ليست هذه المرة الأولى التي يحذر فيها المرشد الايراني الأعلى آية الله علي خامنئي من فتنة طائفية قال إنها تستهدف المسلمين، وتصب في صالح اسرائيل. لكن خامنئي الذي يعرّفه الإيرانيون لأنصاره في الخارج بأنه “ولي أمر المسلمين” مفترض الطاعة، بدا وكأنه يحرم على أتباعه مشاهدة قنوات سماها منابر الفتنة التي تبث من أميركا وبريطانيا وهي إشارة واضحة الى قناتي “أهل البيت” و”فدك” واعتبرهما غير شيعيتين.
أبدى خامنئي حذره مرارا، في الفترة التي سبقت تنصيب الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني في أغسطس/آب، من وجود محاولات تحاك من قبل الأعداء لدق أسفين الفرقة بين المسلمين الشيعة والسنّة، وهو يعتقد أن “الأعداء يعمدون الى استهداف الشيعة في العالم تحت ذريعة الارتباط مع ايران” معولا كثيرا على أنصاره من “أبناء السُنة الكرام في العديد من دول العالم”، قال إنهم يقفون بصف جمهورية ايران الاسلامية ويدافعون عنها أكثر من الشيعة”.
ومنذ إنطلاق مايسمى “ثورات الربيع العربي” فقد أولى المرشد الايراني اهتماما لافتا بما سماها “الصحوة الاسلامية” وحرص على أن تكون لإيران اليد الطولى في تحريكها باتجاه يخدم ما يعتقد به تمهيداً للدولة العالمية بقيادة المهدي المنتظر، ولهذا فان خامنئي يبدو مهتما جداً بأن لا يعكر أحد ممن ينتسبون للشيعة، صفو علاقة إيران بأهل الصحوة حتى بعد أن أطلق (في أبريل/نيسان 2011) صفحة باسم “الصحوة الاسلامية” على موقعه الخاص على الأنترنت، واستثنت سوريا.
وخامنئي الذي كتب على موقعه على الأنترنت إنه يبدي اهتماما كبيرا بالصحوة الاسلامية في المنطقة العربية، طالما اتهم “قوى الاستكبار العالمي وعملاءها في المنطقة بالعمل على تقويض جبهة المقاومة الاسلامية التي تشكل سوريا الخط الدفاعي الأول لها”، على حد تعبيره.
وإذ تنشر صفحة “الصحوة الاسلامية” وهي باللغات العربية والفارسية والانكليزية، خطابات خامنئي وباقي المسؤولين الايرانيين، وكل ما له صلة بالثورات العربية باستثناء المظاهرات في سوريا، قال مرشد الثورة أمام مرشدي قوافل الحج الايراني إن هناك “مؤامرة مستمرة ضد المسلمين لنشر فتنة الطائفية وإن الجمهورية الاسلامية تراقب بكل دقة وتمعن ويقظة أوضاع المنطقة”.
ودعا خامنئي “الى ضرورة توخي الحذر من المخططات الخبيثة الرامية الى اشعال الخلافات المذهبية”، قائلا “إن أعداء الامة الاسلامية انتبهوا بشكل جدي الى أن التناحر بين الطوائف الاسلامية يصب في النهاية لصالح الكيان الصهيوني” وأضاف “أعداء الامة الاسلامية ولتأمين مصالح الكيان الصهيوني عمدوا الى دعم المجموعات التكفيرية من جهة وإطلاق وسائل إعلام ظاهرها اسلامي وحتى شيعي، ولكن الهدف الحقيقي من وراء اطلاقها هو اشعال الفتن الطائفية بين المسلمين”.
واتهم خامنئي بشكل صريح قناتي “فدك” و”أهل البيت” بأنهما من ضمن مشروع غربي صهيوني لتفتيت عرى المسلمين.
واشار خامنئي الى أن كبار علماء الشيعة ومنهم الخميني، دعوا الى ضرورة الحفاظ على الوحدة الاسلامية.
وقال في إشارة الى هاتين القناتين “وعلى ضوء ذلك فإن التشيع الذي يبث من أميركا وبريطانيا ويعمد الى اذكاء الخلافات المذهبية لا يمثل المذهب الشيعي الحقيقي ولا يسير وفق المنهج الشيعي”.
ولفت خامنئي الى “محاولات الأعداء الى إثارة الخلافات بين أبناء الامة الاسلامية في العراق وسوريا والبحرين والتي أسفرت الي مقتل المئات من المسلمين تحت مسمى طائفي مقيت شيعيا كان أو سنيا”.
وجدد خامنئي تحذيره “أن القوى الكبرى ولاسيما أميركا وفي سبيل بلوغ أهدافها اللامشروعة لا تتوانى عن تخريب الدول وتمزق الصف الاسلامي وقتل الناس الابرياء”.
ويعتقد خامنئي ومؤيدوه أن هذه الصحوات تمهد لظهور المهدي المنتظر وأن هذه القنوات تعرقل الظهور، حيث روج فيلم وثائقي أنتجه مؤيدو المرشد الى أن خامنئي والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وأمين عام حزب الله لبنان حسن نصر الله من الشخصيات الأساسية التي تمهد لظور المهدي المنتظر بعد انتصارهم في حروب مقبلة تشهدها المنطقة، بينما تشن هذه القنوات دعاية مضادة وتثير الغبار على نظرية الظهور، وتكفر الشيعة خصوصا نصر الله وقادة الجمهورية الاسلامية.
وواجهت إيران خلال الأعوام الأربعة الماضية، منذ انتخابات العام 2009 انتقادات دولية واسعة حول اسلوبها في قمع الاحتجاجات الشعبية على نتائج تلك الانتخابات، حيث تم تنفيذ أحكام بالاعدام في عدد من المتظاهرين وجهت إليهم تهمة “الافساد في الأرض ومحاربة الله ورسوله”.
وتم احتجاز زعيمي المعارضة الاصلاحية مير حسين موسوي وزوجتيهما بعد دعوة للتظاهر يوم 14 شباط/فبراير العام 2011 لمساندة التغيير في تونس ومصر.
وتبث قناة “فدك” الفضائية من لندن وينظر لها معظم الشيعة على أنها لاتختلف كثيرا عن قنوات متطرفة تدعي أنها تدافع عن السنة وتتبنى النهج السلفي. لكن “فدك” لا تميز في هجومها على المسلمين بين سني ووهابي، وتطلق على المخالفين لنهجها من السنة تسمية البكريين أو الطائفة البكرية، وتسمي الشيعة الذين ينادون بالوحدة أو التقريب مع السنة “البتريين”.
وقال عالم الدين المختص في شؤون المهدوية والمذاهب الشيخ علي الكوراني إن لقناة “فدك” وقناة “أهل البيت”، نتائج سلبية لفائدة ما ينتهجه الوهابيون ضد الشيعة، وهما تقدمان الذرائع لبروز المزيد من الفئات المتطرفة ضد الشيعة.
ويرى خامنئي وهو يحذر من هذه القنوات، إن أخطر ما يواجه ما وصفها بـ”حركة الصحوة الإسلامية” هو إثارة الخلافات ودفع الحراك نحو صدامات دموية طائفية ومذهبية وقومية ومحلية.
اترك تعليقاً