العرب اونلاين: ليبيا ليست في أزمة

أثبت البرلمان الليبي أنه برلمان جدي، بل أثبت الشعب الليبي أنه شعب جدي ويتسلح بوعي حاد.

المؤتمر الوطني الليبي العام “البرلمان”

ليبيا اليوم دون حكومة لكن وضعها مستقر فليس ثمة إحساس بأزمة حقيقية، هذا لأن البرلمان منتخب بعملية شفافة ونزيهة حقا، إذن هو ديمقراطي. ومجلس كهذا يستطيع أن يقود الدفة ليس بالضرورة بكفاءة عالية ولكن بالتأكيد برضا الناس، وهذا هو المهم.

الديمقراطية في عمقها عقلية وليست نتائج فحسب، وما فعله البرلمان الليبي يؤكّد أن أعضاءه تصرفوا بوعي ديمقراطي عميق لأنهم رفضوا منطق المحاصصة، وتوافقات تحت الطاولة، والترضيات.

لم يكونوا مجبرين على أن يخضعوا لمنطق تسريع بناء المؤسسات وملء الفراغ، فالمؤسسات التي تبنى سريعا قد تسقط سريعا، لكن حين تبنى بعقلية ديمقراطية وبالحوار المعمّق تستمر طويلا وتكون فاعلة ويهابها المتاجرون بالوعود.

واضح أن رئيس الوزراء المنتخب تعرض لضغوط من الإخوان المسلمين ليزيد من حصتهم في الحقائب الوزارية، ويبدو أنه انصاع لهم فخسر رئاسة الوزارة.

وواضح أيضا أن الإخوان المسلمين وحلفاءهم لديهم دالّة على مصطفى أبو شاقور، هنا يجب أن نعود إلى نتائج الجولة الأولى من انتخابات رئيس الوزراء. لم يكن أبو شاقور متصدرا بل كان يلي محمود جبريل بمسافة.

الأرقام كانت كالتالي: محمود جبريل 86 صوتا، أبو شاقور 55 صوتا، مرشح الإسلاميين 41 صوتا.فكان أن صوت الإسلاميون كلهم لأبو شاقور ليصير 96 صوتا بينما زاد جبريل بمقدار ثمانية أصوات ليصبح 94 صوتا، الفارق بين الرجلين لا يتجاوز الواحد بالمئة.

مصطفى أبو شاقور شخصية معتدلة متوسطة بين علمانية الدولة عند جبريل والدولة الدينية مطلب الإسلاميين. بهذه الوسطية حصل على الخمسة والخمسين صوتا. لكن الإخوان تصرفوا على أنهم جاؤوا به بالأربعين صوتا، ويبدو أنهم أسرفوا في المنّة.

الغريب الذي كان ينبغي أن تتوجه إليه الأنظار منذ البداية هو أن داعية الدولة العلمانية، محمود جبريل، حصل على 45 بالمئة من الأصوات بينما حصل دعاة الدولة الدينية على أقل من نصف هذه النسبة، أي نحو 20 بالمئة أو لنقل إن الشعب الليبي وواقع نحو ثمانين بالمئة منه لا يريد الإسلاميين ولا إقامة دولة دينية.

ثم إن مجموع من صوتوا لإقالة أبو شاقور بلغ 125 صوتا أي أن أكثر من نصف من اختاره في الجولة الأولى صوت ضده. الصورة العامة إذن هي أن الشعب الليبي لم يرفض الإخوان وحلفاءهم كنزوة طارئة بل رفضهم بتصميم وعناد.

ليست هناك أزمة سياسية كما ذكرنا بل إن ما حصل في ليبيا وبرلمانها لا يعدو كونه ما يسمونه “ندم المشتري بعد الشراء”. وهذا أمر ليس بالأزمة فلك أن تعيد ما اشتريته وتسترجع نقودك، فما زاد البرلمان الليبي على فعل هذا.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً