أقول إن الدين الإسلامي هو رحمة كله وخيرٌ كله ومصلحة للناس كله هذا هو الدين وهذا ما يجب أن ينطلق منه الدين وهذا هو الهدف الذي يجب أن يراعيه العلماء ومن يشتغلون بالعلم والدعوة لهذا الدين، رب قائل يقول ولكن الدين جاء لدعوة الناس لعبادة الله وحده؟ نقول هل هناك أكثر رحمة ومصلحة للفرد نفسه من أن يعبد الله وحده فالذي لا يعرف الخير والرحمة ومصالح الناس لا يعرف الدين ولا قيمة هذا الدين وعظمته فمن يهتم بشؤون الفرد صغيرها وكبيرها إن لم يكن الدين الإسلامي؟ فأمْر الله في ديننا رحمة والنهي رحمة.
يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام بالتيسير على الناس فيما يسّر الله فيه أُنظروا إلى رسول الله وهو يقول للأعرابي حين دعا قائلا: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، رد عليه الرسول قائلا: “لقد تحجّرت واسعا”، أي أن رحمة الله واسعة أي أن هذا الأمر وسّعه الله فلماذا تضيّقه على غيرك وتوسعه على نفسك!؟ولا زال صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التيسير ما لم تنتهك فيه حرمة من حرمات الله، هذا هو الإسلام.
فما بالنا نرى أناسا يدّعون التدين تكاد تنتزع منهم الاحترام انتزاعا ولن تفلح ناهيك عن أن تخالفهم في رأي فهذه عندهم كبيرة تجدهم يتصيدون أخطاء الآخرين أو من يخالف رأيهم أو منهجهم ويهرعون لقذف المخالف بأوصاف يستحي من التفوه بها صاحب عقل وأخلاق لا أن يوصف بها أحدا من العلماء أو من الناس أجمعين، فالرأي ما يرونه وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفهمها كما يفهمونها هم فالقول ما يقولون والفهم ما يفهمون!!! أما غير مشايخهم فلا يقبلون منهم صرفا ولا عدلا سريعون إلى السب والشتم فهذا هو الدين وطريق الدعوة عندهم وليس الصبر على العاصي أو قبول الرأي الآخر وإن كان من عالم أفقه بكثير ممن يتبعون والعقل عندهم معطل وكأن الله أمر بتعطيله ولم يأمر باستعماله فهم يمرون على آيات الله بألسنتهم لا بعقولهم كمثل قوله تعالى: “أفلا تتفكرون”، “أفلا تعقلون”، لا أظنهم يعرفون أن العقل نعمة إلهية بها يتم الوعي والفهم والإدراك وغياب العقل وعدم استعماله هي مذمة كبيرة ضد أصحابها؟.
فالعقل عندنا هو محل التكليف الإلهي فالمجنون وناقص العقل ليس معنيٌّ بالتكليف وعليه فالخطاب في هذا المقال هو للعقال الذين يستعملون عقولهم وليس للعقول المتحجرة أو ناقصي العقل.
ومما شاهدنا في مجتمعاتنا العربية خاصة هي ظاهرة مصادرة الرأي الآخر وما يسببه من تنافر وبعد بل وتناحر وأزمات اجتماعية وهذا سببه الغلو والتحيز لرأي بعينه بالرغم من أن الجميع يستظلون تحت مظلة واحدة وقواسم كثيرة مشتركة كالقرآن والسنة النبوية واللغة والعادات لكن من الملاحظ أن الجهل وعدم الفهم والتعصب ناتج من التردي الفكري الذي تعيشه أمتنا والذي يولّد نوعا من التسلط الفكري الديني والاجتماعي الأحادي على قول فرعون لقومه كما جاء في القرآن: “مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ” غافر 29، فالتسلط والتعنت عندنا صار ليس مرتبطا بالدين فقط ولكنه في جميع مناحي الحياة فالجهل يجعل من هؤلاء أعداءً لكل من خالف منهجهم أو رأيهم الديني أو السياسي أو الاجتماعي!.
سؤال إلى المستبدين اليوم ومن يستخدمون الدين خاصة لطاعة ما يسمونه زورا وليا للأمر قلت زورا لأن ولي الأمر في الإسلام هو أكبر مما يضعه به علماء المستبدين وأتباعهم بدون وعي والسؤال هو: هل أمر خليفة وصاحب رسول الله أبوبكر الصديق الناس أن يطيعوه في معصية الله وظلم الرعية وموالاة الكافرين؟؟؟!! أما قال رضي الله عنه حين تولى أمر المسلمين: “أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني”.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً