في ظل الظروف السيئة التي تعيشها مجتمعاتنا في عالمنا العربي والإسلامي وفي ظل تغير نمط الحياة والتفكير وفي ظل تفكك هويتنا ومع معاناة الإنسان من الناحيتين الإقتصادية والإجتماعية الأمر الذي انعكس على مشاعرنا وسلوكنا وعلاقاتنا فانتشرت بيننا مشاعر لم يكن لنا عهد بها أو لم تكن حاضرة بشكل كبير في سلوكنا كالحقد والبغض والكره وغيرها فهي مجموعة من المشاعر التي تنتاب الإنسان في كثير من الأحيان حسب الأحوال والظروف المحيطة به، فإذا ما كانت البيئة الاجتماعية والبيئة العامة المحيطة بالفرد غير صحية ومليئة بالتناقضات والمتضادات والسلوك السلبي للأفراد والجماعات كان تأثير هذه العناصر السلبية كبيرا على حياة الفرد وعلاقته بالآخرين. وإذا ما كانت البيئة الاجتماعية وهنا لا يقصد بها المحيط العائلي فقط، ولكن يتسع محيط هذه البيئة ليشمل كل المحيط الاجتماعي الذي يستوجب على الفرد التعامل معه ليحوي بالتالي جميع مناحي الحياة فإذا كان هذا المحيط الواسع الإنتشار الذي يحيط بالفرد من جميع الإتجاهات إيجابيا كانت مشاعر الفرد إيجابية لأنه في الغالب يتأثر أكثر مما يؤثر في المحيط الاجتماعي.
فالمشاعر هي شعور ملازم للأفراد كلٌّ حسب ما يحيط به وهنا نفسح مساحة أكثر للمشاعر السلبية لانتشارها الواسع في مجتمعنا حيث أصبحت مشاعر القلق والخوف والتوتر والإحباط والحقد والحسد والعدوانية وغيرها مشاعر سلبية تلازمنا بصفة شبه دائمة في البيت وفي الشارع في العمل في علاقتنا مع الناس وحتى في وقت الرحة الذي يجب أن يتصف بنوع من الإسترخاء والعلاج عن طريق التفكر والتدبر ينتابه الشعور الإيجابي حتى يعود على الفرد بالإطمئنان والراحة لكنّ مشاعرنا السلبية تأخذنا بعيدا عن كل ما من شأنه إسعادنا فتفسد لنا خلوة القلب والنفس.
يخطئ كثير منا في إهمال مشاعرنا السلبية أو في الجانب المضاد التركيز عليها والمبالغة في ذلك، نعم قد نستحضر المشاعر السلبية في جو من الراحة والطمأنينة لاستشعار الخطأ وتحليل الموقف والحدث ثم استخلاص النتائج والدروس الإيجابية من المواقف السلبية. كما يخطئ آخرين في بعض الأحيان في التهرب من المشاعر السلبية إلى سلوك سلبي آخر كالتدخين أو ربما المخدرات فيعالج مشكلة أو شعور سلبي بمشكلة أكبر منها وهذا لعمري خطأ فادح.
إن فهم المشاعر السلبية هو البداية السليمة الصحية للتخلص منها فالفهم يقودنا لمعرفة أسباب المشاعر السلبية وكما يقال إذا عُرف السبب بطُل العجب، فالمشاعر السلبية قد يكون لها مثيرات يجب أن نتجنبها. بعد معرفة الأسباب والمثيرات يأتي التفكير في الحلول وفي كيفية التعامل مع المثيرات ثم تغيير السلوك.
قد يكون من المناسب التحدث عن مشاعرنا السلبية فغالبا ما نتردد عن الحديث عن أحزاننا ومشاعرنا ومشاكلنا لأننا ربما نخاف من إذاعة أسرارنا لمن لا يحفظها أو يقدرها ويفهمها ربما لخوفنا من تحييد هذه المشاعر عن سياقها وتحميلها في غير محملها كل تلك المخاوف وغيرها مخاوف مشروعة تجعلنا نُحجم عن التحدث عن مشاعرنا وهنا نقول لا تتحدث عن مشاعرك ومشاكلك للعامة أو لمن لا تعرفه جيدا بل تحدث مع من تعرفه وتثق به وبحكمته وبرأيه السديد وترتاح إليه لأن ذلك سيخفف كثيرا من القلق ويحسّن المزاج وربما يفتح لك بابا جديدا في التعامل مع مشاعرك السلبية أو المشكلة التي تعاني منها. إن التحدث مع من تثق به حتما سيزيل عنك الألم وسيزيل عنك مشاعر الوحدة أمام هذه المشاعر السلبية ويفتح لك باب الأمل.
قم بفعل شيء أو أشياء تحبها كالرياضة أو المشي، الجلوس على البحر والتأمل والتفكر، الجلوس مع صديق تميل وتستمتع بحديثه في مقهى أو مكان هادئ، من المهم أن تكسر دائرة المشاعر السلبية لأن استمرارها سيضعف من قوتك العقلية والجسدية. إستعمل ما حولك من الإمكانيات ولا تنتظر ما لا تملك فالإنتظار مع سيطرة المشاعر السلبية سيضاعف تأثيرها، لا تستهين بعمل أشياء تحبها ولو كانت بسيطة لأنها قد تكون بسيطة، ولكن ربما تقودك وتفتح لك بابا من أبواب التمتع والسعادة وتنسيك مشاعرك السلبية.
اعتني واهتم بنفسك فإن لم تملك مبادرة الإعتناء بنفسك فمن يملك لك ذلك فما حك جلدك مثل ظفرك، أدعوك لممارسة رياضة المشي في الصباح المبكر أو قبل أو بعد الغروب بقليل إختر مكان هادئ يساعدك على التفكر وراجع نفسك، أفعالك، علاقتك بالآخرين، أخطائك، كيف تحسن من تفكيرك وسلوكك الإيجابي كيف تبتعد عن المشاعر والسلوك السلبي، تكلم مع نفسك عن تلك المواضيع في جو من الإسترخاء والتفكر الإيجابي حاول أن تبتعد عن التفكير السلبي ستجد النتائج إيجابية فأنت من يصنع قرار نفسك.
أخيرا إن التفكير الإيجابي مبعثه الهدوء، الطمأنينة، الثقة، الإصرار، العزم، هذه عناصر قوة في السيطرة على وتغيير مشاعرنا السلبية مع الإقرار بأننا مختلفون في الفهم والتعليم والثقافة والقدرات وغيرها فمن الضروري استحضار تلك العناصر حين التعامل مع الآخرين لأننا مجبرون للتعامل معهم فهم جزء منا ونحن جزء منهم على اختلافهم وتنوعهم خاصة الذين يكونون مصدر إثارة لمشاعرنا السلبية فكن إيجابيا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً