جميعنا يعلم ما يجري علي أرضنا الحبيبة ليبيا… كلنا نعي المأساة التي يعيشها شعبنا… معظمنا يتأسف ويتحسر علي ما ألت إليه الأمور في بلادنا… وكتبت وكتب غيري كثيرًا، وكل كاتب محب مخلص لوطنه، وليس له لون أو توجه إلا الوطن وناسه، أتجه إلى أمرين في كتاباته أولهما توضيح حجم المشكلة والمعاناة، ومن ثم الدعوة الصادقة لإيقاف نزيف الدم ولم الشمل ونبذ الخلاف بين الأشقاء… وقد عبرت بوضوح في العديد من المقالات عن موقفي مما يجري وللتذكير أورد بعضها:
خدعونا بالدين فخذعنا.
تأجيج الفتن سمة الإعلام اليوم.
من القاتل.
صفحات حان الوقت لإعادة النظر فيها.
الثوار والمفاهيم الخاطئة.
التطرف الديني خطر يهدد ليبيا.
الراية السوداء.
الأمن والسلم الاجتماعي.
الافتراء الخسيس.
وغيرها الكثير التي حاولت من خلالها بقدر الإمكان أن أقدم جهدًا توعويًا أسخّر فيه خبرتي في الحياة العملية لإيضاح الصورة وتقديم النصح والإرشاد كاجتهاد مني لشبابنا ومسئولينا، وليس لي فيه مبتغى إلا وجه الله تعالي وحب الوطن.
كما واكبت الأحداث في شبكات التواصل الاجتماعي فكانت لي كل يوم (بوستات) على حسابي الخاص على موقع “فيس بوك” و(تغريدات) على موقع الرسائل القصيرة “تويتر” وكلها تحض على الحفاظ على الوطن رغم بعض المعلقين والمتداخلين وهم قلة قياسا بالمؤيدين للخط الوطني المستقل، هذا البعض أساء في التعليق وعبر بأسلوب بعيد كل البعد عن أصول الحوار، كما علمنا إياه رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم؛ ولكنني أسامحهم وأفوض أمرهم للمولي عز وجل ليهديهم طريق الصواب ليعملوا لصالح وطنهم وليس لجماعة بعينها أو انتماء.
وفي وسط هذا الزخم من العنف والاقتتال، فإن خوفي علي وطني من أن يتكرر معنا نفس الخطأ الذي وقعنا فيه أيام الحرب التي كانت بين الشباب ومن معهم من ضباط وجنود الجيش الليبي ضد الكتائب الأمنية للنظام السابق، حيث إنه بعد أن انتهت الحرب وقعنا في مشكلة عويصة أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن من تمسك البعض بالسلاح وطموح البعض الآخر للسلطة والدخول في لعبة المحاكاة والصراعات السياسية لتيارات لم نكن نعرفها في مجتمعنا، وبالتالي توغلت بين شبابنا بالمال وبحجة حماية الثورة وغيرها من الشعارات، ولا أريد أن أكرر ما سبق لي أن تناولته وتناوله غيري في كتابات وأحاديث مختلفة.
والأمر المهم الذي يجب أن نلاحظه أن الوضع الحالي يشبه كثيرًا ما كنا عليه في فبراير من عام 2011، وأقول هنا بصدق: إن التحليل الواقعي على الأرض لوضع المجموعات المسلحة يشير إلى ذلك، وهو كما يلي:
قوات الجيش الوطني (المسمى الحالي):
– كتيبة 319.
– كتيبة 204 دبابات.
– قوات الصاعقة بكتائبها المختلفة.
– كتائب الزنتان.
– كتائب مجموعات من الشباب في المناطق ببنغازي وغيرها.
– كتيبة الجويفي.
– كتائب أخرى عديدة.
– حرس المنشآت النفطية.
وفي الجانب الآخر:
– الدروع بمختلف مسمياتها وأرقامها.
– بعض الكتائب التابعة لرئاسة الأركان السابقة.
– بعض كتائب المناطق.
وأيضا في الجنوب.
– كتائب تابعة للجيش.
– كتائب للدروع.
– كتائب تابعة لتنظيمات اجتماعية عرقية.
إن التخوف الكبير والمخيف خاصة بالنسبة للجيش الوطني من أنه عندما تنتهي الحرب ونترك هذه الكتائب كما هي فإنه سيتكرر نفس الخطأ ونعود إلى نقطة الصفر من جديد، وهذا- في تصوري- هو السبب الرئيسي وراء تمسك بريطانيا وأمريكا بعدم رفع الحظر على تسليح الجيش الليبي؛ لأنهم يعلمون خفايا الأمور بالإضافة إلى تعاطفهم بطبيعة الحال مع جانب دون الآخر، ولكن هذا التعاطف جعل من تشرذم الطرف الآخر سببًا قويًا في الوقوف من قبلهم هذا الموقف رغم معرفتهم بأن خطر الإرهاب الداعشي موجود ويهدد ليبيا ودول الجوار وأوروبا.
وتخوفي أن يقولون إنهم سيتولون حرب داعش في ليبيا لعدم ثقتهم في المجموعات المنطوية تحت إمرة الجيش أو الدروع من تسريب الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية، بل والاتجار فيها كما حدث في الماضي وتصديرها خارج البلاد، وقد يضعون أمام المفاوض الليبي أن الدواعش جزء كبير منهم غير ليبيين ويقتلونكم على الأرض الليبية ويفجرون مدنكم، ونحن سنأتي ونحاربهم لنخلصكم منهم ونحمي المدنيين، وهذا لا يحتاج إلي قرار جديد من مجلس الأمن.
وهنا أدق ناقوس الخطر، لأننا بذلك قد ندخل في مسألة احتلال لليبيا وصراع قوتين على أرضنا ليتكرر ما حدث في بلادنا قديمًا إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية… وإن من الاهمية بمكان أن تعي القيادات العسكرية هذه المسألة، وأنا أعلم أنهم في حالة حرب ولكن بإمكانهم أن يكلفوا لجنة لتنظيم هذه الكتائب والمجموعات تحت قيادة القوات البرية أو كما هو في دول أخرى الجيش الأول والثاني والثالث، ويتم تنظيمهم وفقًا للأصول العسكرية، بل نطلب خبراء في هذا المجال ليقوموا بذلك مع خبرائنا في الإدارة العسكرية؛ لكي يطمئنوا أولاً، ولكي يعلموا أننا جادون ثانيًا، وأخيرا لكي لا نقع في الخطأ الماضي نفسه.
وعلي جيشنا أن يكون أكبر من الآخرين وأن يضع في تنظيمه الشكل المناسب عسكريًا وفنيًا وتقنيًا لضم كل الضباط والجنود المنتسبين للدروع وأسماؤهم معروفة وإصدار قرارات بشأنهم، ومن يتخلف يتم وقف راتبه، وبالتالي نكون نحن الجيش الليبي الوطني الذي يوحد ولا يفرق ويحافظ علي اللحمة الوطنية لمنتسبيه شرقا وغربا وجنوبا.
وعلى هذه القيادة أيضا أن تسعى بكل الوسائل لعقد تواصل مع الجميع لتوحيد الصفوف وتنظيم المؤسسة العسكرية والارتقاء عن مستوي كل الخلافات مهما كانت وأن ننسى الاحقاد والمواقف ونتفق على محاربة هذا الخطر السرطاني الذي انتشر في بلادنا… بهذه الطريقة وحدها نستطيع أن نكسب كل الدول ونقزم الدولتين أو الثلاثة التي تدعم الإرهاب ونضعها في دائرة مغلقة أمام العالم.
إن هذه الرسالة موجهة مني إلي قيادات الجيش الليبي، ضباطه الكبار والصغار، بأن عليهم دورا كبيرًا خلال الفترة القادمة؛ لأنهم هم الحل وهم المشكلة إذا لم يتفقوا وأهل ليبيا أهلكم سيدفعون ثمنًا أكثر مما دفعوه.
والله ولي التوفيق
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
كلام جميل جدا … نسأل الله ان يهدي ابناء وطني