من نافلة القول أن لا أكون في هذه الوظيفة، ولكن يتحتم علينا كوطنيين أن نبين السياسات الأكثر أهمية وشعبية والتي تحدث فارقا في حياة الليبيين عامة.
لو كنت رئيسا للوزراء فشعار الدولة سيكون “حكومة قوية بمؤسسات عادلة”، ومنه تنطلق جميع السياسات.
الوضع الحالي أن حفتر جلب مخازن سلاح العرب المسلمين والكفار في مئة رحلة جوية إضافة إلى النقل البري وآلاف من المرتزقة الأفارقة والروس، وأن سياسة حصار طرابلس سيستمر بدعم الإمارات مع قضم الأراضي من المنطقة الغربية كل يوم لصالح حفتر، وسينتقل إلى الاستلاء على معبر رأس جدير الحدودي، وجعل ميناء طرابلس والمطار الوحيد في مرمى النيران، مع إيقاف تصدير النفط وخسارة أكثر من ملياري دولار حتى الآن، كل ذلك لأجل تركيع حكومة الوفاق الضعيفة لقبول مجلس انتقالي جديد بحكومة جديدة يكون حفتر وزيراً للدفاع وعارف النايض رئيسا للوزراء كما في السودان، وقد يتطور الأمر مستقبلا لانقضاض العسكر على الحكم كما في مصر، إذا ما العمل؟.
من الملاحظ أن المؤتمرات المتلاحقة لن تفضي إلى شئ بسبب عدم وجود حكومة قوية في الغرب الليبي يمكن التعامل معها ولم يُسمع الجيش صوتهم، وتركيا رغم جهودها الجبارة فهي تتعاون مع جسم ميت يتيم تحاول أن تنفخ فيه الحياة.
كرئيس للوزراء يمكن استخدام الصلاحيات الموسعة داخليا وخارجيا لتغيير الوضع الحالي، أول هذه الإجراءات ترتيب البيت الداخلي بتعيين وزراء ضالعين في مجالهم، وأولهم وزيراً للدفاع ودعمه للاستعداد لتطهير الوطن من المتمردين والمرتزقة، وتفعيل لواء الجنوب ومده بالمال والعتاد لنشر الأمن ومنع تدفق المهاجرين وتأمين حقول النفط، وأول معارك وزارة الدفاع الجديدة دخول بركان الغضب إلى ترهونة وتحريرها من قبضة الكانيات، ودخول لواء الجنوب إلى حقلي الشرارة والفيل وتأمينهما.
تعيين وزيراً جديداً للخارجية من أجل ربط ليبيا بالمؤسسات الدولية وإحياء اتفاقيات الدفاع مع الدول الصديقة، وغلق أكثر من خمسون سفارة لا فائدة ترتجى منها سوى إنهاك خزينة الدولة.
بالتوازي تعيين وزيراً للعدل لرفع القضايا ضد حفتر محلياً ودوليا في المحاكم و المؤسسات الحقوقية مثل محكمة العدل الدولية.
ومن الأهمية بمكان تعيين وزيراٌ للمالية لتبني اقتصاد الحرب، من تمويل متطلبات المعركة لتطهير البلاد، وقطع الرواتب والتحويلات المالية لمجموعات الكرامة والداعمين له من الوزراء والنواب والحكومة الموازية.
لا شك أن الداخلية لها مكانا مميزاً لتفعيل جهاز الاستخبارات العامة، من أجل المحافظة على السلم الاجتماعي، وتفكيك المجموعات الخارجة عن القانون، وإرساء دعائم مؤسسات الدولة، والمحافظة على الحريات العامة، والبعد عن الشعبوية والقبلية والجهوية وتبخيسها واحتقارها والعناية بالمواطن الفرد والمؤسسات الدستورية.
هذه الإجراءات ستعيد مئات المهجرين إلى بيوتهم وستعيد نصف إنتاج النفط إلى سابق عهده وستنقل المعركة الاقتصادية إلى أبوب الكرامة ويشتد لهيبها بين الكرامة والفيدراليين، والدول الداعمة لهم، لتنتهي قصة الكرامة في عقر دارها، فضلا على أن تقوية موقف الحكومة الليبية هكذا سيغير نظرة أوروبا وأمريكا حيالها ويتقاطرون لكسب ودها بعد أن كانوا يلعبون بعواطف الليبيين بتصريحات القلق والتأسف على الوضع المزري، مع الشوق إلى التحكم في مقدرات الدولة الليبية.
قد يقول قائل أن هكذا إجراءات قد تؤدي إلى انفصال الشرق الليبي عن غربه، هذا الاحتمال بعيد عن الواقع لعدة أسباب منها أن معظم المواطنين في الشرق الليبي فُرضت عليهم الكرامة من الخارج وهم يعيشون في حكم بوليسي عسكري يدافع عنه ثلة من النفعيين بمساعدة دول إقليمية، وأن الفيدراليين وزعماء القبائل الذين تزعموا الانفصال قام حفتر باحتقارهم فأنضموا له عنوةً أو تملقاً فصدق فيهم قول الله تعالى “فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” وأن ليبيا رأت الكثير من الطغاة مثل علي برغل وأحمد باشا القرهمانلي وغيرهم من المغامرين ومناصريهم من الدهماء ولم تتأثر الجغرافية الليبية لقرون.
هكذا إجراءات ستفضي إلى تغيير جذري في البنية السياسية والاجتماعية للانتقال إلى الاستفتاء عن الدستور وبناء مؤسسات الدولة بعيد عن سلطة الفرد وحكم العسكر وطغيان الدول الإقليمية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً