بالرغم من انتشار استخدام مكملات الكركم على نطاق واسع لاعتقاد الكثيرين بخصائصها المضادة للالتهابات والميكروبات والسرطان، إلا أن الأدلة العلمية لا تدعم هذه الادعاءات، بل تحذر من مخاطرها على صحة الكبد، حسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وأظهرت دراسات وتقارير طبية ازديادا ملحوظا في عدد حالات الإصابة بأمراض الكبد الحادة لدى الأشخاص الذين يتناولون مكملات الكركم، خاصة بجرعات عالية.
ووفق “واشنطن بوست”، تورطت مكملات الكركم في السنوات الأخيرة، في عدد متزايد من حالات أمراض الكبد، والتي أدى بعضها إلى زرع كبد أو حتى الوفاة.
ونقلت الصحيفة عن مدير فرع أبحاث أمراض الكبد في قسم أمراض الجهاز الهضمي والتغذية بمعاهد الصحة الوطنية الأميركية (NIH)، جاي هوفناغل، قوله: “تُعتبر إصابة الكبد الناجمة عن الكركم نادرة؛ فقد يُصاب شخص واحد من بين كل 10 آلاف أو حتى 100 ألف شخص يتناولونه بالمرض. ولكن الآن يتناول الملايين من الناس الكركم، وبناء على ما نراه في بياناتنا، فهو أحد أكثر الأسباب شيوعا لإصابة الكبد”.
ويقول الأطباء إن المستحضرات الحديثة لنبات الكركم، الذي يُستخدم في الطب التقليدي وكتوابل في الطعام منذ آلاف السنين، إلى جانب الاستعداد الجيني لدى بعض الأشخاص، تقف على الأرجح وراء زيادة أمراض الكبد.
وتحتوي مكملات الكركم على مستخلصات عالية الجرعة من “الكركمين”، وهو المكون النشط الرئيسي للكركم، والذي يصعب امتصاصه بشكل جيد من قبل الجهاز الهضمي، حيث يتم إضافة مواد مثل الفلفل الأسود لتعزيز امتصاصه، وهو ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض الكبد.
ويقول هوفناغل: “يتناول الناس اليوم كمية من الكركمين تفوق بـ100 مرة الكمية التي كانت تستخدم في الطب التقليدي”.
ويبدو أن الشعبية المتزايدة للكركم على مدى السنوات الخمس الماضية تعكس ارتفاع عدد الحالات المبلغ عنها التي جمعتها شبكة “إصابات الكبد الناجمة عن الأدوية” التي تمولها معاهد الصحة الوطنية.
وفي عام 2022، تم الإبلاغ عن 10 حالات إصابة بالكبد مرتبطة بمكملات الكركم، وفق الصحيفة.
كما تم الإبلاغ عن حالات في أماكن أخرى من العالم، إذ أشارت دراسة أجريت عام 2020 إلى 7 حالات من التهاب الكبد الحاد غير المعدي حدثت في إيطاليا، وارتبط جميعها بمكملات الكركم.
وفي أغسطس 2023، حذرت الحكومة الأسترالية، المستهلكين والعاملين في مجال الرعاية الصحية من أن مكملات الكركم قد تسبب إصابة نادرة بالكبد.
ويقول أخصائي أمراض الكبد في وحدة زرع الكبد الوطنية الأسترالية، كين ليو: “يعتقد الناس أن الكركم منتج طبيعي ويصرف دون وصفة طبية، لذلك يجب أن يكون غير ضار، وهذا ليس صحيحا”.
وأضاف: “لقد لاحظت دخول المزيد والمزيد من الأشخاص إلى المستشفى بسبب إصابة الكبد من المكملات العشبية والغذائية واحتياجهم إلى عمليات زرع كبد لهذا الغرض”.
ووفق الصحيفة، تلعب الجينات دورا في تحديد استعداد الفرد للإصابة بأمراض الكبد الناتجة عن مكملات الكركم، حيث يحمل بعض الأشخاص طفرات جينية تجعلهم أكثر عرضة لهذه المخاطر.
ويقول ليو: “الجينات تحدد الإنزيمات الكبدية، لذا قد تختلف طريقة استقلابك لشيء ما قليلا عن كيفية استقلابي له. فقد تستقلب الكركمين على أنه خامل تماما وغير ضار، بينما قد أستقلبها على أنها مادة سامة تسبب التهابات في الكبد”.
وينصح الخبراء بتوخي الحذر الشديد عند تناول مكملات الكركم، خاصة بجرعات عالية، واستشارة الطبيب في حال كان الشخص يعاني من أمراض الكبد أو يتناول أدوية أخرى.
اترك تعليقاً