بعد هدنة طويلة نسبيا بين النظام السوري وما يسمى بالمعارضة المدعومة من تركيا، تتحرك المعارضة لمحاولة السيطرة على مناطق بالشمال السوري كانت قد فقدتها عقب تدخل الإيرانيين والروس إلى جانب النظام، واستحداث مناطق خفض التصعيد.
ما يسمى بالمعارضة تتخذ من الأراضي التركية مقرا لها، يأتي تحرك المعارضة عقب فشل دعوة أردوغان للرئيس السوري بالتطبيع مع أنقرة، لأن النازحين السوريين بتركيا يشكلون عبئا على اقتصاد تركيا المنهار، الذي ساهم ترامب إبان فترة رئاسته الأولى في إلحاق الضرر به، لأن أردوغان حاول أن يشكل قوة إقليمية مستقلة عن الغرب.
الرئيس السوري رفض دعوات التطبيع مع أردوغان إلا بعد انسحاب القوات التركية من بعض المناطق والتعهد بعدم دعم المعارضة السورية، الأمر الذي لم يتقبله أردوغان فوجد في الحرب الصهيونية على لبنان والحدود مع سوريا فرصة لزعزعة الأمن والاستقرار النسبي بسوريا، خاصة وأن محور الممانعة يتعرض حاليا لضغوطات وتصفية حسابات مع الصهاينة ومن يدعمونهم من الغرب.
ما تقوم به المعارضة هو محاولة لاستنزاف النظام، بعد هدنة لبنان وإجبار إيران والروس على التخلي عن حليفهم الأسد، هذا التحرك يلاقي استحسانا ومباركة من أمريكا ولا يشكل خطرا على الصهاينة خاصة أن التصعيد جاء عقب تهديد نتنياهو للأسد بأنه يلعب بالنار، وقد عمل نتنياهو خلال حربه الحالية على لبنان بتجييش الرأي العام المحلي والدولي على ضد الأسد بأنه يقوم بتزويد حزب الله بمختلف أنواع الأسلحة والذخائر وتجهيز المقاتلين لمساندته ولهذا السبب قام الصهاينة بقصف المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، كما أن الصهاينة أوعزوا إلى عملائهم من المعارضة السورية بأن يقوموا بأعمال تخريبية على جبهتي درعا واللاذقية، ومن المعلوم أن الصهاينة دعموا المجموعات المسلحة في القنيطرة العام 2013 لئلا تصل القوات المدعومة من إيران إلى الحدود، وتمثل ذلك الدعم في أسلحة شملت بنادق هجومية، رشاشات، قاذفات هاون ومركبات، وأرسلت في بداية الأمر بنادق (إم-16) أمريكية الصنع للمعارضين، كي لا تكشف أن مصدرها الصهاينة، كما أن الصهاينة قاموا بمنح بعض قادة المعارضة وعائلاتهم مأوى.
نتنياهو وأردوغان يعملان سوية على تأجيج الصراع في سوريا، ووقف الدعم العسكري البري الذي تقوم به فصائل المقاومة العراقية إلى سوريا وحزب الله في لبنان، من أجل تفكيك محور المقاومة الذي أظهر تماسكه من خلال ما يسمى بوحدة الساحات، حيث أثبت فاعليته وأجهد الصهاينة وألحق بهم أضرارا فادحة من خلال الصواريخ البالستية والطيران المُسيّر حيث عملوا على تطويره ليصل إلى مسافات بعيدة طاولت معظم مناطق العدو.
هدنة لبنان يمكن وصفها بأنها لم تحقق أهداف الصهاينة من حيث إبادة حزب الله وشل قدراته فالحزب ورغم فقدانه لمعظم قادته السياسيين والميدانيين إلا أنه أظهر بسالة في المقاومة أجبر الصهاينة على الهدنة التي قد تكون لإعادة لملمة قواته والعودة إلى القتال ثانية، وكذا الحال بالنسبة لحزب الله ومحور المقاومة مجتمعا (لا غالب ولا مغلوب)، وعليه فإن المنطقة لا تزال مؤهلة لمزيد من الصراعات المسلحة، في ظل عالم لا يعترف بحقوق الشعوب بالعيش الكريم الآمن المستقل ولا يكترث للمجازر الشنيعة في حق أناس أبرياء من النساء والأطفال (يمثلون نسبة 70% من الضحايا) إنها إبادة جماعية مع سبق الإصرار والترصد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً