منذ أكثر من 3 عقود وفي ظل النظام الطائفي يمر لبنان بأزمات اقتصادية متلاحقة في ظل عدم محاسبة حيتان المال الذين اتوا على كل مدخرات اللبنانيين, وجعلوا لبنان يستجدي المجتمع الدولي, بين الفينة والأخرى تقوم باريس بعقد مؤتمر لأجل مساعدة لبنان بين منح وقروض يذهب جلها إلى جيوب الزعماء أصحاب الشركات المنفذة للمشاريع والتي عادة لا يتم استكمال تنفيذها إن لم تكن بالأساس مشاريع وهمية، وبالتالي لا يستفيد المواطن من تلك القروض والهبات بينما تتحملها الخزينة العامة التي فاق عجزها المائة مليون دولار.
حاول الشعب اللبناني الاحتجاج على الأوضاع المزرية في جل المناطق اللبنانية، لكنه لم يجن شيئا، بل تفاقمت الأمور، استقال رئيس الحكومة وجيء بآخر، لا فرق بين هذا وذاك فجميعهم ودونما استثناء منخرطون في مسلسل إهدار المال العام.
في الرابع من آب (أغسطس) تمر ذكرى انفجار مرفأ بيروت بسبب تخزين مادة نترات الامونيا القابلة للاشتعال، الاتهامات، طالت وزراء سابقون وحاليون ورجال أمن ولأجل محاسبتهم يتطلب الأمر رفع الحصانة عن الوزراء الذين يجمعون بين الوزارة والإنابة!، إضافة إلى أن هناك قيود تقف حائلا دون محاسبة الوزراء ورؤساء الحكومات، ما يعني الصعوبة في الوصول إلى مسببي الكارثة التي اودت بحياة اكثر من مائة شخص ومئات الجرحى وسقوط العديد من المباني السكنية والإنتاجية، يلوح البعض باللجوء إلى المحكمة الدولية على غرار محكمة الحريري التي أنفق عليها المليارات من خزينة الشعب اللبناني وفي النهاية لا نتائج تذكر.
يطلقون على البلد سويسرا الشرق، لكنه وللأسف لا ينتج شيئا بل يعيش شعبه على التسول الأممي، لقد كانت فرنسا ومن معها من الدول الاستعمارية تعي جيدا اقتطاع لبنان من سوريا الكبرى وما يحوي من طوائف ومذاهب، يصعب معها إقامة دولة مدنية، حيث تم تنصيب زعماء لتلك الطوائف يعملون لصالح طوائفهم، أما الدولة فهي مجرد حاضن سياسي لهم، وقد يقيم هؤلاء الزعماء علاقات مع دول أجنبية تعود بالنفع لصالح هذه الطائفة أو تلك، وقد تنشب بين الطوائف (بدعم من تلك الدول) خلافات قد تصل إلى حد الاقتتال، نذكر منها الحرب الأهلية التي استمر لعقدين من الزمن بدأت في سبعينيات القرن الماضي، حصدت أرواح العديد من الأبرياء، وأجبرت الكثير على الهجرة إلى مختلف دول العالم، فأصبحت أعداد اللبنانيون في الشتات تفوق أعدادهم بالداخل (يمكننا أن نطلق على البلد فلسطين رقم 2).
لإحياء ذكرى المجزرة سوف تخرج مسيرات حاشدة في المناطق، وتلقى الخطب العصماء مطالبة بمحاسبة المسؤولين، وتقام الصلوات في المساجد والكنائس على أرواح الضحايا، وتوقد الشموع في الميادين والساحات، ويعود هؤلاء أدراجهم إلى منازلهم إن لم يكن هناك احتكاك مع رجال الأمن.
إعادة البناء بُعيد الحرب الأهلية كلفت الكثير من الأموال والجهد، لكن الواقع اليوم يظهر مدى خيبة أمل الجمهور في المسؤولين، يرى البعض أن المستقبل أشبه بالسراب الذي يراه الرجل التائه في الصحراء.
لن تستقيم الأمور إلا بإلغاء الطائفية السياسية وإقامة الدولة المدنية، التي يشعر المواطن فيها بقيمته الإنسانية ويقيم شعائره الدينية دونما ترغيب أو ترهيب من أحد، وبإمكانه استغلال الثروة النفطية بمياهه الإقليمية وسد العجز والعيش الكريم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً