جاءت فبراير لتفتح لنا الأبواب والشبابيك وبدون أي قيود لنتعرف على الجميع جماعات ومجموعات وأفراد وقبائل وشخصيات وطنية وأشباه وطنية ومدعي وطنية ونتيجة للتصحر الفكري والثقافي صعب علينا التمييز بينها فقرائاتنا عبر الكتب المتاحة والممنوعة لم تصنع في عقولنا قدرة على التمييز فكانت خلفياتنا ربما الأسرية لها الدور في التعاطف مع التيار الديني بل والدفاع عنه دون ادراك لبعض نواقصه.
منذ طفولتنا كنا نرتاد المساجد نقرأ القرآن ونكتب على اللوح ونردد مع الشيخ وكانت المناهج الدراسية أيضا في الستينات مليئة بالعلم الديني وربما ذلك نتيجة لحرص المسؤولين عن التربية والتعليم وأبرزها سلسلة هداية الناشئين وكان والدي أحد رواد الخليلية في بنغازي فكان دورنا يوم الثلاثاء لإقامة حلقة الذكر بمنزلنا بعد صلاة العشاء وكان حينا بمنطقة بن يونس ببنغازي وخاصة جامع الطياش ممن يقيمون الاحتفالات بالمولد النبوي ويقرؤن البغدادي وكان شيخه يرقي لنا ويكتب لنا التمائم وتمائم المحبة والقبول الذي تحتاجه أمهاتنا في مواجهة مسلسل عكاشة عماشة وكان فول وحمص العاشوراء دليل التواصل بين بيوتنا وكنا نفرح بشهر رمضان ونعانق ضحية العيد ونراقب رايات الحجيج فوق بيوت حينا ونجلس حول أهل الحضرة عندما يدعوهم أحد الجيران فيضربون الدفوف ويضربون الخناجر.
تلك كانت حياتنا في أحيائنا.. كانت تلك خلفيتنا وذلك ما اكتنزه وعينا فكيف يأولئك تستنكرون علينا بعد أن أدركنا وتعلمنا أن نكون بانحياز تام للفكر الإسلامي وكيف لا ندافع عن دين الله وقد صار دماء تجري في عروقنا وهواء يملئ صدورنا ونورا نبصر به طريقنا وعقلا نسير به في حياتنا.
ولقد استغل البعض ذلك المنطق الذي يستلهم أبجديات الإسلام في حياتنا وكلامنا لوصف من يخالفهم بالانتماء إلى هذه الجماعة أو تلك فنحن مسلمون لم ولن ننتمي إلا إلى الإسلام ومع ذلك فنحن لا نستنكر على أحد انتمائه الفكري ولو كان يساريا فذلك شأنه شرط أن لا يؤمن باستخدام القوة فالحوار وقبول الآخر مهم للتأكد أننا على صواب فليس عيبا أن نعدل بعض قناعاتنا أن تبين أن التغيير هو الحق.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً