متى سنتحرر من العبودية والتبعية، متى ننفض عنا غبار العبودية للطغاة ومتى نعي ونتوقف عن صناعتهم؟؟ إنها ثقافة عدة قرون شربنا خلالها كؤوس الذل وتربينا على الهوان وعلى القيود التي كُبّلنا بها فكريا واجتماعيا وتربويا وسياسيا في إطار عبودية وضعنا فيها طوعا أو كرها الحاكم صاحب السطوة والجبروت تحت شعار فرعون في قوله لا أريكم إلا ما أرى حتى يتم لمن أراد لهم العدو التمكين والتمكن من عقول الناس والسيطرة على البلاد. إن الوضع الراهن الذي يعيشه الشعب العربي من خضوع وخنوع هو نتيجة الإستبداد السياسي الذي مارسه الحكام خلال عقود من الزمن تراوح فيها الشعب بين حكم العسكر وحكم الملوك والأمراء الحكم الوراثي.
فحكم العسكر الذي انقلب على الحكم الوراثي الملكي في القرن الماضي واصفا إياه بالحكم الرجعي المرتمي في أحضان الإستعمار حيث جاء العسكر بزعمهم لتحرير الشعوب العربية (الشعب العربي) من براثن الإستعمار والعملاء كما جاء ليحرر فلسطين ويستعيد بيت المقدس فالتفت حولهم الشعوب تحت شعارات غالبا ما كانت زائفة مثل الحرية والوحدة فلم يتحقق منها شيئاً فعلى سبيل المثال كان ديدن الحكام العسكريين وشعارهم من النهر إلى البحر (فخسرنا النهر والبحر) ففي عهدهم مني العرب بهزائم لا حصر لها من قبل العدو الصهيوني. وعلى الصعيد السياسي بدأ هولآء الحكام بتصفية ما سُمّي بالضباط الأحرار الذين شاركوهم الإنقلاب على الأنظمة ليخلوا لهم المجال وعادة ما يعتمد حكم العسكر على القوة الغاشمة والتنكيل والبطش بكل من يعارضه فالكل يسبح بحمد الحاكم إذا منح فهي هبة ومنّة منه على الشعب فالشعب ليس له حق في خيرات وطنه وكأنه وُلد عبدا مطيعا لا يحق له المطالبة بحقوقه وإن تجاوز ذلك وتجرأ بالكلام عند سيده وطالب ولو بجزء من حقوقه فسيسجن، يُنكّل به وفي كثير من الأحيان يُقتل، وإذا ابتسم الحاكم يجب على الشعب أن يكظم غيظه ويصبر على جوعه وفقره وينسى كرامته ولكنه يجب أن يبتسم لأن الحاكم ابتسم كانوا يقولون لنا في الجامعات حين زيارة الحاكم العسكري القائد الملهم !!! لا تتكلموا لأن مزاج الملهم اليوم متذبذب أي غير طبيعي !!! هكذا كان يتصرف المسبحون بحمد الملهم، أفلا يستحي هؤلآء !!! وبعد ذلك وبعد محاربة الحكام العسكر الثوريين لتوريث الحكم أصبح الحكام العسكريين بعد اغتيال معارضيهم الذين يشكلون خطرا بأفكارهم أو شخصياتهم صاروا يسعون لتوريث أبنائهم بعد إن قاموا على التوريث ورفضوه بحجة التحكم في رقاب الشعوب فأصبحوا يتحكمون في كل شيء. لقد عشنا في الشرعية الثورية التي لا يسئل فيها الحاكم العسكري الملهم عما يفعل؟؟؟!! لقد عشنا عصرا تمحى فيه شخصية الأفراد وتحارب إمكانياتهم ويحرّف فيه تاريخ مجتمعاتهم؟؟؟
لقد جلب لنا الحكام العسكريين أسوء نظم العالم في الحكم من استبداد واستعباد للشعوب التي أصبحت ولازالت أفكارها مستعبدة لعقول كثير من الناس ليومنا هذا تسبح بحمد الحاكم العسكري الملهم والمنقذ والزعيم الذي قتل في الإنسان العربي إنسانيته كما قتل فيه شعور العزة والكرامة فنشأ جيل خانع يسيطر عليه الخوف ليس لديه القدرة على التضحية والتحدي بل والتفكير خارج الدائرة التي رسمت له. وتتفكر في حال كثير من حاشية الحاكم ومن حوله الذين يسبحون بحمده حيا وميتا فتتعجب من هؤلآء أشد العجب !!! فتقول: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا.
لقد أنتجت هذه الأنظمة الجاهلة القمعية إنسان مستعبد لا يمكن له أن يقود الأمة للتقدم والتحرر والإزدهار فنقطة التغيير هي أن يتحرر الفرد من عبودية الإنسان من عبودية الحاكم إلى عبودية الله الواحد القهار حينها فقط يولد الإنسان الحر الذي لا يخاف إلا الله ويستطيع أن يقود الأمة ويصعد بها للعلى.
أما حكم الملوك والأمراء ففي الغالب يتبع نفس السياسة ولكن بأسلوب ناعم وأكثر سرّية ومع التقدم التقني في مجال الإتصالات ولله الحمد لم يعد خافيا على أحد إلا من أبى ما يفعله حكامنا من موالات الأعداء ومحاربة الإخوة الأشقاء وتضييع مقدرات الأمة ودفعها في أشكال متنوعة للأعداء وخداع الشعوب بما تملك من وسائل إعلامية متعددة بأيدي خانعة واستغلال الدين لتخدير الشعوب.
والأدهى من ذلك والأمرّ أن تجد من المحسوبين على رجال الدين من يُأصّل للعبودية والذلة للحاكم الظالم الغاشم اللص المضيع لخيرات البلد المتصرف فيها وكأنها ميراث ورثه عن أبيه عن جده (كما قال أحد الملهمين العسكر إستخفافا حين اشترى إبنه سيارة رياضية غالية الثمن أن ابنه باع نياق جدّه واشترى بها السيارة) ولسان رجال الدين هؤلآء يقول كما قال الشاعر: ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ *** فاحكُمْ فأنتَ الواحد القهّارُ …. و كأنّما أنتَ النبيُّ محمّدٌ *** وكأنّما أنصاركَ الانصارُ …. أنتَ الذي كانتْ تُبشِّرنَا بهِ *** في كُتْبِها الأحبارُ والأخبارُ …. هذا إمامُ المتَّقينَ ومنْ بهِ *** قد دُوِّخَ الطُّغيانُ والكُفّار.
أبيات في الغلو والنفاق قالها إبن الهانئ في المعز لدين الله الفاطمي فقرّبه منه وتباهى به لأنه مثله فالطيور على أشكالها تقع كعادة حكامنا اليوم في تقريب كل من يمدحهم على ما يفعلون من مخازي يندى لها جبين الحر، مدحٌ وتملق وتزوير وصناعة بطولة وقيادة وهمية ليس لها في واقع الشعوب والأمة أساس ولكنهم لا يستحون ؟؟!!! وفي مقارنة إستشهادية للحكام الرجال والقادة العظام قيلت نفس الأبيات من شاعر في الملك المنصور محمد بن أبي عامر وهو الذي وصلت في عهده الدولة الإسلامية في الأندلس إلى ما لم تصل إليه من قبل، وهو الذي خاض ست وخمسين (56) معركة لم يُهزم في واحدة منها، قال فيه الشاعر: ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ *** فاحكُمْ فأنتَ الواحد القهّارُ….. و كأنّما أنتَ النبيُّ محمّدٌ *** وكأنّما أنصاركَ الانصارُ، ماذا كان رد المنصور رحمه الله هل قرّبه وجعله شاعره المفضل كما يفعل طواغيت اليوم؟ هل أعطاه من المال ما يريد أو ملّكه ما يبغي؟ لقد صاح المنصور أن أسكت ثم أمر بجلده 500 جلدة بالسوط ثم حبسه ثم نفاه أي أخرجه من الأندلس وقال: لا نجتمع أنا وهو في أرض واحدة.
بمثل هؤلآء العظام وأمثالهم يُصنع التاريخ وتعيد الأمة أمجادها، فبالحرية والكرامة والتخلص من عبادة الحكام تنهض الأمة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اخي العزيز المحترم .. نوري الرزيقي … الجواب كما يلي عندما نحن الشعب نتعلم كيف تربي النفس الأماره بالسوء عندما نتخلي عن الاستيلاء علي املاك الناس والسرقة والكذب والخداع والحسد عندما تمتلئ العين الفارغة برؤية الحق الجبار الرحيم المعطي عندما نؤمن بالله ونتوكل علية وحده ….لن يرزقنا الله ابوبكر او تمر الا عندما نكون كما كانوا الذين خلفهم …. نحن نعطي علي قدر اعمالنا …. وليس هناك خير إثبات علي ان الله يعطي الشعوب علي حسب أعمالها اكثر من ليبيا ……. بالله عليك شعب 90% فاسدة يأكل ويشرب ويلبس ويسكن ويتاجر الحرام … ماذا تريد ان يكون حكامه