دعوني اقول وعلى نحو مباشر . بان هذه المشاعر النبيلة , التى يفّترض ان نكنّها الى كل ما يحّتويه هذا البيت الكبير , الذى نسميّه وطن . والتى قد تتخذ صيغ لغوية عديدة . حس وطنى . شعور وطنى . دافع وطنى . باعث وطنى الخ . لا نستطيع نقّلها من حالتها الشعورية الى تجسيديات على دنيا الواقع , الا بخلق الوعاء الذى تتحول بداخله , من حالتها المعنوية , وتترجم فيه الى حيثيات مادية محسوسة وملموسة , في هيئة عمل وسلوك وحركة . وهذا ما يجعلنا نتجه صوّب الرقّعة الجغرافية الليبية , لنتخذّها ونعّتمدها الإطار الموضوعي الوحيد المحّسوس , لهذا الوعاء الوطني.
ولو دقق الناظر المهتم والمتتبع للشأن الليبيى , في الباعث الذى دفع الناس بليبيا للانتفاض مع نهاية شتاء 2011 م . سينتهى به تفحّصه . عند مطالبة هؤلاء الثائرين . بإدارة بديلة رشيدة . تتولى تصّريف وادارة الموارد البشرية و الطبيعة . التى تحّتويها هذه الرقعة الجغرافية . بما يعود بالنفع والنماء على كل ما يضمّه , هذا الوعاء الوطنى للكيان الليبيى . الذى تعارفنا على تسّميته بليبيا.
فهؤلاء البسطاء , الذين انتفضوا بليبيا مع نهاية شتاء 2011 م . كانوا يعبّرون بسلوكهم الثائر هذا . عن رفّضهم . لعدم توّجيه موارد بلادهم . وتوّظيفها في انشاء ببنّية تحتية متينة ومتكاملة , تغطى جميع مناحي حياتهم . صحية . تعلمية . زراعية . صناعية . الخ . لتكون في متناول وخدمة , كل مُحّتاجيها , داخل رقعة هذا الوعاء الوطنى . وهذه يجب ان تتناسب في حجّمها واتساعها مع موارد البلاد النفطية . وتُحاكى العصر في كفاءتها . كى تصير بها الحياة داخل هذا الوعاء الوطنى , ممكنة ومقبّولة.
فليس من المقبول – على سبيل المثال – عندما يضطر احد مواطنيها – ليبيا – . وبأكبر مدن الجنوب , الى اسعاف احد اقاربه . ان يصّطحب مع مريضه الى المشّفى , الغطاء والماء وحتى والدواء مع جرّعة التخّدير فى احايين كثيرة ! . فى بلد ذى موارد نفطية هائلة , في كنف عالم افتتح لتوه الّفيته الثانية من تقّويمه الميلادي . وهذا الحال لا ينسحب على القطاع الصحي فقط . بل يتخطاه الى جميع القطاع الخدمي والإنتاجي بالبلاد . ويكون الامر اكثر مدعاة للريّبة , عندما يجرى كل هذا . والبلاد يرّزح تحت عزلة تامة , عن العالم الخارجي والعصّر . فلا صحف ولا مجلات , ولا دوريات علمية , تربط البلاد بما يدور بعصّرها . انه وبمختصر القول , عمل وجهد مشّبوه يهدف لتفّقير و تقّفير البلاد . انها عملية تجّريف مادى ومعنوي . كان لا بد من ايقافها , قبل ان تنتهى بالبلاد الى جزيرة من الملح . فكانت بذلك انتفاضة البسطاء مع شتاء 2011م.
و بعد كل هذا . وبعدما تكشّف , من خلال بعض التقارير والتسريبات الاخبارية . مقدار وحجم الارصدة المالية الليبية . الموّدعة خارج البلاد . داخل بنوك انجليزية وجنوب افريقية و بلجيكية وفى كثير من بنوك العالم . تُقدر وتعدّ هذه بالمليارات . في حين كان البلاد غارق في معاناة ومحن , اشرنا الى شيئا منها سلفا . يكون من حق الجميع , بعد هذه المفارقات . ان يقف مُتسائلا بالقول . لمنْ كانت تُراكم المليارات وتكدّس في البنوك الخارجية ؟ ! . هل لتُوظّف حين يأتي الوقت , في تغّدية هذا الذى يعّصف دمارا وخرابا بشرق المتوسط وغربه , وبضفتيّه الاثنتين ايضا ؟ ! . وهل هذا الضجيج , الذى كان يحتل المشهد خلال العقود الاربعة الفائتة . ما كان الا واجهة وغطاء لا غير.
ولكن وللملمة هذا العبث وضبطه . وجعله مٌتساوق مع مطالب ومقاصد انتفاضة بسطاء شتاء 2011 م . لا خيار امام الليبيين , سوى الذهاب الى جغرافية بلادهم . وجعلها الوعاء الوطنى , الذى يجب ان تفّرغ فيه , كل الطاقات والموارد طبيعية كانت او بشرية . بهدف خلق البيئة المناسبة والمحفّزة والمساعِدة للانطلاق بالحياة , داخل هذا الاطار الوطنى ومحيطه . نحو الامام نحو النمو والتطور.
وبقول اخر . ان الاتكاء على الجغرافية الليبية , واعتمادها الوعاء الموضوعي الوحيد للوطن الليبيى . هو في واقع الامر . نفخ الحياة في كيان ليبي مستقل , وبعثه في دنيا الوجود . ولكى يعيش وينهض , هذا المستقل . يجب مساعدته واسناده بدعائم دستورية قانونية متينة . بعد تحّفّيزه نحو تحسس ذاته . في ابعاده الجغرافية . الديمغرافية . الثقافية . التي ومن خلالها سيتعرّف , بانه مفردة من مفردات جغرافية غرب المتوسط . وان بُعّديّيه الديمغرافي الثقافي , يرّميانه في الحضن المغاربي المتوسطي . عندها سيصل وينتبه الى حقيقة مفادها . ان استدعاء الامن والاستقرار الدائم , وهما لازمتان اساسيتان , لكل نمو ونهوض , واستدراجهما الى كيانه الوطني , مرتبطة بالكامل , بعلاقة استراتيجية جيدة ومتينة . مع جغرافية غرب المتوسط . فهذه الجغرافيا , التي يتماس معها في ابعاده الثلاثة . هي من اكثر الجغرافيات تأثيرا علية وجوديا . ولهذا يجب ان تكون لها الاولوية عن من سواها من الجغرافيات . في مد وتمتين جسور التواصل البناء . السياسي . الاقتصادي . الثقافي . الاجتماعي . الأمني . وغيرها من المجالات الحياة . لأنها وبحكم الواقع الجغرافي الديمغرافي الثقافي . هي المجال الحيوي للكيان الليبي الوليد.
وفى تقديرى . لكى يتم ذلك . يجب التنصيص علي ذلك دستوريا . بان الكيان الليبي وبحكم الواقع الموضوعي , يمتل مفردة من جغرافيات غرب المتوسط . وهذا يجعل لها اولوية على غيرها , في مد جسور التواصل البناء . سياسي . اقتصادي . امنى . تقافي . اجتماعي . وفى جميع مجلات الحياة . مما يساعد على استدعاء الامن واستدراج الاستقرار الدائم . الذى تحتاجه كل بيئة جغرافية تصّبوا للنهوض والتقدم . وهذا – قى تقديرى – يجب ان يحدث . قبل الذهاب الى العملية الانتخابية.
وفى الخاتمة . اقول اذا كانت الهيئة الاممية , تسعى وبجدْ , نحو مساعدة ليبيا والليبيين . فى التأسيس لكيان مستقل , يسوده الامن والاستقرار , اللازمتان الاساسيتان لكل نمو ونهوض . لا يحب ان تغفل عن هذه الحقائق الموضوعية . لان في ذلك , مساعدة لهذا الكيان الوليد , في الاندماج داخل محيطه الجغرافي الطبيعي , مما يؤسس للأمن والاستقرار . داخله . وداخل فضاء جغرافيات غرب المتوسط . وهذا الحوض الهام ايضا . وفى اسوء الظروف . لا يجب ان تمنح غطائها الأممي , لكل خطوة , تتناول الشأن الليبيى , تتعارض مع هذه الحقائق الموضوعية . لان في ذلك انتاج لعبث الماضي , و كارثية مساويه.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً