إمارة قطر ككل الدول العربية، إمارة كانت او جمهورية، الحكم فيها وراثي، وليس فيها قانون يسمح بإقامة الأحزاب وبالتالي تنعدم فيها التعددية السياسية، كما تتبنى المذهب الوهابي المحافظ. يبلغ عدد سكان قطر 1.7 مليون نسمة، ولا يتجاوز عدد القطريين 15% من هذا العدد. تملك قطر ثالث اكبر إحتياطي عالمي من الغاز، وهي المصدر الأول للغاز المسال، واغنى دول العالم (ترتيبها الاول في الدخل حسب مجلة “بيزنس إنسايدر- Business Insider” الأمريكية )، ويفوق عدد اصحاب الملايين فيها 10% من عدد السكان. وتوجد بها أكبر قاعدة أمريكية في الخليج والشرق الأوسط.
قطر والجماهيرية: المشترك
في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي كان السائر في شوارع مدينة طرابلس لاتغيب عينه عن رؤية عدد الحوانيت التي تعلق لافتات الحركات المناهضة لانظمة دولها، حتى اصبحت اسماء جبهات التحرير والجبهات الشعبية والجبهات الديمقراطية العالمية “ديكور” يزين شارع الاستقلال وشارع البلدية. واحتضنت “جماهيرية” معمر ودعمت العديد من الحركات الانفصالية والحركات المتطرفة ايدلوجيا، فقد موّلت الجيش الجمهوري الإيرلندي في بريطانيا، ومنظمة إيتا في إسبانيا، وجماعة أبو نضال الموسومة بالارهاب. وطبعا كان لحركات دول أفريقيا النصيب الاكبر من “عنايته”، فقد ظل نظام معمر القذافي لسنوات طويلة، الموجِّه الأساسي لحركات التمرد في العديد من بلدان الصحراء والساحل، خاصة في النيجر ومالي وتشاد واوغنده. ودعمه لم يكن يتوقف على الجبهات يسارية التوجه بل شمل ايضا الاسلاميين، فكانت حقائب الدولارات تسلم بدون وصول استلام وتسليم لبعض القيادات الاسلامية كالغنوشي مثلا. كما وقف بكل ثقله في دعم ايران في حربها على العراق، وعدائه للسعودية وصل به الى محاولة اغتيال الملك عبد الله.
ربما تكون قطر اقرب الدول العربية سلوكا بالجماهيرية، فهي لم تتوقف عن مواجهة النظام السعودي، وعلاقتها بايران مميزة، كما انها فتحت بابها لاستقبال كل منبوذ سياسي أو ديني للعيش في قطر، واصبحت محجة المطاردين وقبلة اللاجيئن السياسيين. وقد لجاء اليها مجموعة من المنشقين او الهاربين من حكوماتهم، كالوزير الليبي موسى كوسة عقب انشقاقه عن نظام القذافي، ووزير الصناعة المصري رشيد محمد رشيد الذي لجاء اليها بسبب تهم وجهت اليه تتعلق بالفساد المالي، وعضو جماعة الاخوان واحد اقطابه الشيخ وجدي غنيم، والدكتور عزمي بشارة بعد طرده من الكنيست ومحاكمته، واخر وزراء خارجية العراق في نظام صدام حسين وعضو حزب البعث الدكتور ناجي صبري، ورئيس جمهورية الشيشان سليم خان باندرييف، والعديد من اقطاب الحركة الاسلامية. وفي حين ان القذافي غير اثوابه حسب المرحلة، فإن النظام القطري ارتداء توبا فضفاضا اكبر من حجمه بكثير، الا انه حتى الان استطاع ان يلملم اطرافه حتى لا يتعتر به.
على ان ما صنعته قطر لم تستطيع ولما تسعى لصنعه جماهيرية “الحل النهائي”، فمستوى البنية التحتية في قطر عالي جدا، والرفاه المادي لا تماثله دول العالم، وفي حين استثتمرت قطر بعض ثرواتها في خلق صرح مادي حضاري، فإن ليبيا القرن الواحد والعشرين اسوء من ليبيا منتصف القرن العشرين، وفي حين تقدم مستوى المدينة والعمارة من التخلف الذي كانت تعيشه في سبعينيات القرن الماضي، فإن النظام “الجماهيري البديع” جعل من مدن ليبيا اقل قدر من قرية هجرها سكانها.
قطر وليبيا: من الدعم الى التدخل
الدور القطري في ليبيا قديم يسبق احداث ثورة فبراير 2011، فقد ساهمت قطر بدراجات متفاوتة في ثلاثة ملفات رئيسية كانت تقلق ليبيا وترهقها في علاقاتها الدولية، وهي ملف لوكربي وملف اسلحة الدمار الشامل وملف اطفال الايدز. وقد كانت قطر عراب اعادة العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة عقب الانتهاء من قضية لوكربي، وقد اشار سيف الاسلام القذافي الى هذا الدور في احد مقابلاته الصحفية حيث قال: قطر شجعتنا على دخول “النادي الأميركي”، وهي اشارة الى الدور القطري في تفكيك البرنامج النووي الليبي من اجل رفع الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على ليبيا. وبخصوص قضية الايدز فقد شكر الرئيس ساركوزي الامير حمد على دوره في هذه القضية، كما صرح المبعوث الخاص الاوروبي السابق الى طرابلس مارك بيريني الى ان قطر قد تكون قامت بدفع التعويضات للعائلات الليبية التي اصيب ابنائها والمقدرة بحوالي 461 مليون دولار.
إبان ثورة فبراير وبعدها كان لقطر دور محوري في ليبيا على كل المستويات وجميع الاصعدة، ولا اعلم ان مسؤلا ليبيا واحدا في ثورة فبراير لم يشد بحجم المعونات القطرية للثورة. وقد كانت قطر اهم اعضاء مؤتمر لندن الذي عقد في مارس 2011 الى جانب بريطانيا والولايات المتحدة وجمع تحت سقفه 40 دولة ومنظمة، والذي تم فيه تشكيل مجموعة الاتصال بليبيا التي عقدت اول اجتمعاتها في الدوحة، وفي ذلك الاجتماع تم الاتفاق على آلية تزويد الثوار بالاسلحة لمجابهة النظام. وقد شاركت قطر (والامارات) في العمليات العسكرية الى جانب الثوار.
دول العالم ليست جمعيات خيرية، ولا شك ان الليبيون كانوا على وعي كامل بهذه الحقيقة، وبإن التدخل الدولي لا يصب جميعه في الجانب الانساني، ويعوا تماما ان للدول مصالح تسعى الى تحقيقها، لكن ايضا هم يدركون ومنذ البداية انهم لا يستطيعوا تحقيق اهذافهم دون الدعم الدولي، كما انهم ليسوا بقادرين على منع التدخل الدولي في تلك المرحلة. على ان الدور القطري لم يكن في خدمة الثورة الليبية من اجل تحقيق مصالح مشتركة، بقدر ما هو محاولة هيمنة كاملة على ليبيا. وقد بدى هذا الدور واضحا منذ وقت مبكر، لكن الاحداث غطت عليه في مرحلة الثورة.
لقد قادت قطر محاولة سرقة ثورة الشعب الليبي منذ البداية بدعمها للاسلامين، وقد كشف الصحفي فتحي بن عيسى مبكرا عن هذه المحاولت في شهر اكتوبر 2011 في صحيفته التي اصدرها باسم “عروس البحر”، ونبه فيها الى الدور القطري وعلاقته بالتيارت الاسلامية والمقاتله على وجه الخصوص وخطورته، وبكل وضوح وجرة حيث شبهه بدور ايران في لبنان عبر زرع حزب الله فيه لزعزعة الدولة، وحدر التقرير من “دخول البلاد في صراع مسلح لفرض واقع سياسي استنساخا لتجربة حزب الله في لبنان”. كما استقال اللوء سليمان العبيدي الذي تولى رئاسة الاركان في فترة الثورة حتى نوفمبر 2011 على خلفية تدخل قطر في تعينات العسكريين في المؤسسة العسكرية. واشار بيتر بومونت (Peter Beaumont) مراسل صحيفة الغارديان في تقرير له نوفمبر 2011 الى “القلق المتزايد بين الليبيين في المجلس الوطني الانتقالي والمسؤولين الغربيين بأن قطر، التي قدمت أسلحة للثوار الليبيين، تتبع أجندة خاصة لمرحلة ما بعد الحرب في ليبيا على حساب جهود أوسع لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد …. وأن قطر تتجاوز استراتيجية المساعدة المتفق عليها دولياً لليبيا لتقديم الدعم للأفراد والفصائل المساهمين في عدم الإستقرار السياسي المستمر في هذا البلد”. ونقلت الغاردين عن دبلوماسي بارز قوله “هناك شعور بأن قطر تضرب عرض الحائط بقضية السيادة في ليبيا، وهي بدلاً من دعم المجلس الوطني الانتقالي، اختارت دعم بعض الشخصيات الرئيسية المفضّلة بالموارد المالية وغيرها”. ويقال عندما اجتمعت التشكيلات العسكرية المسلحة لتاسيس جيش موحد دخل عليهم عبد الحكيم بلحاج بصحبة رئيس الأركان القطري وافسد عليهم الاجتماع خشية ابعاده.
وقد تناولت تصريحات المسؤليين القريبين من الاحداث التصريح بدور قطر المشبوه بل ومهاجمته، فقد إعترف شلقم بأن قطر وقفت مع ثورة ليبيا بلا حدود، وكان يعتقد أن دوافع قطر دوافع إنسانية لدعم ونصرة الحرية، لكن حدث ما جعل كل ذلك بالنسبة لعبدالرحمن شلقم مجرد رومانسية حالمة لا قيمة لها على الإطلاق، فمنذ شهر يوليو 2011 كما يقول شلقم بدأت مؤشرات على وجود حسابات غير معلنة لقطر تجاه ليبيا، وأصبحت تلك المؤشرات تكبر بسرعة لتصبح علنية، يقول: ركزت قطر على فئة ليبية معينة ذات أيديولوجية محددة، تقدم لها المال والسلاح، تدعم جماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا، تتدخل لفرض أسماء معينة لوظائف ومراكز مفصلية فى الدولة الجديدة، واستضافة بعض الليبيين ودفعت لهم مبالغ كرشوة مقابل الولاء لقطر. يقول أيضا: نقلت الحكومة القطرية بالطائرات كميات ضخمة من السلاح إلى بنغازى، سلمتها إلى تنظيم سياسى أيديولوجى، وسلمت لزعماء هذا التنظيم مئات الملايين من الدولارات، وأرسلت ضباطا قطريين إلى منطقة الرواغة بين الجفرة وسرت حيث توجد مخازن بها بقايا من مواد كيماوية، تدخل فى صناعة الأسلحة الكيماوية، بهدف الاستيلاء عليها ونقلها، وأرسلت عددا من الضباط القطريين بصحبة مأجورين ليبيين إلى منطقة البوانيس فى جنوب ليبيا، وتحديدا إلى منطقة تمنهنت حيث يوجد مهبط طائرات قديم بهدف استخدامه كأساس لإقامة قاعدة عسكرية قطرية، وقام ضباط قطريون بالتسلط على مدينة طبرق شرق ليبيا، وفرضوا هيمنتهم عليها، وكان جنود قطريون يفتشون الليبيين الذين يدخلون فندق المسيرة، مستعملين الكلاب. لقد اتفقت تصريحات شلقم مع ما قاله رئيس المكتب التنفيدي الدكتور محمود جبريل في الكثير من الوقائع لا يمكن سردها في مقال، وتطابقت تصريحاتهم مع العديد من التصريحات المماثلة، وبالتالي فإن دور قطر في افساد وسرقة الثورة الليبية لم يكن فرية، بل حقيقة تؤيدها الكثير من القرائن.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
مقال يخلط فيه الكاتب كلام بكلام وتستطيع ان تفهم منه الا الحقد الكبير على الجماهيرية والكذب الكبير في وصف حالتها والتقليل من شاأنها مما لا يشجعك على الاستمرار في قراءة التفاهات والترهات .. كل مايمكن ان تفهمه من المقال ان صاحبه لا يستحق حرف الدال امام اسمه الا إذا كان المقصود منه اداة سحب المياه ..
اعتقد ما تناوله الكاتب بسرده التاريخي ومقارنة ما قام به القدافي من دعم للحركات الرادكالية خاصة ضد بعض الدول الدي يعتبرها رجعية واستعمارية، بالدوري القطري خاصة دعمها للثورات الربيع العربي هو عين الحقيقية. لكن الامر الدي أغفله الكاتب هو ان الدول الصغيرة مهما ملكت من أموال وقدرات لم يمكن ان تلعب دورا مهما في حركة التاريخ الإنساني والجماهيرية وقطر وكدالك دولة الإمارات التي تحولت الى دولة تخريبية خاصة ما تقوم به ضد دول الربيع العربي ، فدورها المشبوه في ليبيا معروف للجميع بدعمها اللامحدود لطرف ضد طرف اخر ،فهي وصل بها الامر الى التدخل العسكري المباشر. نحن في ليبيا علينا ان نعتمد على أنفسنا في حل مشاكلنا وإلا نعطي فرصة لأي دولة بالتدخل في شؤوننا الداخلية خاصة مصر والإمارات وقطر.
الأخ الكاتب الدي يبدو ان متخصص في الشؤون الخليجية نتمنى منه أن يتناول ايضا الدور الإماراتي المشبوه في ليبيا وغيرها خاصة استضافتها لبعض الشخصيات المشبوهة من امتال محمد دحيلان.