غالبية المتحدثين عما يجري في ليبيا يؤكدون انه كانت هناك مطالب محقة للشعب اعترف بها النظام والمتمثلة في حرية الإعلام والتعبير عن الرأي والحاجة الماسة إلى دستور يبين تداول السلطة في البلد، إلا أن المأجورين والساعين إلى السلطة الذين نزحوا إلى الغرب لأسباب عدة خاصة أولئك الذين كانوا في مراكز المسؤولية بالخارج وعندما طلب منهم العودة إلى البلد, أعلنوا انشقاقهم عن النظام وتحويل ما بعهدتهم من أرصدة إلى حساباتهم الخاصة, صدرت بحقهم مذكرات توقيف(استنابتا) من الإنتر بول ولأنهم يعيشون في كنف الغرب فلم يتم جلبهم للعدالة, أبوا الاتوظيف الأحداث لصالحهم, فكان التدويل بدءا بدول الجوار”أفصح مؤخرا بعض مسؤولي تلك الدول بما قاموا به”, مرورا بالجامعة العربية التي سيطر عليها أمراء الطاقة وانتهاءاً بمجلس الأمن الذي وضع ليبيا تحت الوصاية, فكان التدخل الخارجي وانتهاك الوطن، تدمير المؤسسة العسكرية التي يخشى وجودها الإسلام السياسي القابع في أحضان الغرب.
خمس سنوات بالتمام والكمال ولا تزال تسفك دماء جديدة، اختطاف على الهوية أو لأجل المال، ميليشيات جهوية وفكرية تحكم قبضتها على كافة مرافق البلد، الحكومات المتعاقبة لم تقم بصيانة أي مرفق تم استهدافه وبالتالي الاستفادة منه في تقديم خدمات للمواطنين.
المشاريع المتوقفة لم تستكمل لدواع أمنية، لا مشاريع جديدة، فالأموال بالداخل تم الإجهاز عليها بالكامل، دخل النفط لم يعد يكفي مرتبات المنضوون في المؤسسات العامة، المستشفيات خاوية على عروشها، ارتفاع فاحش في أسعار المواد الأساسية تثقل كاهل المواطن، صرنا نتلقى “نستجدي” المساعدات الغذائية من الدول التي ساهمت في تدمير بلدنا.
نجد اليوم من يقول بان الثورة قد سرقت، ترى من قام بسرقتها؟ أ لم يسحل رأس النظام ويسحق على مرأى ومسمع العالم؟ أ لم يعلن رسميا تحرير البلد؟ أ لم يفر المحسوبون على النظام إلى خارج الوطن؟ أما الذين لم يتمكنوا من الفرار أو الذين فضلوا البقاء فإنهم لا يزالون يقبعون في السجون التي تفتقر إلى أدنى المعايير الدولية؟ أ لم تدفع الأموال الطائلة لأجل استجلاب رموز النظام الذين قد يسببون في أحداث شغب؟ أما والحالة هذه فما الذي يمنع من قيام الدولة “إذن”؟؟ بعض السذج الذين يحاولون التلاعب بعقول العامة “يعزون” ما يجري إلى قيام النظام قبيل انهياره بإخراج ألاف السجناء وإعطائهم السلاح لم يكن بإمكان السلطات الجديدة بعد أن استتب لها الأمر بان تقبض على هؤلاء وتعيدهم الى السجون؟ المنضوون تحت الميليشيات القائمة هم من يقومون بالسلب والنهب والقتل والتهجير،تدمير المؤسسات العامة مشفوعة بالتكبير والتهليل، وتدفع لهم رواتب ومزايا تفوق من أفنى عمره في الخدمة العسكرية.
يقول البعض بأن ما يجري هو نتاج عقود من الحكم الديكتاتوري، هل النظام السابق غرس في العامة حب تدمير مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة؟ القتل على الهوية؟ السلب والنهب؟ قطع الطرقات؟ لو كان الأمر كذلك لما عشنا في أمان تام على مدى تلك العقود، ولما انتقلنا في طول البلاد وعرضها وأقمنا علاقات مصاهرة ومشاريع أخرى، ولما تبقى فلسا واحدا في خزينة الدولة ناهيك عن الاستثمارات الخارجية، ولما شقّت آلاف الأميال من الطرقات المعبدة، كان بإمكان النظام السابق عندما أيقن انهزامه لا محالة أن يقوم على الأقل بتدمير ما شيده وقتل آلاف البشر، لكنه لم يفعل لأن الذي يبني لن يهدم، لكن وللأسف من أتوا قضوا على الأخضر واليابس.
إننا وبكل بساطة، نعاني انعدام أخلاق ساستنا، سواء أولئك الذين اخترناهم أو الذين نصبوا أنفسهم علينا أو الذين اختارهم الغرب ليكونوا أوصياء علينا، فهؤلاء لن يقيموا دولة، بل ممالك وإمارات تكون ملكا خالصا لهم، ينفذون ما يصدر إليهم من أوامر من قبل أسيادهم الذين أوصلوهم إلى هذه المراكز، فــ”العبد “يسبح بحمد ربه ويستغفره.
قد تقام الاحتفالات ببعض المدن، خاصة التي تعتبر نفسها أنها من خلصت البلاد من الحكم الديكتاتوري، فأصبحت مشهورة بالعالم تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة التي ساهمت في تضليل الرأي العام وتدمير البلد، لكن الرأي العام يظل مشدوها أمام ما يحدث وعزاؤه انه يدرك جيدا بأنه لم تتم استشارته ولم يشارك بخراب الوطن.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً