عربي21
كشف رئيس حزب العدالة والتنمية الليبي محمد صوان عن وجود ما أسماه بثورات ارتدادية مرتبطة بعديد الانظمة السابقة تستهدف وأد الثورة الليبية منتقدا في الوقت الحملة العسكرية التي يقوم بها اللواء التقاعد خليفة حفتر والتي فشلت حسب تعبيره في تحقيق أي نتائج ايجابية غير الدمار. صوان كشف أيضا عن وجود عديد المبادرات التي تهدف لحل الازمة السياسية في ليبيا والتي يقع دراستها بشكل جدي خاصة المقترحة من طرف ما أسماها بالدول الصديقة والشقيقة. وقال في حوار خاص لـ”عربي21″ إن مبادرة حزبه تقوم على أساس احترام ما تحقق من إنجازات، والبناء على العملية السياسية وترميمها وعدم هدمها، والاتفاق على حكومة وحدة وطنية، وتحديد مهام المؤتمر الوطني العام، ومعالجة وضع هيئة صياغة الدستور، بالإضافة إلى التوافق على خارطة طريق للمرحلة القادمة. وتالياً الحوار…
* ما هي آخر التطورات في ليبيا؟
– من التطورات الإيجابية أخيراً؛ التحول الملحوظ على مستوى الأطراف السياسية والنخب للحديث عن مبادرات ومخارج من الأزمة السياسية، وتمثل ذلك في طرح العديد من المبادرات والحلول لرأب الصدع، ووقف القتال، وخاصة بعد انحسار الاشتباكات في مناطق محدودة أقصى الغرب، وفشل اللواء المتقاعد خليفة حفتر في تحقيق أي تقدم سوى ما أحدثه من دمار، وانتهاك لحقوق الإنسان، وتمزيق للنسيج الاجتماعي.
* ما تقييمك لدور الأمم المتحدة تجاه الأزمة الليبية؟
– نحن نقدّر الدور الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة في ليبيا طيلة هذه الفترة، وقد كان لرئيس بعثة الأمم المتحدة السابق الدكتور طارق متري جهود طيبة، ولكنه اصطدم برفض طرف التحالف ومؤيدي “الكرامة” للحوار الذي أطلقته بعثة الأمم المتحدة في فترة توليه رئاستها، وأعلن ذلك عبر وسائل الإعلام، وقد رفضوا الحوار بعد انقلاب “حفتر” على العملية الديمقراطية، وظنوا أنه قادر على الحسم العسكري، ولكنه لم يحقق شيئاً سوى الدمار وتمزيق النسيج الاجتماعي، لذلك أصبحوا يتنصلون منه.وحالياً تسعى الأمم المتحدة بقيادة السيد “برنارندينو ليون” لعقد جولة ثانية للحوار بعد حكم المحكمة الدستورية بحل برلمان طبرق، وقد أعلنت على استحياء احترام الحكم الصادر من الدائرة الدستورية العليا، وللأسف موقفها مرتبك، وتُتهم من قبل التيار المؤيد للثورة الليبية بالانحياز، ونحن ندرك أن غايتها من عدم إعلانها موقفاً صريحاً تجاه حكم المحكمة؛ هو الرغبة في إنجاح الحوار والحل السياسي، وإعطاء دور لطرف “طبرق” الذي لم يتبق له إلا ورقة الشرعية التي أطاحت بها المحكمة.
* ما تقييمك للتواصل بينكم وبين الأمم المتحدة؟
– نحن على تواصل مستمر مع بعثة الأمم المتحدة، ونعرض عليها مجموعة أفكار للخروج من الأزمة، وندفع باتجاه أن تلعب دوراً إيجابياً لرأب الصدع والخروج من الأزمة، وقد شهد بذلك الدكتور طارق متري عندما قال إن حزب العدالة والبناء أبدى مرونة عالية، ورغبة في الحوار، وتقديم ما ينبغي من تنازلات للخروج من الأزمة.
* ما رأيك بحوار غدامس؟
– القواعد التي انطلق على أساسها حوار غدامس تغيرت، والآن يجري الاستعداد لانطلاق الحوار بشكل مختلف.
* وماذا عن حوار الجزائر؟ وكيف ترى تقاربها مع النظام المصري بشأن ليبيا؟
– هناك حديث عن حوار برعاية الجزائر الشقيق، لكن معالمه لم تتضح بعد، ونقدّر للجزائر رفضها التدخل الخارجي في ليبيا، ولكن التدخل المصري الإماراتي في ليبيا واضح، ولم تتعدّ مواقف الدول الرافضة للتدخل – مثل الجزائر – الأقوال.
* ما موقفكم من دعوة السودان لاجتماع مطلع الشهر المقبل بهدف حل الأزمة الليبية؟
– نحن نرحب بكل الجهود من الدول الصديقة والشقيقة على قاعدة احترام سيادة الشعب الليبي وتضحياته من أجل التخلص من الظلم والاستبداد.
* ما الجهود التي قام بها حزبكم من أجل حل الأزمة الليبية؟
– سبق وأن دعا حزب العدالة والبناء الوطنيين من الساسة؛ للعمل على إيجاد مخارج للأزمة التي تعيشها ليبيا، وذلك من منطلق توجيه بوصلة الجميع للبحث عن حل سياسي يوقف القتال ونزيف الدم بين الليبيين، وينهي الانقسام السياسي كمقدمة لإنهاء الانقسام الاجتماعي، ولقد استجاب العديد لهذه الدعوة بطرح العديد من المبادرات.
* تردد أن لكم مبادرة لحل الأزمة الليبية، ما هي حقيقة الأمر وأبعاده؟
– لقد عرضنا مبادرتنا كأفكار على العديد من الأطراف، ورؤيتنا تقوم على أساس احترام ما تحقق من إنجازات، والبناء على العملية السياسية وترميمها وعدم هدمها، وذلك باحترام الإعلان الدستوري والأجسام المنتخبة وحكم الدائرة الدستورية، وعدم وضع أية شروط تَحُول دون الجلوس للحوار مهما كان الاختلاف. أضف إلى ذلك؛ أن يقبل المؤتمر الوطني العام بالجلوس كطرف للحوار الذي تدعى إليه كل الأطراف الأخرى، ويقبل أيضاً بأن تطرح القضايا الرئيسة للحوار؛ مثل الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، وتحديد مهام المؤتمر الوطني العام، والاتفاق على خارطة طريق للمرحلة القادمة، ومعالجة وضع هيئة صياغة الدستور.. وغيرها من القضايا الأساسية الأخرى التي تطرح على أطراف الحوار، ويلتزم المؤتمر الوطني العام بمخرجات ما يتم التوافق عليه، على أن يمضي الحوار برعاية جهة معتبرة تضمن التزام كل الأطراف بما يتم التوافق عليه، وربما الأمم المتحدة هي الجهة المناسبة لرعاية الحوار شرط عدم انحيازها لأي طرف. وقد قام حزب العدالة والبناء بطرح مبادرته التي وعد بها على العديد من النخب السياسية والثوار المسؤولين والمهتمين بالشأن الليبي، كرئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا السيد “ليون” وغيره. وطرح المبادرة ليس غاية في حد ذاته؛ بقدر ما هو بحث عن مخرج من الأزمة. ونعمل الآن على دراسة العديد من المبادرات التي وصلتنا بغية تحديد إطار عام، ومعايير يمكن من خلالها التوافق على أية مبادرة تنهي الاقتتال والانقسام، وتنطلق بالوطن نحو الاستقرار والبناء.
* في ظل تهديد بعض الدول الغربية بمعاقبة من يصفونهم بالجهات المعرقلة للانتقال الديمقراطي.. هل تتوقع فرض عقوبات دولية على أطراف ليبية؟
– من انقلب على العملية السياسية وأعلن انقلابه الأول عبر قناة العربية الفضائية، ودعا إلى تعطيل الإعلان الدستوري؛ هو “حفتر”، ومن حمل السلاح وقوّض العملية السياسية هو “حفتر” والتيار الذي يؤيده، وعلى رأسه تحالف القوى الوطنية، لذلك نحن نرحب بمعاقبة هذه الجهات التي تعرقل العملية السياسية والانتقال الديمقراطي، وتسعى إلى اتباع أسلوب الانقلابات.
* هل دفع قرار المحكمة الدستورية بحل برلمان طبرق باتجاه حل الأزمة الليبية، أم تعقديها؟
– حكم المحكمة يجب أن يقابل بالإذعان والقبول من جميع الأطراف؛ لأنه صادر عن أعلى سلطة قضائية، وهو غير قابل للطعن عليه. وعلى كل من يريد مساعدة الشعب الليبي في الخروج من الأزمة؛ الانطلاق من هذا الأساس، وتجاوز هذا الحكم هو الذي يُعقّد الأزمة ويقضي على ما تبقى من الدولة، ويجب أن يُستثمر الحكم في إنهاء الانقسام السياسي وصولاً إلى إيجاد جسم تشريعي واحد، وهذا أول خطوات الخروج من الأزمة.
* ما هي انعكاسات هذا الحكم على الأزمة الليبية داخلياً وخارجياً؟
– قوبل هذا الحكم بالرضا من قبل أعداد كبيرة من الشعب الليبي، وخاصة في وسط وجنوب وغرب ليبيا.. هذه الأعداد الكبيرة رفضت برلمان طبرق باعتباره مخالفاً للإعلان الدستوري من حيث مكان الانعقاد، وعدم الاستلام بطريقة صحيحة، وتورطه في إصدار قرارات استفزازية تمس سيادة الدولة؛ مثل المطالبة بالتدخل الخارجي، ووصف الثوار بالإرهاب، بالإضافة إلى أن هذا الحكم أعاد الاعتبار للقضاء الليبي. هذا على المستوى الداخلي. أما على المستوى الخارجي؛ فيبدو أنه كان صادماً لبعض الأطراف الخارجية المنحازة لبرلمان طبرق.
* لكن برلمان طبرق عازمٌ على الطعن في قرار المحكمة الدستورية أمام القضاء الدولي، فما رأيك؟
– كثير من أعضاء البرلمان في طبرق أعلنوا احترامهم لحكم المحكمة، أما رفض الحكم من البعض فهو أمر غريب؛ لأن برلمان طبرق طلب من المحكمة قبل الحكم تأجيل النطق بالحكم وفسح المجال للحوار، وهذا يعني الاعتراف بالمحكمة، أما أن يرفض الحكم إذا كان في غير صالحه؛ فهذا أمر غريب. وكما قلت؛ حكم المحكمة يجب أن يقابل من الجميع بالإذعان، فهو حكم نهائي، وقد انتهى برلمان طبرق وأصبح من الماضي بإصدار هذا الحكم من أعلى سلطة قضائية.
* ما رأيك في إصرار دول عربية وغربية على الاعتراف ببرلمان طبرق، ودعم “حفتر”؟
– بعض الدول ترى في برلمان طبرق و”حفتر” والأطراف الرئيسة الداعمة والمحركة له؛ فرصة مناسبة للانقلاب على ثورة 17 فبراير، وتشكيل الخارطة السياسية بما يضمن مصالحها في ليبيا على حساب مصلحة الشعب الليبي وتضحياته من أجل بناء دولة ديمقراطية مستقلة، وفقاً لما قامت من أجله الثورة. وبعض دول الجوار – للأسف – يتماهى مع ما يريده المجتمع الدولي بعيداً عن الحق، وبعضها الآخر يتعرض لضغوط تمنعه من إعلان موقفها صراحةً.
* ما رأيكم في إقالة برلمان طبرق لمفتي ليبيا، واتهامه بتأجيج الصراعات؟
– بصدور حكم المحكمة العليا ودائرتها الدستورية في حق برلمان طبرق؛ فإنه يُعد منحلاً، ويعتبر كل ما صدر عنه لا قيمة له. أما أن المفتي يؤجج الصراعات؛ فهذا غير صحيح، ومن يتحدثون على المفتي بهذا الشكل ينطلقون من تصور خاطئ، وهو أنهم يحصرون دور الإفتاء بالحديث عن أحكام الطهارة والحج والصوم والصلاة وغيرها من الشعائر التعبدية، وأنه لا علاقة للدين بالشأن العام والسياسة.
* ما معلوماتكم حول أبعاد التدخل العسكري المصري في ليبيا؟ وما رؤيتكم للموقف المصري بشكل عام؟
– التدخل المصري في ليبيا أصبح واضحاً، وقد صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية إقرار بمشاركة مصر والإمارات في قصف العاصمة طرابلس بالطيران، ودعمهما العسكري واللوجستي لحفتر واضحٌ لا يحتاج دليلاً، واحتضان مصر للطرف المعادي لثورة 17 فبراير، ودعمها له في ممارسة نشاطه في نشر الفتنة وتقويض النظام في ليبيا واضح كذلك، والحكومة المصرية بهذه الممارسة تُعرّض العلاقات الليبية المصرية إلى أزمة يصعب الخروج منها بسرعة، على الرغم من أن العلاقة بين الشعبين عميقة وضاربة في التاريخ.
* أخيراً؛ الأزمة الليبية.. إلى أين تتجه؟
– الأزمة الليبية جزء من الأزمة التي تشهدها المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي، والتي واجهت ثورات ارتدادية تقودها شبكة النفوذ السياسي والمالي والإداري المرتبطة بالأنظمة السابقة، وبمباركة المجتمع الدولي الذي يرغب في إيجاد أنظمة تابعة له تستند في بقائها واستمرارها على تأييده ودعمه، وليس على قاعدة شعبية وانتخابات ديمقراطية، ورغم كل الصعوبات والجراح؛ إلا أنني أتوقع أن تحقق ثورة الشعب الليبي القدر الأكبر من تطلعات من ضحوا في سبيلها.
اترك تعليقاً