لم تكن الأزمة الحالية في ليبيا وليدة اليوم، فالكثير من الأحداث والدلائل كانت تقرع نواقيسها للتنبيه بما سيحدث من قلاقل وعقبات تحول دون إستثباب الأمن وبناء الدولة، وربما إقاعُها في الشرق الليبي أكثر جلاً من غربه. فعلى المستوى المحلي كان هناك العديد من التقارير التي تؤكد سؤ إدارة الدولة عامة والأجهزة الأمنية على وجه الخصوص، وأن الأموال التي رصدت لم تستخدم جيداً لتلبية إحتياجادات العمل، مثل تجهيز مراكز الشرطة ودعمها بالمعدات والكفاءة المدربة، وإنشاء أجهزة مباحث جديدة تلبي إحتياجات المرحلة، وآخر هذه التصريحات تلك التي أدلى بها الملازم طارق الخراز من مديرية أمن بنغازي، وكذلك وزير العدل السابق.
وبالعودة إلى بدايات ثورة السابع عشر من فبراير نرى أن الشرق الليبي لم يتكبد خسائر لا في الأرواح ولا في مؤسسات الدولة، ولقد تم تحريره من أمساعد شرقاً إلى أجدابيا غرباً في 4 أيام، إذا إستثنينا الهجمة الشرسة لكتائب القذافي على بنغازي لليلة واحدة أو الحصار المفروض على أجدابيا لعدة أيام. هذه السرعة في التحرير أدت إلى إنضمام بعض أفراد الجيش إلى مجموعات الثوار، وبقاء الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق في مراكزها ودون أضرار مادية تذكر، ولا يختلف ذلك عن مراكز الشرطة وتكنات الجيش. والجدير بالملاحظة أن معظم أفراد هذه الأجهزة من مدن وقرى الطوق القريبة من بنغازي مثل الأبيار والرجمة والعقورية وبومريم وسيدي خليفة وبنينا وسلوق والمقرون وهي المدن التي إنظم الكثير من أبنائها إلى معركة الكرامة، ومعظمها من قبائل العواقير، على العكس من ذلك نجد أحياء بنغازي المشهورة كمجتمع مدني مختلط من جميع سكان ليبيا مثل الصابري يتواجد أبنائها في صف الثوار.
على النقيض من ذلك حدث في الغرب الليبي حيث دامت المعارك قرابة الستة أشهر، حصدت الحرب ألاف المقاتلين في ريعان شبابهم، وكانت النتيجة إنهيار كامل للجيش وإنضمام ألاف منهم إلى كتائب الثوار لإدارة الجبهات الساخنة، والأهم من ذلك زوال الأجهزة الأمنية (الأمن الداخلي والخارجي والحرس وغيرها ) من المشهد في الغرب الليبي، فمنهم من إلتزم بيته ومنهم من هرب إلى الخارج. أما عن طوق مدينة طرابلس فهو مشابه لبنغازي من حيث الأسباب، ويتكون من قري زراعية مثل الزهراء والناصرية والمعمورة، والسواني وهذه المناطق المنتمية إلى قبيلة ورشفانة تم التغرير بالكثير من أبنائها للحرب مع جيش القبائل.
بعد أن قامت القوى الأمنية في مصر بإسقاط حكم الإخوان من خلال مظاهرات 30 يونيو، ونكسة الثورات اليمنية والسورية، نشط الجهاز الأمني في الشرق الليبي وإستعاد حيويته بالتعاون مع الدول العربية الرافضة للتغيير في ليبيا وهى مصر والإمارات، وبدعم من رجالات الحكم السابق المتواجدون في تلك الدول، وإتخذ له عدة صور منها إنقلاب 14 ثم 21 فبراير 2014 بطرابلس، وإعلان حفتر بالغاء الإعلان الدستوري في يونيو بالمرج، ثم إعلان معركة الكرامة في الشرق الليبي وجيش القبائل في غربها، وكان من ضمن المخطط سيناريو الإغتيالات والجريمة المنظمة من أجل قبول الليبيين بعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وما تبعها من قصف البيوت بالطائرات وهدم مؤسسات الدولة والإستقواء بالخارج. بالمقابل كان تشكيل قوى مجلس ثوار شورى بنغازي وفجر ليبيا في الغرب الليبي لردع إنتهاكات الكرامة والسائرين في فلكها من جيش القبائل، وهؤلاء لم ينخدعوا بشعارات “سلمية سلمية” ويلقوا بسلاحهم كما بمصر، وأصبحوا الضامن الوحيد لإستمرار الثورة دون العودة إلى النظام السابق.
أما وقد صدر حكم المحكمة الدستورية بعدم شرعية البرلمان وهو الداعم والمشرعن لعملية الكرامة وإنتهاكات جيش القبائل، والداعي إلى التدخل الأجنبي في ليبيا فإن مألات المشهد الليبي أصبحت على مفترق طرق ويكون من العسير التبؤ بنتائجها. إلا أن إستقراء الأحداث ودراسة الواقع يمكن أن ينجلي عن أربعة سينايوهات مرتقبة وهي:
الحالة الأولى: التوافق والإنتقال السلمي من الثورة إلى الدولة:
هذا السيناريو الأكثر تفائلا، أن تتوقف عملية الكرامة وشورى ثوار بنغازي وفجر ليبيا عن القتال ويتم التوافق على إستكمال كتابة الدستور في 24 ديسمبر 2014 م، ثم الإستفتاء عليه، يعقبه إنتخاب مجلس نواب ورئيس دولة وحكومة تبعاً لنصوص الدستور، هذا الإحتمال قائم ومأمول ولكن تواجهه عثرات كثيرة قد لا يستطيع المؤتمر الوطني قيادة الأمه إليه حاليا بسبب الإنقسامات العميقة بين أعضاءه في الوقت الراهن.
السيناريو الثاني أن يستمر البرلمان في الشرق الليبي مع حكومة الأزمة، ويستمر المؤتمر في الغرب الليبي مع حكومة الإنقاذ المنبثقة عنه، لفترة تتراوح بين ستة أشهر وسنة بسبب عدم قدرة حفتر والفيدراليين على حسم الصراع من ناحية وبغية تعظيم المكاسب عند ساسة الشرق الليبي من ناحية أخرى، وبعد حروب طويلة وفاجعة في بنغازي سيعود الجميع إلى لجنة الدستور أملين أن تستكمل أعمالها ويتم الإستفتاء عليه، ثم الإنتقال إلى بناء مؤسسات المجلس النيابي والحكومة.
وفي الحالتين السابقتين لا يخلوا الأمر من عوائق كثيرة قد تدفع بالدولة إلى المنطقة الرمادية، وهي دولة لها دستور ومجلس نواب ومجتمع مدني، إلا أنها تعاني من تزوير للإنتخابات والفساد المالي والإداري وإنعدام الشفافية وإنهاك حقوق الإنسان. ويعزز هذا ما نشرته مجلة الديموقراطية في يناير 2002م أن 20 دولة فقط من 100 دولة إستطاعت أن تنتقل إلى النظام الديموقراطي ما بين السنوات 1970 إلى سنة 2000م، أما الدول الأخرى فقد إستمرت عالقة في الحالة الرمادية.
السيناريو الثالث أن يستمر دعم مصر والإمارات بقوة للواء المتقاعد حفتر من أجل إنجاح الإنقلاب على خطى أليسكو في رومانيا والسيسي في مصر، وسيطرته على بنغازي والمنطقة الشرقية، ويعتمد هذا على وجود بعض المؤيدين بالداخل من الرافضين للتغير ومن رجالات العهد البائد بالخارج كما سبق. ويواجه هذا المشروع رفضاً بالغاً من تجموعات مدنية كبيرة في الشرق الليبي أهمها مدينة بنغازي وأجزاء كبيرة من أجدابيا بل وقبائل القطعان بطبرق نفسها، بالإضافة إلى الواحات والجنوب الغربي من ليبيا. وإن إستطاع حفتر ذلك في مدن الشرق فليس هناك أمل في بسط نفوده على الغرب الليبي بسبب عدم وجود أي قاعدة شعبية له كما حدث في إنقلاب 14 فبراير 2014م. هذا السيناريو يعتمد على موقف أعضاء البرلمان في المنطقة الشرقية والفعاليات الوطنية بها، فإن رفضوا جميعاً قرار المحكمة ( وهو إحتمال بعيد المنال) سيؤدي ذلك إلى نشوب حرب بين الشرق والغرب الليبي بسبب الحدود هل هو القوس التاريخي أم الوادي الأحمر. وجملة القول أن هذا السيناريو رغم أنه ممكن عسكرياً في الشرق الليبي إلا أنه بعيداً عن الواقع ولا توجد أرضية وإمكانيات وبواعث حقيقية لحدوثه، ويدعم ذلك الإستفتاء الذي قامت به جامعة بنغازي سنة 2013 م وكانت الإجابة على سؤال عن مدي الموافقة على تنفيذ الحكم الفيدرالي في ليبيا، وكان الرد على مستوى الشرق الليبي بنسبة 20% وعلى مستوى ليبيا 8%.
من الواضح أن هناك قوى كثيرة داخلية وخارجية يسؤها نجاح الثورة الليبية ويهدد مصالحها، منها منع تواجد نمودج ديموقراطي حديث في المنطقة وعدم إستثمار إمكانيات هذه الدولة الوليدة للمنافسة، بل أن نشوب الحروب على الساحة الليبية وما يرافقها من تدمير ستعطي فرص كبيرة لإعادة الإعمار وجني أرباح لتجار الحروب بالداخل ودول الجوار. ورغم تململ قطاعات كبيرة من الشعب الليبي بسبب طول إنتظار الإستقرار السياسي، ومن توقف عجلة الإقتصاد بسبب الظروف الأمنية، ومن رغبة بعض الساسة لجني المكاسب قبل أوانها، فإن الثورة الليبية سائرة في طريقها وبخطى راسخة نحو بناء دولة المؤسسات دولة العدل والمساواة، والقطيعة مع الحكم الشمولي البغيض السابق.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
واضح انك اخواني من اتباع قسورة تزيف في الحقائق وتكتب كيف ما يحلو لك وإرضاء لجماعات قسورة ومن خلال الفكرة يتضح انك من اتباع المقبور وسيف وانك ممن كانو يمجدون في الطاغية وابناؤه .
واضح انك عنصرى وجهوى وتدعم فى عصابات غجر ليبيا الارهابية واقول لك ان كل قبائل برقة مع عملية الكرامة قلبا وقالبا البراعصة والعواقير والعرفة والحاسة والقطعان والمنفة والفوائد والعبيدات والمرابطين كلهم والمغاربة والزوى والتبو والدرسة وورشفانة والزنتان والرجبان والجميل والاصابعة وورفلة
فى الغرب