أعلن اليوم السبت التلفزيون الإسرائيلي وفاة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون عن عمر ناهز 85 سنة. وكان شارون دخل في غيبوبة، لم يخرج منها، إثر تعرضه لجلطة دماغية في الرابع من كانون الثاني /يناير 2006. هنا عودة على أبرز ما ميز مسيرة هذا الرجل على الصعيدين السياسي والعسكري.
توفي اليوم السبت في مستشفى شيبا بتل هاشومير بضاحية تل أبيب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون الذي أصيب قبل ثماني سنوات، في الرابع من يناير 2006، بجلطة دماغية، دخل بعدها في غيبوبة عميقة لم يخرج منها.
يبقى شارون الذي أخرجه تأرجحه الطويل بين الحياة والموت من الذاكرة الإعلامية الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة ورماه في دائرة النسيان، من تلك الشخصيات التي يصعب على التاريخ نسيانها، فهو يظل بمعزل عن العدد الكبير من محبيه وكارهيه السياسي الأكثر إثارة للجدل في إسرائيل.
ولد شارون في العام 1928 في فلسطين الرازحة تحت الانتداب البريطاني، أبدى منذ شبابه ولعا بالعمل العسكري، انتسب إلى ميليشيا “الهاغانا” السرية التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي لاحقا، وكان في العشرين من عمره. وشارك في الحرب العربية- الإسرائيلية الأولى عام 1948.
تدرج أرييل شارون في المراتب واكتسب صفة “الجندي الشجاع والمخطط البارع”، وبالرغم من قلة انضباطه أسند إليه الجيش قيادة الوحدة 101 في العام 1953، وقد ارتكبت هذه الوحدة مجزرة في قرية قبية في الضفة الغربية في نفس السنة، ذهب ضحيتها 70 فلسطينيا معظمهم من النساء والأطفال، المجزرة جاءت ردا على عملية فلسطينية سقط خلالها قتلى في الجانب الإسرائيلي. وللدفاع عن نفسه قال شارون لاحقا إنه كان يعتقد بأن المنازل غير مأهولة.
شارون “سيد الاستيطان”
حتى العام 1972 كانت شهرة شارون مرتبطة بالمهام التي أسندت إليه، ففي 1956 خلال أزمة قناة السويس تغلغلت الوحدة 101 التي كان يقودها شارون خلف خطوط الجيش المصري في سيناء قبل أن تجبرها الضغوط الدولية على الانسحاب، الأمر الذي عاشه شارون كفشل لمهمته. 11 عاما بعد ذلك وخلال حرب الأيام الستة في 1967 نجح شارون في سيناء ورفع العلم الإسرائيلي في غزة.
خلال حرب 1973 نجحت الفرقة التي يقودها شارون في عبور قناة السويس ومحاصرة القوات المصرية، فدخل شارون القائد العسكري في وجدان الإسرائيليين.
بعد حرب أكتوبر عبر أرييل شارون الخط الفاصل بين العمل العسكري والسياسة، فشارك في تأسيس حزب الليكود اليميني ودخل الكنيست. في العام 1977 أعيد انتخاب شارون في البرلمان الإسرائيلي وأسندت إليه وزارة الزراعة وشؤون المستوطنات وكان مناجيم بيغن رئيس الحكومة آنذاك.
ومن هذا المنصب بدأ شارون تنفيذ “حلم” حياته في توسيع خريطة الدولة العبرية، وكان مقتنعا بمشروعه إلى حد السماح بنشر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وإقامة معسكرات للجيش كعائق أمام قيام دولة فلسطينية.
مجزرة صبرا وشاتيلا
في العام 1982 عين شارون وزيرا للدفاع، وفي حزيران /يونيو من العام المذكور أمر قوات الجيش الإسرائيلي في غزو لبنان وكان الهدف المعلن من هذه العملية “السلام في الجليل” التي كان من المفترض أن لا تتجاوز 48 ساعة هو إبعاد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية عن الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. لكن الجيش العبري اجتاح بيروت واحتل شريطا في جنوب لبنان لمدة 22 عاما. وكان ما افترضه شارون نصرا وشرفا هو سيل من الانتقادات بحقه.
فخلال احتلال قواته للعاصمة اللبنانية ارتكبت الميليشيات المسيحية، على مقربة من مواقع الجيش الإسرائيلي وداخل مجال رؤيته، مجازر مرعبة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في جنوب بيروت. العالم بأسره أصيب بالذهول واتهم شارون بالتساهل. الغضب طال الشارع الإسرائيلي أيضا وفتحت تل أبيب تحقيقا في المذابح التي حلت بالفلسطينيين في مخيمات بيروت، فأضطر أرييل شارون للاستقالة في العام 1983 والابتعاد عن الحياة السياسية.
ولكن عبور الصحراء لم يدم طويلا، فبعد أشهر قليلة عاد شارون إلى الواجهة السياسية وتنقل بين حقيبة وزارية وأخرى وتولى رئاسة الحكومة في العام 2001.
ولكن معركة شارون لتحقيق ” إسرائيل الكبرى” وترك الفتات للفلسطينيين لم تتوقف. ففي 28 سبتمبر/أيلول 2000 قام شارون وكان يومها نائبا في الكنيست بزيارة باحة المسجد الأقصى في القدس. فرد الفلسطينيون على ما اعتبروه استفزازا بإشعال انتفاضتهم الثانية من 2000 إلى 2005.
“جدار العار”
في العام 2001، فاز شارون وكان في 73 من العمر فوزا ساحقا بالانتخابات وكلف برئاسة الحكومة. واستمر الرجل في سياسته الاستيطانية الواسعة، وجمد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بعد موجة من العمليات ضد الإسرائيليين وباشر في بناء جدار فصل يحاصر الضفة الغربية، “جدار أمني” بالنسبة لتل أبيب و “جدار العار” بالنسبة للفلسطينيين. في العام 2005 يأمر شارون بتفكيك المستوطنات في قطاع غزة وسحب قوات الجيش الإسرائيلي، خطوة اعتبرها البعض تطورا سياسيا والبعض الآخر رضوخا تكتيكيا للضغط الدولي.
في العام 2005 أسس أرييل شارون، بعد تركه لليكود، حزب كاديما الأقرب إلى الوسط. وكان ضامنا لإعادة انتخابه ولكن جلطة دماغية أصابته في 2006 وأغرقته في غيبوبة دائمة.
فرانس 24
اترك تعليقاً