التقط الإعلام الإيراني الرسمي بسرعة البرق عن قناة “العربية” خبر الانقلاب المزعوم في قطر والتي قامت القناة المملوكة للسعودية بحذفه بعد اربع دقائق من ظهوره على موقعها الالكتروني، وراح ينسج منه السيناريوهات ويبنى عليه التحليلات.
ورغم أن القناة، التي تبث من دبي، سارعت بالقول أن “شبّيحة الأسد زوّروا صفحة ‘العربية.نت’ لاستهداف قطر” وبأن قراصنة “ما يسمى بالجيش الإلكتروني السوري قاموا بعملية هجوم ضد القناة وموقعها”، إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية واصلت حتي الخميس ليلا الحديث عن “الانقلاب” الذي تداولته عشرات المواقع الإلكترونية الموالية لإيران أو المتعاطفة معها.
فلو صدّقنا ما يدّعيه الإعلام الإيراني، فإن قطر تكون قد شهدت هذا الأسبوع محاولة انقلاب ضد أميرها واشتباكات فتاكة بين قوات الحرس الملكي وعسكريين واعتقالات طالت كبار ضباط من الجيش.
لو سلّمنا بما تقوله وكالة أنباء فارس وقناة العالم وغيرها من منابر الدعاية الإيرانية ـ نقلا عن “مصادر قريبة من العائلة المالكة”، أو”مصادر دبلوماسية دولية”، وأخرى “مهتمة بالشأن القطري” ـ فـإن قطر تمر حاليا بظروف حرجة وأن الأوضاع فيها هشّة.
سيناريوهات انقلاب القصر
قالت وكالة أنباء فارس عن “مصادر دبلوماسية دولية” أن قيادات عسكرية قطرية احتلّت مكاتب كبار مسؤولي قناة الجزيرة القطرية وأخذوا يصدرون تعليمات وأوامر بتجهيز مواد خاصة عن قطر.
ثم تحدّثت، في تصريح “خاص” بالوكالة لـ”مصدر مهتم بالشأن القطري” عن “تصاعد الخلافات بين أبناء الأمير من زوجته الشيخة موزة وبين أبنائه من نسائه الأخريات” وقالت أن “أمير قطر تغير شكله وفقد جزءا كبيرا من وزنه بسبب انتشار مرض عضال في جسمه ‘يُعتقد أنه السّرطان”.
ونشرت قناة العالم في نفس اليوم تقارير وتحاليل مطوّلة عن “انقلاب” القصر وعن “الخلافات القطرية السعودية”. وذكّرت بمحاولة الانقلاب التي أحبطت في قطر في مارس 2011 والتي أعتقل خلالها عدد من ضابط بالجيش.
وتحدثت القناة عن “جدل ساخن” في الساحة السياسية السعودية حول “الدور القطري في المنطقة وعلى الأخص العلاقات مع جهات تضمر العداء للسعودية ودول خليجية أخرى” وعن “قلق رسمي وشعبي” في المملكة من “علاقات قطر مع الإخوان المسلمين وارتفاع حدة نشاطهم المعادي لأنظمة خليجية”.
مناخ قابل للإشاعة
يقول إعلامي عربي عارف بشؤون المنطقة لـ” ميدل ايست أونلاين” أن “إيران تستغل مناخا قطريا محليا خصبا لتلقي الشائعات. فالمواطن القطري العادي لا يستطيع أن يصدق أن تنجو بلاده، أو على الأقل الأسرة الحاكمة، بعد كل ما فعلته الدوحة من تصعيد وتحريض إقليميين، ابتداء من توفير القواعد لضرب العراق وصولا إلى سوريا، مرورا بليبيا واليمن ومصر وتونس وموريتانيا والمغرب وحتى دول الخليج الشقيقة”.
ويضيف الإعلامي قائلا أن “الطبل القطري الذي كانت ترقص عليه إيران صار مزعجا لها. فالتصعيد ينالها بشكل مباشر أو غير مباشر”، في إشارة إلى تزعّم الدوحة لحركة عزل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أقرب حليف عربي لطهران.
ويقول الإعلامي أن “الإشاعات، حتى وإن كانت تتحدث عن انقلاب مزعوم، تدلل على أن موعد تصفية الحسابات السياسية والإعلامية قد يكون أقرب مما يعتقد البعض”.
ويختتم قائلا “ولولا حقل الغاز المشترك بينهما لكانت قطر اليوم تصبّح وتمسّي بشتم إيران كما هو الحال مع سوريا، وبدرجة أقل حزب الله”.
وقد اتهمت طهران مؤخرا الدوحة بسحب غاز إضافي وبشكل غير قانوني من الحقل ـ الذي تسميه قطر بحقل الشمال بينما تسميه ايران بحقل “جنوب فارس” ـ وباستمالة أكفأ الموظفين الإيرانيين في تطوير الجزء القطري من الحقل من أجل استغلال تقدمها الكبير مقارنة بالجمهورية الإسلامية، جراء العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها المتعلق بالتخصيب النووي.
ولم ترد الدوحة حتى الآن على هذا الإتهام، كما أنها تلتزم الصمت عن الحملات الإعلامية الإيرانية التي أصبحت تستهدفها منذ مطالبة أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في نوفمبر الماضي بإرسال قوات عربية إلى سوريا لإيقاف عمليات القتل التي يتعرض لها الشعب.
نجاد يحتاج لعدوّ في المنطقة
المؤكد هو أن وسائل الإعلام الإيرانية سوف تواصل إمطار الناس بالإشاعات، كما أن إيران ستستخدم المشاكل الحقيقة الموجودة على الأرض منذ عقود للتخفيف عن النظام السوري، أكبر حليف عربي لطهران.
ويرى المراقبون أن زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى، والتي أشعلت فتيل نزاع دبلوماسي قديم حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على تسويته بطريقة ودية، كانت تهدف إلى التشويش على الحراك الخليجي ضد الحليف الإيراني.
ويذهب أنور عبد الرحمن، رئيس تحرير صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية، إلى أبعد من ذلك إذ يعتقد كذلك أن أحمدي نجاد قام بتلك الزيارة لأنه “يحتاج لعدوّ في المنطقة”.
ويضيف عبد الرحمن في حديث لـ”الواشنطن تايمز” أن نجاد “يحتاج لشيء يوحّد الإيرانيين” الذين أنهكتهم العقوبات.
اترك تعليقاً