كانت ليلة الجمعة، ليلة إعلان الإنقلاب العسكري في تركيا عبر وسائل الإعلامية الحكومية ليلة تاريخية لتركيا وللمنطقة برمتها تابعها وراقبها مسئولي المخابرات ورؤساء الدول الكبرى والمهمة في المنطقة والعالم لما لتركيا من حجم كبير في المنطقة من ناحية ولسياسات رئيسها أردوغان الجدلية والقوية التي ضايقت وأحرجت الأصدقاء و أربكت الأعداء معا..
نجح أردوغان وحزب العدالة والتنمية منذ انتخابه في سنة 2002 في القفز بتركيا من دولة مدينة فقيرة إلى دولة في مصاف الدول العالمية الأقوى إقتصاديا. تبين نتائج دراسات المصرف الدولي الإقتصادية وفق ترتيب الناتج المحلي الدولي لسنة 2015 بأن تركيا جاءت في المركز السابع عشر دوليا من حيث القوة الإقتصادية بناتج محلي بلغ نحو 799.5 مليار دولار وبنسبة نمو بلغ متوسطها 6.5%، ليصل المتوسط السنوي لنصيب الفرد من الناتج المحلي بحلول العام 2015 إلى 12859 دولارا لتتقدم تركيا إلى المرتبة الرابعة عشر من حيث دخل الفرد !!! الذي زار تركيا في السبعينيات والثمانينات وزارها بعد حكم أردوغان لاشك أنه يلاحظ الإختلاف الكبير في شوارعها، في بنيانها وعلى حالة أفرادها، هذه شهادة الأعداء التي تُمليها الأرقام وليس الأقوال..
من العلامات الفارقة بين عهد أردوغان وما قبله هو حرية العبادة، كان الأتراك محرومون من إقامة شعائر دينهم الإسلامي حيث قادتني قدماي في زيارة لتركيا نهاية الثمانينات ورأيت بأم عيني وكان لي شرف الوقوف على بعض الحلقات السرّية لتحفيظ القرءان والدروس الدينية حيث تعرفت على أحدهم في إحدى المساجد وكعادة أي مسلم تجادبنا أطراف الحديث عن قضايا الإسلام والمسلمين عدة مرات دعاني بعدها لتلك الحلقات بإحد جبال اسطنبول لأرى بأم عيني ما عاناه المسلمون لإقامة شعائرهم الدينية في دولة إسلامية ؟؟!!! هكذا أريد لتركيا وشعبها ليدفع غاليا ثمن دفاعه ونشره للإسلام في أسيا وأوروبا. مُنع الآذان، منع ارتداء غطاء الرأس “الطاقية” لا لشيء إلا لأنها ترمز للإسلام، منعت الوظائف الحكومية على كل من له لحية كما منع الحجاب على الطالبات داخل المدارس والجامعات كما منع أيضا على الموظفات داخل مؤسسات الدولة؟؟!!! هكذا كانت تركيا.. وهكذا أريد لها..
ولكن الله غالب أمره ولو كره الكافرون، غالب أمره ولو كره المنافقون الحاقدون من بني جلدتنا؟؟!!! تدخّل الجيش التركي فانقلب على حكومة منتخبة وشنق رئيسها عدنان مندريس وإثنين من معاونيه في عام 1960 الذي اهتم بميكنة الزراعة فأصبحت تركيا حينها بلد يصدر الحبوب والخضار والفواكه لأوروبا وغيرها بماذا اتهموه العسكر: وجهت إليه تهمة مساندة وإرضاء المشاعر الدينية للفلاحين ؟؟!! عجيب أمر هؤلآء… وها هم العسكر يعيدون الكرة فيحاولوا الإنقلاب على حكومة مدنية وقتل رئيس منتخب أنقذ تركيا من الفقر وجعلها في مصاف الدول الإقتصادية الأقوى.
إن للسياسة وللحكم رجال مدنيين بعيدون كل البعد عن تكوين العسكر، فطبيعة الدراسة والتكوين النفسي للعسكر من تدريب على العنف والطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر وعدم المناقشة وإبداء الرأي لا تتماشى مع الحياة المدنية والحرية والحقوق وغيرها من القيم الأخلاقية والمدنية التي يتوق إليها الأحرار ولا يعرفها ولا يدرسها ولا يهتم بها هؤلآء ولنا أمثلة سيئة في الدول العربية التي حكمها العسكر لعشرات السنين، هل أصبحت الدول العربية تحت حكمهم الطويل في مصاف الدول المتقدمة؟ أم هل انتعش إقتصاد تلك الدول؟ هل إرتفع مستوى دخل المواطن؟ هل تمتعت الدول بالرخاء والإزدهار في ظلّهم وظلمهم، وأخيرا هل ردُّوا إلينا بيت المقدس وهم أهل الحرب والقتال؟؟؟ فلا هم فعلوا هذه ولا تلك. يا أيها العسكر نحن لسنا من الذين يبحثون عن قشة يتعلقون بها، فالمؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
صح لسانك اخي نوري