كل يوم تتدافع الأحداث المؤسفة على هذا الوطن من قتل ودمار وتشويه وتشريد، وكل ذلك ممن يزعم البعض أنهم أبناء هذه الأمة ولا يختلف إثنان عاقلان على أن الكثير منهم وكلاء لتنفيذ مخططات خارجية إما جهلاً وهو الأكثر أو من أجل صيت ومال وهم القلة شبه المتعلمة، أو المتعالمين كما يقول الاستاذ مالك بن نبي، أي وكلاء يعيشون على مهايا وعطايا الدول المناوئة لأي تغيير أو تحضر وتقدم لهذه الأمة، لأن ذلك سيزلزل عروشهم ويهدم أنظمتهم ويسفه سلاطينهم وعروشهم.
ما قامت به اللجنة العليا للإفتاء بالهيئة العامة للأوقاف وشؤون الزكاة التابعة لــ”حكومة الثني”، من خلال فتوى لها نصّت على تكفير أتباع “المذهب الإباضي، ليس بجديد على الإباضية ولا على غيرهم من الفرق الإسلامية، ولكن الجديد في الامر ان تصدر من طالبي علم وكلاء عن هيئة كبار علماء السلفية الجامية في الخليج، ليبيون يعيشون على هذه الأرض، احتضنتهم هضابها وشعابها وبحرها، مدنها وقراها، وعاشوا على ريعها ونفطها، وتنصلوا من واجباتهم الوطنية، وهم ممن تجدهم سباقون للعير خوالف عند النفير، لم يكلفوا أنفسهم الاطلاع على أمهات الكتب لأقدم مذهب من المذاهب الإسلامية وهو المذهب الإباضي الذي أدرك جل تابعية الصحابة والتابعين وعلى رأسهم جابر بن زيد، وتوالت طبقات المشائخ من القرن الثاني إلى الوقت الحالي بمئات من العلماء المتبحرين في شتى مناحى الدين الإسلامي، ربما آخرهم ممن توفاهم الله الشيخ محمد بن يوسف أطفيش والشيخ بيوض بن عمر والشيخ على يحى معمر، ومن الأحياء مفتي عمان الشيخ الخليلي.
لا يخفى على أحد أن أعضاء اللجنة العليا السلفية للإفتاء بالحكومة المؤقتة ورئيس هيئة المساجد حمد بودويرة من المرج جلهم ممن ضحكت عليهم الإدارة الأمريكية فخاضوا حربا خاسرة لهم وللمسلمين في أفغانستان وقاتل جنبا إلى جنب مع الكرامي “مفتي داعش في ليبيا” وهم فئة وهابية تكفيرية إكتوى العالم أجمع من تزمتها وتشددها وتخلفها، فهم من حاز السبق في تفجيرات واشنطن ولندن وباريس، وناصر داعش والقاعدة ومولها، يقول الشيخ الكلباني لا يوجد فرق بين السلفية وعقائد الدواعش، فهم سلفية جهادية متطرفة.
مصادر التهديد للدول الخليجية
نظام الحكم في الخليج بني على أسس طائفية من بدايته، ففي السعودية الحكم لأبناء محمد بن عبد العزيز جيلا بعد جيل ولضمان إستمرار الملك (والمُلك لله) عقد إتفاق مع محمد بن عبد الوهاب بأ تكون المشيخة (السلطة الدينية) لأبناءه، المعروفون حاليا بآل الشيخ، وهم جل المشائخ المقربين للسلطة حاليا، رغم ذلك توجد الكثير من التصدعات في المجتمع الخليجي يتم معالجتها بتوفير الرفاه والبذخ لكل من يفكر في المعارضة، أو الضرب بالحديد إن كان قد خرج عن الطاعة (انظر كتاب ناصر السعيد).
وفي سبيل ضمان المُلك وضعت الرياض خطط كثيرة لإبعاد الخطر الداهم عليها، والمتمثل في ثلاثة عوامل خارجية، أولها خطر المذهب الشيعي بعد نجاح الثورة الإيرانية وتفعيل المجموعات المنتمية للمذهب له في دول تشكل هلال يلف دول الخليج؛ بداية من اليمن والبحرين والعراق إلى سوريا ولبنان.
الخطر الآخر مشكلة الديموقراطية؛ حيث تحول أكثر من 120 دولة خلال ثلاثين سنة الماضية (منها دول عربية وإسلامية) إلى بناء المؤسسات والإنتخابات والتداول السلمي على السلطة، وهو ما لايمكن تصوره في الخليج، ولم يعد ينطلي على شعبها التعذر بالخصوصية الاسلامية مما جعل مشائخها يكفرون النهج الديموقراطي في الحكم.
الخطر الثالث قيام الإسلام السياسي بطرح بديل متطور للحكم يتوائم مع الحداثة ومنطلقات الدولة العصرية، مقابل الإسلام الرجعي، الذي تسلب فيه إرادة الشعب مقابل الريع المادي، وفي هذا الصدد ينعث الإسلام السياسي ومنهم الإخوان بأنهم الخوارج وأنهم المفلسين وأنهم طلاب حكم وأنهم كلاب أهل النار، وتضافرت جهود العسكر في مصر مع الخليجيين لتجنيد ألاف المشائح الماجورين وصبيتهم للضخ الإعلامي صباح مساء، ولا يخفي على أحد محطة صوت السلف في ليبيا التي لا يوجد بها داعية ليبي ولا تسجيل لشيخ ليبي بل كل موادها من شيوخ الخليج ومصر، إذاعة سلفية على إف إم تهاجم طوائف المجتمع وتكفر من تشاء من وسط طرابلس ويركب هوائي بثها من على هوائيات البريد العام؟؟؟ هذا ما لم يحدث حتى في بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا، فخطاب التكفير والكراهية وتفريق المجتمع مرفوض شكلا وموضوعا في الشرائع والقوانين.
وحتى لا تنتقل المنغصات السابقة إلى هياكل الدول الخليجية تم تخصيص ميزانيات ورصد أموال لتكوين مجموعات موالية في الخارج، ومنها الفرق السلفية في ليبيا وتونس والمغرب وفرقة رسلان في مصر والقاعدة في بلاد الرافدين وسوريا والتي تحولت إلى داعش بعد ذلك. قال المفكر الإسلامي عبد الفتاح مورو في تصريحات ل “بي بي سي”، (إن قطر والسعودية تدعمان مجموعات سلفية متشددة مذهبيا ما يهدد استمرار المذهب المالكي المتسم بالاعتدال والوسطية والذي تتبناه غالبية الشعب التونسي، وأن الدعاة السعوديين ينظمون في تونس “دورات تكوينية مغلقة” تستمر ثلاثة أشهر، ويدفعون مقابلا ماديا للشبان الذين يتابعونها،) وهذا عين الذي يحدث في ليبيا وأكثر.
مسألة التكفير:
مسألة التكفير ديدن الكثير من مشائخ الرياض ضد المخالفين لهم في الخارج وقد توجه سهامهم إلى بعضهم البعض في الكثير من الأحيان تبعا لإرادة السلطة وتوجهاتها، فمثلا؛ تكفير ابن عبد الوهاب للبدو![i] وأنهم (أكفر من اليهود والنصارى)، وتكفير المصريين والعراقيين وأهل الشام: قال ابن باز بالنص [أهل مصر كفار لأنهم يعبدون أحمد البدوي وأهل العراق ومن حولهم كأهل عمان كفار لأنهم يعبدون الجيلاني وأهل الشام كفار لأنهم يعبدون ابن عربي وكذلك أهل نجد والحجاز قبل ظهور دعوة الوهابية وأهل اليمن[ii] ، تكفير الصوفية: وقال أيضاً في ابن عربي أنه أكفر من فرعون وأن من لم يكفره فهو كافر بل تكفير من شك في كفره [iii]! وهذا فيه تكفير لكل الصوفية .
أهل الحجاز واليمن انتشرت فيهم عبادة ا لطواغيت والأشجار الأحجار والقبور وبالتالي هم كُفار ، وكذلك حزب الله الذي قارع الصهاينة فهو كافر: مفتي السعودية الرسمي عبد العزيز آل الشيخ يخرج حزب الله من الإسلام (أي أن حزب الله كافر)[iv] ، ويستمر الحرب على الصوفية وقتلهم أوجب من حرب اليهود فقالوا بالنص : في كتاب عقيدة التوحيد (حاربوا الصوفية قبل أن تحاربوا اليهود فإنها روح اليهودية والمجوس)[v] كما أن هناك فتاوي تافهة كثيرة مثل تحريم القول بدوران الأرض وتحريم لعب كرة القدم وتحريم لعبة البيكيمون، وتحريم علم الجغرافيا والجيولوجيا.
هذه الهرطقات شأن داخلي يصدقها البعض ويضحك منها وعليها آخرون، ولكن أعظم تزييف إنطلى على جمهور العامة وطالبي العلم (من عاطلين عن العمل وعمال وفننين لم يرق لهم عملهم فأعتلوا منابر المساجد ومهربوا السلع والوقود وخريجوا السجون ممن أصبحوا مشائخ بفعل التمذهب السلفي) هو الدعوة إلى السنة على فهم سلف الأمة (وهنا يزاح القرآن جانبا) ويترك العامة مذاهبهم من مالكية وشافعية وحنفية وإباضية لينخرطوا في مشروع التمذهب بالمذهب الحنبلي وتعديلاته على يد إبن تيمية بلا شعور، يساقون بقوة إعلام الفضائيات وإذاعات الأف إم مثل صوت السلف وقناة وصال وغيرها إلى مذهب مستورد تكفيري يبشر له عشرات من المشائخ المأجورين، ويكفرون غيرهم. وبذلك تحولت عشرات المدن إلى ما يسمى بالسلفية، علما بأن هذه التسمية لم تكن لها معنى في زمن الصحابة والتابعين بل حتى القرن السادس الهجري، ولتسويق ذلك يتم تزيف التاريخ والمذاهب مثل قول: أن مالك وأبوحنيفة كانوا على المذهب السلفي، مع العلم أن إبن حنبل ولد بعدهم، وأن مالك كان يقبض في الصلاة فلما تورمت يداه توقف عن القبض، ترهات ما بعدها. وفي نهاية الأمر يكون الفصل لله وليس لشيوخ الأمراء: (نَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون) السجدة25، (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة)، والكثير من الآيات.
السلفية والحكم:
عرف عن السلفية أنها لا تريد أن تحكم ولكنها لا تعيش بلا ظل حاكم، فمعظم المذاهب الإسلامية لا تهتم بمن في السلطة، اما السلفية فإن مصالحها لا تكون إلا في وجود تبادل منفعة مع الحاكم، اي أن زواج المسيار النفعي هو السبيل الناجج لنموها وتطورها ولذا لم تنتشر خارج دول الخليج، ففي السعودية هي المسوغ للملك، وفي مصر ناصرت الإخوان ثم إنقلبت عليهم ووالت العسكر، وفي ليبيا حاولت مع المؤتمر الوطني فعجزت وأصبح تتبادل المنفعة مع العسكر، (للعسكر الحكم والبيعة وللسلفية التغلغل في أجهزة الدولة لصالح فردي أو لصالح الدول التي لا تذخر جهدا لدعم هذه المجموعات). وفي هذا السياق تكون مناصحة الحاكم سرية، ولا يجوز معرضته أوالخروج عنه، وهو ما يعطل جميع المنظومات الرقابية ومؤسسات المجتمع المدني، فتتعطل الشفافية والعدل والإنصاف، وتلجم الصحافة ويزج بالمعارضين في السجون، وتقمع المرأة (فهي قاصرة وإن وصلت 60 سنة من العمر)، ويتم تحريم الإنتخابات والديموقراطية والحكم الرشيد، وليس هناك موقف إلا موقف ورأي الحاكم وشيوخه.
بالمقابل نرى الإخوان لهم رؤية ومشروع سياسي منذ حسن البنا وأبوالأعلى المودودي وسيد قطب، ومشروعهم الإصلاحي ينطلق من الشعب وإلى الشعب، وينبذ حكم العسكر والطاغوت بأنواعه، وإن شاب بعض المنتمين لهم نوع من التشدد وعسكرة الجموع بعد إختلاطهم بالقاعدة.
ردود الأفعال:
للأسف خطاب الكراهية من حكومة طبرق ولجنة الأوقاف بها لم يكن له رد فعل محلي كبير سوي تنديد بعض المثقفين، وحكومة الوفاق واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتصرف المشين لهذه الحكومة، في حين أن منظمة العفو الدولية قد أصدرت بيان تندد فيه هذه التصرفات المعيبة. ردود الفعل المحلية كانت متماهية مع هذه المجموعات لعدة أسباب منها التماهي مع مصر والسعودية وعدم الرغبة في إنزعاجها، ومخافة توقف تمويلها ومناصرتها للمجموعات المتورطة، وللعامة سكرة السلفية التي لم يستفيق منها جمع كبير من الشعب الليبي والذي يعتبرها المنهل العذب والطريق السديد لدخول الجنة والوقاية من النار. إنها الغفلة لمجتمع رزح تحث نير التجهيل لأربعة عقود.
[su_divider top=”no” size=”1″]
[i] الدرر السنية (10/113، 114) (8/117،118،1199)
[ii] فتح المجيد من كلام وتعليق ابن باز- طبعه مكتبه دار السلام صفحه 191 فتح المجيد ” ، ص/216 ـ دار أولى النهى
[iii] الدرر السنية (10/25)
[iv] صحيفة الرياض – 11 مايو 2008
[v] كتاب ” المجموع المفيد من عقيدة التوحيد ” ص/102
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
تحليل الدكتور حفظه الله كان سيلسيا بامتياز وهجومه الكاسح على أحد أطراف النزاع أظهر الأنقسام الحاصل في ساحة المعارك السياسية الليبية، تطرق بتوسع عن السلفية وذكر مقتطفات من موروث هذا الفكر وفتاويه التى مضى علي نشرها مئاة السنين قبل مجيء حكم محمد عبد الوهاب وآل سعود أو أوقاف بنغازي، السلفية الدعوية هي هي نفسها يلقبها خصوم السعودية السياسيين بالوهابية وينسبون لها العداء للمذاهب الأخرى في الوقت الذي نشهد السعودية في وحدة وتوافق ودفاع مشنرك مع مجموعة الدول الخليجية الأمارت “مالكية” وعمان “أباظية” والكويت “حنبلي ومالكي” والبحرين “مالكي وشيعي” وفي شرق السعودية السعودية أتباع المذهب الشيعي، الخلط واضح في القول أن أتباع السلفية الدعوية قاتلوا في أفغانستان وهم فئة وهابية تكفيرية يعني القاعدة في نفس الوقت نرى السعودية تتعرض لتفجيرات تتبناها الجماعات الجهادية المتطرفة والقاعدة، مثلما هو الحال حصل ولازال يحصل في بنغازي من تفخيخات وتفجيرات ونشاط جماعات إسلامية جهادية خليط بين القاعدة وداعش غفل عنها الدكتور وهي التي ترفع رآية الجهاد ضد العسكر العلمان الطغاة والضالين المجرمين والمرتدين والبدعيين وكل من لا يتبع مذهبهم فهؤلاء لو حققوا الأنتصار على علمان العسكر كما يتمنى لهم الدكتور فما عليه الا الأنتظار حتى يأتيه الدور؟
مسكين
هذا جزاء من قاتل مع حلف الناتو الصليبى
مسكين
ماذا تعني كلمة سلفية جامية ياجاهل .؟الخزي والعار لك يا امعة .اللهم انصر السلفية في كل مكان .
عندما يضيق اﻻفق وتنعدم الحجة يتقى البشر بالشتائم وهذه هي الفرقة والمنهج الذي يتعرض له الكاتب فﻻ نامت اعين السفهاء