تلك المنظومة التي كانت بين اياديها كل دواليب ادارة البلاد. تبين بعد انتفاضة الناس بليبيا مع شتاء 2011 م. بانها تمّتلك قدرات استثنائية، تُمكنها وفى الغالب من تخطّيي كل العقبات المميتة، التي قد ترمى بها الى دهاليز الماضي. فقد اتضح امامنا وعلى نحو ظاهر صوت وصورة اثنا خريف 2011 م. بان تلك المنظومة تكون ودائما على استعداد تام، لتخلّي عن عناصرها. عند انتهى صلاحية هذه، وتصير حمّلا زائد يجب التخلص منه. ولن تسمح لها. ان تصير عقبة في طريق استمرار ديمومتها على وجه هذه الحياة الدنيا. حتى لو تطلب الامر انهائها وجوديا، ثم عرّضها على نحو فج. هامدة مُسجى على الارض. وكفرّجة لمن يرغب من الناس. فتلك المنظومة، كانت دائما لا يساورها أدنى حرج في تخطيي كل الاعتبارات الانسانية. إذا كان في ذلك ما يخدم مصالحتها.
جاء هذا القول السابق، لأننا لم نجد تفسير منطقي حينها لأحداث عديدة. كنّا شاهدين على وقوعها خلال السنين القليلة التي سبقت انتفاضة الليبيين مع شتاء 2011 م. تتعارض مع ما عهدّناه في ردود افعال وسلوكيات انتقامية لتلك المنظومة. فمن المُدّهش مُشاهد الغرب (الانجلوسكسونى) وهو يُرحّل الى طرابلس عبر الجو. عناصر قاتلت لصالحه في صفوف القاعدة بأفغانستان. حين استعان بهم لدحر السوفييت بعيدا عن البوابة الشرقية لحلف الأطلسي! فتُحتجز تلك العناصر وتُوقف بطرابلس. ثم لم نلبت ان شاهدنها عبر التلفاز الليبي في جلسات اعادة تأهيل، تُعلن فيها ثوّبتها، وخلّعها ثوبها الأفغاني، ومن ثم الى زحمة الحياة داخل شوارع مدن البلاد. كل هذا كان يحدث بتشجيع من لندن للعاصمة طرابلس. كما جاء في بعض التقارير الاخبارية.
في ذات الفترة الزمنية جيء من السعودية ومن بعض دول الخليج، بمثقفين يتحدثون بلسان إسلامي. عقدوا واداروا جلسات حوارية داخل سجن (بو سليم) بطرابلس مع بعض منتسبي ونشطاء حزبيين. أعقب ذلك اعلان هذا الاخير قيامه بمراجعات هامة تناولت برامجيه. افضى به ذلك الى خارج ابواب السجن. ومن بعد تسرّبت جل عناصره الى مفاصل تلك المنظومة.
رافق ذلك الاستعانة بتكنوقراط ليبيين، ثم استدعائهم من دول غربية ومن بعض دول الخليج وجنوب شرق اسيا. وثم حقنهم داخل تلك المنظومة واستلموا مراكز حيوية بداخلها. وزارات. مجلس التخطيط القومي وغيرها.
كل هذا كان يحّدث والغضب يتفاعل ويضيق به صدر البلاد. وما ان جاءت نهايات شتاء 2011 م. حتى انفجر متخذ هيئة انتفاضة شعبية، غطّت مدن شرق البلاد اولا. ثم انتقلت الى باقي انحاء ليبيا. الملّفت من الافعال اتنا الايام الاولى للانتفاضة، والتي ترتقي بحدوثها الى اللامعقول، ونضيفها بهذا الى ما عددناه من احداث ما قبل انتفاضة شتاء 2011 م. وهما حدثين اثنين: – في انسلاخ وانتقال شخصيات محورية من تلك المنظومة اتنا احداث شتاء 2011 م. الى صفوف الانتفاضة الشعبية. التقطت (مكرفوناتها) وصارت تتحدث وتحدث العالم بلسان الانتفاضة. واخرى ثم ترحيلها عبر تونس جوا الى لندن. ولندن دائما. وثانيهما تمكّنت أحد المدن الليبية من تفريغ وترحيل محتوى منّظومة مخازن ذخيرة بالكامل دونما عوائق او اعتراض، في حين كان الطيران الدولي استطلاعا وحربا، يُغطى سماء البلاد.
في تقديري. قد يكون لكل ما فات تناوله تأويلات عديدة، وهذا مقبول حتى اللحظة. ولكن الاستنتاج قد يتخذْ مسار اخر. حينما نعرف بأن ما عددناه من اجسام واشخاص اعتباريين. قد تمكنوا بعد مدة قصيرة من قيام الانتفاضة، من تصّدر مشّهدها وتفاعلاتها. حتى انتهوا بها الى ما نحن عليه. وبقول اخر قد تمكنوا من تطويع غضب شتاء 2011 م. وتحويله من تأسيس جاد لدولة المواطنة. عبر الذهاب نحو ترسيخ وتجدير. ما جاء من مفاهيم مع انتفاضة شتاء 2011 م. تتضمن مفردات منها. دستور. تداول سلمى على السلطة. صندوق اقتراع. قانون انتخاب. مجتمع مدني. حرية رأي وتعبير. الخ. وبإقحام وحقن هذه المفردات الى دنيا التداول اليومي. حتى تألفها وتسّتسيغها السنة الناس. وتصير من ضمن منظومتهم الثقافية. وبها تتخلق البيئة المناسبة الضرورية لانّبعاث دولة المواطنة. التي انتفض الناس مع شتاء 2011 م. من اجل تحقّقها. نجد هذه الاجسام قد ذهبت بزخم الانتفاضة في اتجاه بعيد عن هذا. نحو اعادة انتاج تلك المنظومة وتجّديرها بصيغة ووجه جديد. ولكن بذات المضمون السابق. والشواهد على ذلك كثيرة. أقربها يظهر بوضوح في طبيعة الحوارات الاخيرة بتونس وسابقاتها ونتائجها، التي لا تخدم الناس آنيا ولا تصب في صالح حراكهم. الذى عمّدوه بدمائهم مع شتاء 2011 م. ولكن قبل الخاتمة لا يجب ان نفوّت اسّتدراك يقول. بان لندن كانت قريبة وحاضرة بالجلسات الاخيرة في تونس، برفّقة هذه الاجسام في شخص مندوبها ميلت.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً