عبر رئيس المجموعة الليبرالية في البرلمان الأوروبي البلجيكي غي فيرهوفشتات، عن قناعته بأن الاتحاد الأوروبي ليس أبدياً ومن الممكن أن يتفكك.
جاء ذلك في نداء تحذيري وجهه رئيس وزراء بلجيكا السابق اليوم إلى كل من المؤسسات والدول الأوروبية منتقداً طريقة تعاملها مع التحديات الماثلة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد،
وبحسب ما نقلت وكالة “آكي” الإيطالية للأنباء، فإن فيرهوفشتات اعتبر أن تقصير الدول الأوروبية يضع المفوضية أمام تحد عظيم، فالجهاز التنفيذي الأوروبي على موعد مع محكمة التاريخ، فعليه الإمساك بزمام الأمور والقيادة، وإلا فأن الاتحاد سيتفكك، فهو ليس أبدياً، حسب قوله.
ويرى فيرهوفشتات أن الاتحاد الأوروبي قد يختفي بسبب نقص الشجاعة والتضامن والإهمال، محذراً من مغبة الاستمرار على هذه الحال، ما قد يجعل سيناريو خروج إيطاليا من الاتحاد أمراً غير مستبعد.
ويستند المسؤول الأوروبي في كلامه على شعور الإيطاليين، حكومة وشعباً، أن أوروبا تخلت عنهم في أزماتهم المتلاحقة.
إلى ذلك، انتقد فيرهوفشتات بشدة موقف بعض الدول مثل هولندا وألمانيا التي تعتقد أن ازدهارها قد يستمر في ظل إفلاس دول الجنوب.
وأضاف متسائلا: “هل نست ألمانيا معاهدة فيرساي وإلى أين قد يقود بؤس الشعوب؟”.
وتابع هجومه على ألمانيا مشيراً إلى برلين “لا تمتلك إلا حلولاً وطنية انعزالية لاقتراحها علينا”.
وفي ذات الصدد حذر فيرهوفشتات الأوروبيين من ظهور “الوحوش” في الظلمات، مؤكداً أن “بعضهم صعد إلى واجهة المشهد مثل فيكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا، وسط لا مبالاة الجميع”، حسب وصفه.
وتابع فيرهوفشتات: “ما يجري حالياً خيانة لأفكار وقيم الآباء المؤسسين للاتحاد”.
هذا ويعيب فيرهوفشتات وغيره من منتقدي التعامل الأوروبي مع تداعيات تفشي وباء كورونا الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، على الدول الأعضاء تصرفها بفردية وكأن للوباء 28 نسخة مختلفة، بحسب ما أفادت وكالة “آكي” الإيطالية.
كما أبدى البرلماني الأوروبي غضبه من الرد المالي الأوروبي الذي اكتفى بالحد الأدنى ولم يعالج المشكلة الأساسية ألا وهي غياب التضامن للرد على مشكلة جماعية.
هذا وشهدت إيطاليا ارتفاعا في نسبة المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي، في شعور نجم عن غياب التضامن الأوروبي خلال أزمات الهجرة الأخيرة وتفاقم الوضع مع تفشي وباء كورونا المستجد، بحسب ما أفادت وكالة “فرانس برس”.
وأفادت نتائج استطلاعات للرأي أُجرِيت في أبريل الجاري، بأن 71% من الإيطاليين يعتقدون أن كورونا يُقوض الاتحاد الأوروبي ونحو 55% موافقون على الخروج من الاتحاد ومنطقة اليورو.
وتعد هذه النسب كبيرة في بلد يمثل إحدى ركائز الاتحاد ويتبنى تاريخيا التكامل الأوروبي.
وتتهم روما بعض شركائها وخصوصا ألمانيا وهولندا، بالأنانية لرفضهم تشارك الديون عبر إصدار “سندات كورونا” و”سندات أوروبية” (يورو بوند)، وهو ما ترغب به إيطاليا، حيث أصبحت هذه المسألة رهانا سياسيا داخليا.
ويعاني الاقتصاد الإيطالي بشدة من هذه الأزمة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع إجمالي الناتج الداخلي للبلد – 9.1 % هذا العام.
واستفادت أحزاب أقصى اليمين الإيطالية المشككة في أوروبا والداعية إلى تعزيز السيادة الإيطالية، من الاعتراض الألماني والهولندي على إصدار “سندات كورونا” لمواجهة تداعيات الوباء.
وفي هذا السياق، قالت جورجيا ميلوني رئيسة حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتشدد الذي حصل على 13.5% من نوايا التصويت، الجمعة، إن الحكومة “ليست لديها فكرة واضحة عن قوتها التفاوضية، لأننا نحن الذين نقرر حاليا ما إذا كانت أوروبا موجودة”.
وأضافت أن “الجميع يدركون أنه لن يكون هناك أوروبا بدون بريطانيا وإيطاليا، إذ لن تبقى حينها سوى ألمانيا كبرى ستسحق الجميع حتى فرنسا”.
ويتبنى زعيم “حزب الرابطة” ماتيو سالفيني نفس الرأي. ورغم أفول نجمه بعد مغادرته الحكومة في أغسطس 2019، لا يزال حزبه يتصدر نوايا التصويت بنحو 28.5%. ويتهم سالفيني رئيس الحكومة جوزيبي كونتي بأنه يريد بيع إيطاليا “بثمن بخس”.
ويتركز الجدل بصفة خاصة على اجتماع المجلس الأوروبي الأسبوع القادم الذي يناقش سن تدابير اقتصادية مشتركة لمواجهة تداعيات الأزمة.
وفي صلب الجدل، آلية الاستقرار الأوروبي (صندوق إنقاذ منطقة اليورو) التي تذكر بإملاءات بروكسل على اليونان الغارقة في الديون وسياسة التقشف التي فرضت عليها.
ويعتبر دعاة تعزيز السيادة الإيطالية أن اللجوء إلى هذه الآلية سيجعل البلد في وضع خضوع مهين، حسب وصفهم.
وفي سياقٍ ذي صلة، حذر رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، في وقت سابق، من سقوط الاتحاد الأوروبي ككيان جامع بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.
وفي مقابلة مع صحفية “إل سول 24” الإيطالية، دعا كونتي إلى عدم ارتكاب أخطاء فادحة خلال عملية مكافحة فيروس كورونا المستجد في القارة الأوروبية.
وأشار إلى أن التقاعس سيترك لأبنائهم العبء الهائل لاقتصاد مدمّر، حسب وصفه.
وأضاف قول: “هل نريد أن نكون على مستوى هذا التحدي؟ إذاً لنطلق خطة كبيرة خطة أوروبية للتعافي وإعادة الاستثمار تدعم وتنعش الاقتصاد الأوروبي كله”.
وتابع كونتي: “أكثر من خلاف، حصلت مواجهة شديدة وصريحة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأننا نعيش أزمة تسفر عن عدد كبير من الضحايا من مواطنينا وتسبب ركوداً اقتصادياً شديداً”.
وأردف قائلا: “أمثل بلدا يعاني كثيرا ولا يمكن أن أسمح لنفسي بالمماطلة،، ينبغي علينا تجنّب أن نتخذ في أوروبا خيارات مأساوية.. إذا لم تُثبت أوروبا أنها على مستوى هذا التحدي غير المسبوق، فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد بنظر مواطنينا، سبب وجوده”.
اترك تعليقاً