وصفت مجلة أمريكية الرئيس التونسي قيس سعيّد بالمستبد، واعتبرت أنّ اعتقال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، ليست إلا مناورة من الرئيس التونسي للتغطية على فشله في إدارة عدد من الملفات الحارقة مثل الاقتصاد وعدم قدرته على الخروج من الأزمة السياسية.
وأكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها، أن اعتقال الغنوشي وسجن نائبه علي العريض، يكشفان مدى هجوم الرئيس قيس سعيد على الديمقراطية، مشيرة إلى أن اعتقال الغنوشي جاء كخطوة من سعيد لمواجهة السخط المتنامي ضد سلطاته.
وأشار التقرير الذي أعده إريك غولدستين، نائب رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش“، إلى أن بعض الانقلابات وعمليات الاستيلاء على السلطة تبدأ باعتقال زعيم المعارضة السياسية، لكن الرئيس سعيّد انتظر لما يقرب من العامين بعد استيلائه على كل السلطات من أجل إيقاف الغنوشي.
ويُضيف كاتب التقرير أنّ سعيّد اعتقل الغنوشي بتهمٍ واهية بالتحريض على العنف، ليس من أجل التخلص من خصم سياسي فحسب؛ بل لمواجهة السخط المتنامي عليه بسبب عجزه عن تحسين اقتصاد تونس المتهاوي، وقد أراد الرئيس التونسي استعداء أنصاره على النهضة، لتحريضهم على شيطنة من سبقوه في حكم البلاد.
وأكد التقرير على أنّ الغنوشي بمنزلة “مانع الصواعق” في مواجهة من يلومون الحزب على أدائه في أثناء وجوده في السلطة أو من يكرهون الحزب أصلاً بسبب ارتيابهم في انضوائه على أجندة إسلامية متطرفة بالرغم من التزامه المعلن بالديمقراطية والتعددية.
وتطرّق التقرير إلى نائب رئيس حركة النهضة ورئيس الوزراء السابق علي العريّض، الذي اعتقلته السلطات التونسية في 19 ديسمبر الماضي، ووجّهت له تهمة التقاعس عن مواجهة انتشار السلفيّة، وجماعة “أنصار الشريعة” المسلّحة خلال عمله في الحكومة.
وقال الكاتب إنه “عندما كان العريض وزيراً للداخلية ورئيساً للوزراء، فقد كان التونسيون يتمتعون بحرية أكبر في التعبير مما تمتعوا به في عهد أي من الرؤساء الذين سجنوه”.
وكان العريّض قد شغل منصب وزير الداخلية من ديسمبر 2011 إلى فبراير 2013، ثم رئيس الحكومة من مارس 2013 إلى يناير 2014، وكانت الحكومة ائتلافية وتتكون من حزب النهضة وحزبين يساريين (“التكتل” و”المؤتمر من أجل الجمهورية”)، علماً بأنّ العريض صنف “أنصار الشريعة” تنظيماً إرهابياً حين كان رئيساً للوزراء.
ويخضع العريّض الموقوف على ذمّة المحاكمة في “سجن المرناقية” للتحقيق حاليا بموجب عدّة فصول من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، والفصل 32 من المجلّة الجزائية بتهم تصل عقوباتها القصوى إلى السجن المؤبد.
ومن التُّهم التي يُواجهها علي العريض تمجيد الإرهاب، والانتماء إلى تنظيم إرهابي، واستعمال تراب الجمهورية أو تراب دولة أجنبيّة لانتداب أو تدريب شخص أو مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية، وتسهيل هروبهم، والدخول أو الخروج بشكل قانوني أو غير قانوني من التراب التونسي، وغسيل الأموال.
ويتابع كاتب التقرير قائلاً إنه” بينما لم يعرف الغنوشي السجن منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث إنه كان قد لاذ بالفرار وظلّ في المنفى لما يزيد على العقدين من الزمن قبل أن يعود إلى تونس في مطلع عام 2011″.
ووفقاً للكاتب، فإن للعريض بالمقابل، علاقةً ممتدة مع السجون التونسية، وهي علاقة تحكي قصة حقوق الإنسان في تونس، ما بين صعود ونزول هو الأغلب، من عهد الدولة البوليسية مروراً بقصة النجاح النسبي للربيع العربي، ووصولاً إلى الانزلاق الحالي نحو الاستبداد من جديد.
وفي عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، حُكم على العريض بالسجن خمسة عشر عاماً، قضى منها أربعة عشر عاماً وراء القضبان، ومن بين الآلاف من أعضاء الحزب الذين غصّت بهم سجون بن علي، كان العريض واحداً ممن قضوا أطول فترات الحبس في سجن انفرادي، حيث قضى ما يزيد على أحد عشر عاماً في الحبس الانفرادي داخل سبعة من السجون المختلفة.
واختتم الكاتب تقريره بالقول: “والآن من جديد، يقبع العريض منذ أربعة شهور في سجن المرناقية -ليس تحت حكم بن علي ولكن تحت سلطة انقلاب يقوده قيس سعيد– دون أن يُعرض على أي قاضٍ أو توجّهَ له أيّ تهم”.
اترك تعليقاً