خلال الفترة الماضية , وكانت معظم الأخبار تتحدث عن احتمال أن تكون مرحلة الإعادة مقتصرة على مرسي وحمدين صباحي وأبو الفتوح ,
هنا يجب أن نتعلم نقاط مهمة في المرحلة القادمة , مرحلة الديمقراطية ولعبة صناديق الاقتراع , فهذه المعارك تدار على جبهتين ,
الجبهة الأولى , وهي الجبهة الظاهرة , وتمثل الدعاية الانتخابية المباشرة , سواء مؤتمرات جماهيرية أو ملصقات وصور وإعلانات . وغيرها مما نراه يوميا ونعرفه , ويدخل ضمن ذلك رأي النخب , فالممثل فلان يقف مع المرشح فلان , والمغني فلان مع المرشح الآخر ويدخل فيها كل من له جماهيرية وتأثير على الجمهور , ومن ذلك وقوف المغني الشعبي الشهير ” شعبولا ” مع عمرو موسى ” وأبنه عصام مع احمد شفيق . ولكن هذه معركة ظاهرة وأدواتها واضحة .
الجبهة الثانية , وهي مهمة , وتأثيرها كبير جدا , وهي تحاول التأثير على ثلاثة أنواع من الناخبين
النوع الأول, ويشكل نسبة لا تقل عن 15 % من الجمهور , وهي الفئة التي تنتخب المرشح الأقوى حظا بالفوز , وهذه النسبة قد تزيد في المجتمعات التي تعاني من الجهل اكثر من المجتمعات المتعلمة , ولكنها لا تقل عن 15% في أحسن الحالات , كما في بريطانيا وأمريكا ,
النوع الثاني , ويشكل أيضا نسبة 15% من الناخبين , وهي المجموعة التي تنتخب الأقرب إلى السلطة الحاكمة في المنطقة التي يعيش فيها , أو الأقرب إلى أصحاب القرار ,
النوع الثالث , وتشكل نسبة لا تقل في أحسن الأحوال عن 30 % من الكتلة الانتخابية , وهم الأشخاص الذين لم يقرروا حتى الوصول إلى الصندوق بيوم أو يومين من هو المرشح الذي سوف تنتخبه , وهذه النسبة قد تزيد وقد تنقص ,
وهكذا نرى أن الجبهة الثانية تحوي عددا من الناخبين قد يساوي أو يزيد على الجبهة الأولى , وهنا تكون اللعبة الانتخابية مختفية عن الأنظار, ولكن لكل من لديه المعلومات التي ذكرتها وسأتكلم عنها يستطيع أن يراها واضحة .
وأدوات هذه اللعبة هي:-
إطلاق الإشاعات والتكهنات أن المرشح فلان هو مرشح السلطة الممسكة بالقرار في البلد , وفي حالة مصر نجد أن الإشاعات كانت تقول أن الفريق احمد شفيق هو مر شح المجلس العسكري , وأن المجلس العسكري دفع به إلى الترشح ويقف خلفه .
ثانيا , مقالات التحليل التي تقول أن فلان من المرشحين هو الحصان الأسود , انه سوف يفوز بالانتخابات , وإنه يكتسب أرضية كل يوم , وهذا بالضبط ما حصل مع الفريق احمد شفيق , حيث كانت أخبار مؤتمراته تنقلاته تغطى صحفيا وإعلاميا , بينما لم يحظى الآخرون بربع التغطية أو اقل , بحيث تصحب هذه التغطية تلميحات إلى انه يكتسب قاعدة جماهيرية عريضة .
ثالثا , وهذا مهم جدا , وهي لعبة الإحصائيات , واستطلاعات الرأي التي تقوم بها الكثير من الجهات , وهي تظهر تفوق احد المرشحين , أو أن احد المرشحين بدأ “” يقترب “” من الحصول على النسبة الأعلى من الأصوات . وهذا بالضبط ما رأيناه في معركة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر , حيث أن الكثير من الاستبيانات و الدراسات والإحصائيات كانت تعطي عمرو موسى وأحمد شفيق التفوق , أو أنهم متجهون للتفوق على بقية المرشحين . بحيث تجعل القارئ الذي يثق بالأرقام المطروحة يتوقع فوزهم في الانتخابات ,
هذه هي الأدوات السرية في الانتخابات . التي يجب على المواطن العربي وهو يمر في سنة أولى ديمقراطية حقيقية أن يتعرف عليها.
بالطبع نتكلم هنا عن المعركة الشريفة أو شبه الشريفة ,وهنالك بالطبع عمليات ضرب تحت الحزام , مثل التشهير ببعض المرشحين , او الحديث عن مساوئ ” محتمله ” لهم , أو التشكيك في نواياهم , وهذه كثيرة جدا , ولا تقتصر على الحملات الانتخابية ,
وهكذا بعد أن انجلى غبار المرحلة لأولى من المعركة الرئاسية , وانتهى دور الجبهة الأولى والثانية , عاد الإعلام ليركز على الخبر والواقع ,
التوقع الآن أن تكون المرحلة القادمة بين أبو الفتوح ومرسي وحمدين صباحي , ولا عزاء للفلول ومن دعمهم من الإعلاميين .
والى معركة انتخابية ثانية , أسأل الله أن يوفق شعوبنا لما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة .
وعلى طريق الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً