التسويف هو تأجيل الأعمال وعدم إتمامها أو إنجازها في وقتها ويقول علماء النفس إن الإنسان قد يلجأ إلى التسويف فرارا من القلق الذي ينتابه نتيجة عدم القدرة على إكمال عمله في الوقت المحدد والمناسب، فالتسويف إذاً هو عكس النجاح تماما ويكمن ذلك في عدة عوامل منها التذبذب الذي يعاني منه الفرد في اتخاذ القرارات خاصة المصيرية منها، عدم الثقة بالنفس، انعدام أو قلة الكفاءة والخبرة لإدارة المؤسسة المعنية أو حتى الدولة، وهذا والله لعمري حال كلٌّ من البرلمان الليبي وعلى رأسه رئيسه عقيلة صالح والمؤتمر والذي يبدو أن رئيسه المشري يحدو حدو صالح وكذلك في العموم أعضاء المؤسستين فكلما شرّق أحدهما غرّب الآخر فلا يلتقيان أبدا وعلى رأس هؤلاء السيد السراج رئيس المجلس الرئاسي وأعضائه، فالفشل يلاحق هؤلاء جميعا فمنذ تقلدهم مناصبهم لم يرى الناس ولا البلاد خيرا إنما هي إطالة للأزمة وصناعة لأزمة فوق أزمة خلاف بين هؤلاء وهؤلاء اتفاق فوق اتفاق حتى إذا استبشر الناس وفرحوا بقرب انبثاقْ ولاح فجر الخروج من الأزمة تولّوا على أعقابهم ونكثوا عهودهم التي عاهدوا وكأن فيهم أصل من اليهود فلا عهد لهم ولا ذمة!!! وكأن البلاد ليست بلادهم ولا للضمير عندهم حدسَ.
لم تكفيهم العشر من القتل والظلم والفساد التي طغت على ما قبلها وهم فرحون يتنقلون بين الدول في اجتماعات وهمية لا طائل منها إلا المحافظة على مصالح كل واحد منهم فكل واحد منكم يُغنّي على ليلاه أمّا ليلنا مظلم ينتظر ضياء فجر الأمل حين تغرب عنا وجوهكم الكالحة التي لا تذكّرنا ولا تبشرنا إلا بالأيام الحالكات والأزمات التي لا تنتهي فمتى تتركوا الأمر لأهله؟.
ألم تسمعوا بقول العرب لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد أم أنكم لستم عربا من سلالة الأخيار الأبطال الأوفياء من أبناء هذه الأمة أم اخترتم أن تكونوا من أشباه الرجال الخائنين الخانعين المخادعين من هذه الأمة!! ألا تعلم يا من يتقلد منصباً أنك إذا أجّلت عمل اليوم ولم تكمله في يومه انتقل معك إلى اليوم الذي يليه وكانت النتيجة هي زيادة حجم عمل اليوم التالي، وهكذا إذا لم نكمل العمل المناط بنا في موعده تنتقل معنا الأعمال المؤجلة وتتراكم حتى تصبح صعبة التحقيق من كثرتها وقد تصبح مستحيلة التحقيق وقد تبدوا المشكلة بسيطة نوعا ما ولنقل حين يتعلق الأمر بشخصك فقط سينعكس ذلك سلبا عليك بزيادة المشاكل الشخصية والعائلية أما إذا كان أمر تأجيل العمل يتعلق بآخرين كالموظف الذي يقوم بتقديم خدمة للمواطنين إذا لم يكمل هذا الموظف أعمال المواطنين سينتج عن ذلك مشكلة كبيرة تعُم المجتمع كاملا ويتأثر بها عشرات الأفراد والعائلات فتصبح مشكلة إجتماعية، ويتدرج حجم المشاكل على حسب حجم المسؤول ومن ثم المسئولية؟.
وهذا ما نعانيه في ليبيا خاصة وفي أغلب أقطارنا العربية التعيسة بحكامها ومسئوليها في جميع القطاعات ربما لحظّنا التعيس وشقاوتنا، وسأضرب مثلا بليبيا فنحن في تسويف كبير منذ عقد من الزمان وهذا لعمري مدة طويلة كانت كفيلة باستقرار الوطن ووضعه على الطريق الصحيح وإنجاز المتطلبات الأساسية من خدمات تمس حياة المواطن في جميع المجالات كالخدمات المصرفية المرتبط بالرواتب وبسعر العملة وحياة المواطن اليومية والخدمات الصحية التي تزداد الحاجة إليها كل يوم وخدمات النقل وغيرها من الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها المواطن في يومه ولكن الواقع بالنسبة للمواطن مأساوياً إلى حد الإجهاد النفسي والبدني والإجتماعي الذي لا يُطاق، كل ذلك يتحمله ويرجع إلى قُبح المسئولين في البلاد الذين يغلب عليهم تسويف الأعمال وعدم إنجاز شئ يذكر فلا هم استطاعوا تحقيق السلام والسلم الإجتماعي ولا هم حققوا وحدة الوطن الممزق ولا أطفئوا نار الحرب التي تحرق نارها الليبيين، فكلما أطفأت نارٌ في مكان أشعلوا أخرى ليستمر الصراع نتيجة لتسويف المسئولين الناتج عن تقلد وإسناد المناصب لمن ليس لديه القدرة ولا الكفاءة ولا الخبرة ولا الأمانة حتى أصبح الوطن عند هؤلاء تجارة وسلعة يباع متى حصلوا على ثمن يملأ جيوبهم المخروقة التي لا تمتلى.
هذا هو حال ليبيا ومسئوليها والأمر مشابه مع بعض الخصوصية في كثير من دولنا العربية، تسويفٌ وخداع فوق تسويف وخداع منذ عشرة سنوات ما لم يتولّى زمام المسئولية وطنيون أمناء أوفياء أكفاء لن ننجح أبدا، وبعيدا عن التدخل العربي البغيض من السعودية والإمارات إلى مصر الجارة والتدخل الدولي من أمريكا إلى فرنسا أقول نحن لا نلوم أحدا غيرنا وغير مسئولينا فإذا كان المسؤول عندنا مستعد لبيع وطنه فلماذا نلوم الآخرين؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً